- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من يضع العصا في عجلة الإصلاح ؟
بقلم: حنان الزيرجاوي
الصراع بين الخير والشر هو صراع ابدي فما من مصلح الا ويقابله مفسد يعمل بالضد منه والامثلة على ذلك كثيرة تمتد على طول التاريخ البشري ولعل الانبياء والاوصياء هم أكثر من كافح في سبيل الاصلاح وأكثر الناس تعرضا للظلم والقتل والتنكيل.
الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) اعظم مصداق للمصلح يقول في حديث شريف له (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) وهذه الحقيقة تعكس الصعوبات والمخاطر والمحن التي ترافق عملية الاصلاح، بدأت معاناة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ بداية البعثة ونشر مبادئ الدين الإسلامي الحنيف لإصلاح الأمة وايقاظها من دوامة الجهل والعبودية ومما كانت عليه من ظلم وجور واضطهاد، إذ شرع الرسول الكريم بتطبيق القوانين والتعاليم الإلهية ليصلح واقع الأمة المزري آنذاك وانتشال افراد المجتمع من مستنقع الوحل والظلام المستبد، لكن هذا الإصلاح لم يرق للفاسدين والجهلة فقاموا بمواجهة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ووضعوا العراقيل أمام مسيرته الاصلاحية، فعانى ما عانى من قريش وغيرها حتى ألتحق (صلى الله عليه وآله) بالرفيق الاعلى بعد ان أدى رسالته السماوية العظيمة، ليواصل أهل بيته (عليهم السلام) نشر تلك الرسالة بتكليف إلهي وتولوا مهام الاصلاح في زمانهم و قوبلوا بالرفض، تعرضوا لأبشع انواع الظلم من قبل المفسدين الذين لا يريدون نشر العدل والمساواة بين المجتمع، فهم ضد حرية الإنسان وتحرره، لذلك عندما خرج الإمام الحسين (عليه السلام)، خرج مصلحاً للمجتمع آنذاك وقال في وصيتة لأخيه محمد بن الحنفية ليبين هدف خروجه (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر).
وكانت ضريبة الاصلاح عظيمة تمثلت بسفك الدماء الطاهرة لآل البيت سلام الله عليهم والثلة الطيبة الذين كانوا معهم من قبل فراعنة ذلك الزمان ومفسديه، وبذلك رسم سيد الشهداء خارطة الاصلاح بدمه الطاهر وصار أعظم مثال لكل منتفض وثائر من أجل الاصلاح، في استقراء حياة المصلحين نجد ان لابد من وجود قائد مصلح واتباع على درجة عالية من الوعي وهذا ما كان عليه انصار سيد الشهداء، وتستلزم عملية الاصلاح في كثير من الاحيان التضحية بالغالي والنفيس في سبيل هدف سامي وقضية عظيمة، كما لابد من تشخيص مكامن الفساد وكيفية مجابهته لاسيما في زمن الفتن وتضليل الحقائق ولخطورة هذا الموضوع تطرقت له المرجعية الدينية العليا متمثله بسماحة ايه الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) وحددت الفئات التي تستهدف العملية الإصلاحية وذلك من خلال خطبة الجمعة في (4 آيار 2018م) حيث قالت أن الفئات أو الطبقات (الثلاثة) المُعارضة للعملية الإصلاحية هي كالتالي:
ـ الفئة الأولى: وهي الطبقة المتنفّذة والمتسلطة في المجتمع. ويعود ذلك إمّا بسبب موقعها السياسيّ أو المالي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعلامي حتى تسلّطت على مختلف شؤون الحياة للناس، وهذه الطبقة هي الأكثر تمرّدا ً ورفضا ً للحركة الإصلاحيّة بسبب استكبارها وخشيتها من فوات مصالحها السياسيّة أو مصالحها الدنيويّة، وأنفتها واستعلائها وهي الأكثر خطرا ً على الحركة الإصلاحيّة والأكثر ضررا ً بالحركة الإصلاحيّة.
ـ الفئة الثانية: وهي الطبقة الجاهلة أو (غير الواعية) التي ليس لديها الوعي الكافي أو النضج الكافي بالحركة الإصلاحيّة, وهؤلاء الذين ينساقون ويسيرون وينعقون خلف كلّ ناعق، خصوصا ً مع وجود الوسائل الإعلاميّة القادرة على التضليل والتجهيل، هؤلاء بسبب قلّة وعيهم وعدم نضجهم وعدم دراستهم لحقائق الأمور يسيرون خلف كلّ جهة، خصوصا ً تلك الجهات التي تملك التأثير الإعلاميّ الواسع وتنهج نهج التضليل والتجهيل، ويقفون ضدّ الحركة الإصلاحيّة.
ـ الفئة الثالثة: وهي الطبقة التي تتحكّم بها الأهواء والشهوات والأمزجة الشخصية، وتسير أحيانا ً خلف نزعاتها القوميّة أو العشائرية، أو تكون أسيرةً لفكرها في الماضي ولا تقبل أيّ نقاش في هذا الإرث الفكري الماضي لها.
وهذه الطبقات (الثلاثة) يكون موقفها سلبيّا ً تجاه الحركة الإصلاحيّة، كونهم جميعا ً واقعون في العمى القلبي والنفسي الذي يجعلهم يرفضون دعوة الإصلاح، ويكون موقفهم سلبيّا ً تجاه حركة الإصلاح ويمنعهم بالتالي هذا العمى القلبيّ من رؤية الحقّ واتّباعه.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!