أياد السماوي
كشفت عضوة لجنة النزاهة في مجلس النوّاب العراقي السيدة عالية نصيف عن وجود تزوير خطير بالموازنة العامة التي أقرّت داخل مجلس النوّاب , مشيرة إلى أنّ هنالك ورقة كارثية أضيفت إلى بنود الموازنة العامة تتعلّق بكردستان دون أن تمرّ على أعضاء البرلمان , وأوضحت السيدة نصيف أنّ هذه الورقة الكارثية قد مررت على البرلمانيين ورئاسة البرلمان والجهات الرقابية دون أن يلاحظوا وجودها.. وبعد هذا الاتهام الذي تحدّثت عنه النائبة نصيف ضمن برنامج وجهة نظر الذي يقدّمه الإعلامي الدكتور نبيل جاسم , أصدرت اللجنة المالية النيابية يوم أمس الخميس 1 / آب / 2019 بيانا بشأن التزوير الذي تحدّثت عنه النائبة نصيف , حيث أوضحت اللجنة المالية في بيانها أنّ مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية وصل إلى أروقة مجلس النوّاب بتاريخ 24 / 10 / 2018 من قبل الحكومة السابقة بكتابها المرّقم (37393) , وأضاف البيان أنّه تمّ عرض ومناقشة الموضوع على مجلس النوّاب لاتخاذ قرار بشأن إعادتها إلى الحكومة لتنسجم مع البرنامج الحكومي للحكومة الجديدة أو قبولها مع تشكيل لجنة مشتركة من مجلس الوزراء ومجلس النوّاب لغرض تعديل بعض الفقرات انسجاما مع رؤية الحكومة الجديدة..
وقد تمّ تبّني الرأي الثاني وشّكلّت لجنة حكومية حسب كتاب الأمانة العامة رقم (38989) في 07 / 11 / 2018 , وقد اجتمعت هذه اللجنة مرتين مع اللجنة المالية السابقة برئاسة رئيس السن للاتفاق على بعض التعديلات لعرضها على مجلس الوزراء والتصويت عليها قبل إرسالها بصيغتها النهائية لمجلس النوّاب.. وبعد المناقشات عليها من قبل الجهات المختّصة تمّ إرسال النسخة الثانية مع بعض التعديلات على مسودّة قانون الموازنة العامة بكتاب رسمي من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالرقم (44153) في 19 / 12 / 2018 , وأرسلت إلى اللجنة المالية بنفس اليوم لغرض اعتمادها , ثمّ بعد ذلك ألحقت النسخة الثانية وبعد قرائتها قراءة أولى بكتاب وزارة المالية المرّقم (25064) في 12 / 11 / 2018 وبتوقيع وزير المالية الكردي السيد فؤاد حسين والذي يشير في الفقرة 4 من هذا الكتاب إلى الأخذ قدر المستطاع بتعديل بعض النصوص الواردة بمشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2019 أو إضافة نصوص قانونية جديدة فيما يخص الحكومة الاتحادية أو إقليم كردستان بما فيها تعديل نص المادة (10 – أولا / ثانيا / ا- ب – ج) وإدراج الفقرة ثالثا من المادة 10 والتي تتعلّق بإقليم كردستان , باعتبار وزير المالية مخوّل بمتابعة تعديل مسودّة قانون الموازنة من قبل مجلس الوزراء.. ووصول كتاب جديد من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالرقم 73 في 02 / 01 / 2019 مرفقة فيه نسخة جديدة من مسودّة قانون الموازنة فيها تعديل على المادة 10 بالكامل.. حيث تمّ إعادة صياغتها بالاتفاق مع الكتل السياسية..
ومن أجل أن يطلّع الرأي العام والشعب العراقي على الحقيقة كاملة نوّد أن نوّضح الآتي:
إنّ النص المعدّل على المادة 10 من قانون الموازنة العامة لم يعرض على مجلس الوزراء , وقد أرسل مباشرة إلى مجلس النوّاب من قبل اللجنة الحكومية لتعديل الموازنة من خلال كتاب الأمانة العامة رقم 73 في 02 / 01 / 2019 , وهذه مخالفة صريحة لقانون الإدارة المالية النافذ الذي يوجب موافقة مجلس الوزراء وبجلسة رسمية على أي تعديل أو إضافة في مسودّة قانون الموازنة العامة.. وهذا لم يحدث وبالتالي فإنّ ما حصل من تغيير في نص المادة 10 من قانون الموازنة العامة لسنة 2019 قد تمّ خلافا للقانون وتمّ تمريره على اللجنة المالية ومجلس النوّاب.. وتمّ التصويت والموافقة عليه في مجلس النوّاب واصبح قانونا نافذا.. وبالتالي فإن ما حصل من تغيير في نص المادة 10 من قانون الموازنة ليس تزويرا بمعنى التزوير , بل هو عملية استغفال فاضحة للجنة المالية ومجلس النوّاب.. وهذا الاستغفال قد تمّ بسبب التخويل الذي منح لوزير المالية الكردي من قبل مجلس الوزراء واللجنة الحكومية المكلّفة بتعديل قانون الموازنة العامة.. وبموجب نص الفقرة ج من ثانيا من المادة 10 من قانون الموازنة العامة التي أقرّها مجلس النواب العراقي , أصبح لزاما على الحكومة الاتحادية إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان حتى وإن لم يسلّم الإقليم برميلا واحدا من النفط إلى شركة سومو , وكذلك حتى مع عدم تسوية المستحقات المالية بين الإقليم والحكومة الاتحادية للسنوان 2004 ولغاية 2018 وفقا لما جاء في الفقرة أولا من المادة 10 من قانون الموازنة..
وبالتالي فإنّ ما حصل من تفريط بأموال الشعب العراقي سببه الأول هو التخويل الذي منحه مجلس الوزراء واللجنة الحكومية المشّكلّة لتعديل قانون الموازنة العامة لوزير المالية الكردي , وسببه الثاني هو موافقة مجلس النوّاب في التصويت على المادة 10 من قانون الموازنة العامة , هذه المادة التي الحقت ضررا بالغا بالمال العام العراقي.. فالحكومة بعد هذا التفريط بأموال الشعب العراقي انطبق عليها المثل الشعبي (ودّع البزون شحمة) , ومجلس النوّاب الذي استغفل بالكامل نوابا ولجنة مالية ورئاسة انطبق عليهم أيضا المثل الشعبي (مال عمّك ما يهمّك).. فنهنيئا للشعب العراقي بهذه الحكومة التي فرّطت بأكثر من 4 ترليون دينار عراقي دفعت لحكومة إقليم كردستان بدون أي حق من عائدات نفط البقرة الحلوب البصرة (الفيحاء).. وهنيئا لحكومة إقليم كردستان بوزيرها الذي أبلى بلاء حسنا في استغفال الجميع.. وتعسا لمن استغفل ونهب ماله ولم يحرّك ساكنا...