بقلم: أياد السماوي
أصداء العدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك على مقرّات ومخازن الحشد الشعبي , لا زالت تتفاعل على المستويين الداخلي والخارجي , خصوصا بعد بياني رئيس هيئة الحشد الشعبي السيد فالح الفياض ونائبه السيد جمال جعفر آل ابراهيم.
لغط كثير أثاره بيان رئيس هيئة الحشد الشعبي السيد فالح الفياض الذي اعتبر فيه بيان نائبه السيد جمال جعفر أنّه لا يمّثل الموقف الرسمي للحشد الشعبي , وأنّ القائد العام للقوّات المسلّحة أو من يخوّله هو المعبر عن الموقف الرسمي للحكومة العراقية وقوّاتها المسلّحة.. ففي الوقت الذي اتهم فيه المهندس الولايات المتحدة الأمريكية باستهداف مقرّات ومخازن الحشد الشعبي في مناطق مختلفة عن طريق عملاء أو بعمليات نوعية بطائرات مسيرّة , أعلنّ أنّ الحشد الشعبي تتوّفر لديه معلومات دقيقة ومؤكدة أنّ الولايات المتحدّة الأمريكية قامت هذا العام بإدخال أربع طائرات مسيرّة إسرائيلية عن طريق أذريبجان لتعمل ضمن أسطول القوّات الأمريكية على تنفيذ طلعات جوّية تستهدف مقرّات ومخازن الحشد الشعبي , كما أنّ لدى الحشد معلومات أخرى وخرائط وتسجيلات عن جميع الطائرات الأمريكية متى أقلعت ومتى هبطت وساعات طيرانها في العراق , وكيف قامت بالفترة الأخيرة باستطلاع مقرّات الحشد الشعبي وجمعها المعلومات والبيانات التي تخصّ ألوية الحشد ومخازن أسلحتها.
واعتبر المهندس أنّ ما يجري من استهداف لمقرّات ومخازن الحشد الشعبي أمر مكشوف من خلال سيطرة الجيش الأمريكي في العراق على الأجواء العراقية عن طريق استغلال رخصة الاستطلاع واستخدام الأجواء المحلية لأغراض مدنية وعسكرية والتشويش على أي طيران آخر ومن ضمنه طيران قوّات الجيش العراقي , في حين سمح لطائرات أمريكية وإسرائيلية بتنفيذ الاعتداءات المتكررّة على مقرّات ومخازن الحشد الشعبي.. كما حذرّ بيان المهندس من مخطط قادم لتصفيات جسدية لعدد من الشخصيات الجهادية والداعمة للحشد الشعبي.
في حين كان بيان رئيس هيئة الحشد الشعبي السيد فالح الفياض سياسيا حتى في توجيه الاتهام بالرغم من توافر جميع الأدلة على توّرط الولايات المتحدّة بالعدوان على القوات المسلّحة العراقية بمساعدة إسرائيل , واكتفى البيان بتوجيه أصابع الاتهام إلى جهات خارجية بأنّها وراء هذه الانفجارات الأخيرة.. وقد روعي في هذا البيان السياسي ليكون منسجما مع موقف الحكومة بعدم توجيه الاتهام إلى الولايات المتحدّة تجنبا للمشاكل معها ومراعاة للمصالح التي تربط العراق مع الولايات المتحدة.
وما جاء في بيان المهندس إنّما لإطلاع الشعب العراقي على حقيقة ما جرى من عدوان غاشم على مقرّات ومخازن الحشد الشعبي من قبل أمريكا وإسرائيل , كون السيد جمال المهندس هو القائد الميداني والمشرف على كلّ مديريات الحشد وألويته والشخص الذي أدار وقاد كلّ معارك التحرير التي خاضها الحشد ضد داعش , وبحكم المسؤوليات الجسام التي تحملّ عبئها المهندس في إدارة الصراع مع داعش وبناء صرح الحشد الشعبي , فإنّ واجبه الشرعي والقانوني كقائد ميداني أن يدافع عن الحشد كمؤسسة عسكرية عراقية ضدّ اي استهداف ومن أي جهة كانت , فكيف إذا كانت كلّ الأدلة تدين الولايات المتحدة الأمريكية في استهدافها للحشد الشعبي , وموضوع عداء أمريكا وإسرائيل للحشد الشعبي واستهدافهما له , لم يعد أمرا مخفيا أو سرّيا , فأمريكا تعلن بشكل علني أنّ الحشد الشعبي هو مليشيات إيرانية وعليها أن ترحل عن العراق.
إنّ البيان الذي أصدره نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السيد جمال جعفر لا يعبّر عن رأيه الشخصي , بل يعبّر عن رأي مؤسسة الحشد من العدوان الذي تشّنه أمريكا وإسرائيل على العراق.. وأنّ استهداف الحشد هو الطريق لضرب الوضع الأمني في العراق وزعزعة استقراره وإضعاف قواته المسلّحة لتسهيل التدّخل الأجنبي في شؤونه وعودة الإرهاب مجددا إلى العراق.
إنّ المهندس في بيانه قد وضع الحكومة العراقية أمام مسؤولياتها في حماية العراق وأمنه وحماية قواته المسلّحة وأجوائه من الطيران المعادي الذي يستهدف قواته المسلّحة.. والقول أنّ بيان المهندس لا يمّثل رأي الحكومة هو قول سياسي روعيت فيه الاعتبارات السياسية , وهنالك فارق بين الرأي السياسي والرأي الميداني القائم على مجريات الأحداث على الأرض.
أقرأ ايضاً
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي
- الغدير.. بين رأي السياسي وقراءة المخالف
- اختلاف أسماء المدن والشوارع بين الرسمية والشعبية وطريقة معالجتها