حسن كاظم الفتال
يا ليل صبري ما هانت بك الريبُ ** ولا تهاوى على آنائك التعب
ما خلتُ فيك إلى بدرٍ مصاحبةً ** وما صباحك للسراء ينتسبُ
تنهيدة الطير أو حسرات فاختةٍ ** تسابقت فيك لما عافها الطرب
غبش التأمل لو بدرٌ به بزغا ** فبالدجى جئته طعنا فيغترب
أورثت كل حسودٍ غيهبا ودجى ** وبئس إرثٌ بغلٍ خلَّفَ الغضبُ
فلا يحدق إلا حاسدا نِعَما ** من أنعم الناس فيه الغيظ يلتهب
لا نأمن الدار إن حل الحسود بها ** فمن ضروع مآسي الناس يحتلب
عذرا إذا صوب الحسادُ في ضِغَنٍ ** سهامهم باللظى كي تفرغَ الجعب
لم تُردِ بأسي ولكن حين منبتها ** بعمق روحيَ أضنى مهجتي الوصب
فربما البدر ينسل الخسوفُ له ** وترعد السحبُ كيما تذعن الحجبُ
لكنما النور منشقٌ يباغتها ** يسامر الكونَ حتى تنطوي السحب
لِمَ الزمانُ كسانا شمل مأثمة ** عن النفوس لِمَ الإحسان يغترب ؟
بيَ المقاصدُ حرَ المشتكى نزفت ** وراح قلبي بذاك النزف يختضب
وللخصوم بعفوي يصطلي كبدي** سماً زعافا بكاس العفو قد سكبوا
بصفحة القلب آثاما لقد كتبوا **وبالتسامح أمحو كل ما كتبوا
مستوحشُ الدربِ شوطاً قد قطعت وما ** سوى اصطباري بسيري كنت أصطحبُ
لعل قولي به أنوي مزايلةً ** وما افتضاحاً لسرٍ سوف أرتغب
كل الحروف سأتلوها مقدسةً ** ولا لأحرفِ إفشاء سأنتخب
أهالني غدر أفراد حسبتهمو ** صفو المرايا تمرت فيهم النجب
وبعضهم زيه الديني يوحي لنا ** بأنما الدين هدياً منه يكتسب
أغرى العيون وقد ذرى الرماد بها ** كادت من الرمد المشؤوم تقترب
فقلت يا صاح هلا تزجي أقنعة ** لأرنو وجهك لما يجفوه القطب
أزح لثامك كي تتلوك أعيينا ** رغم الزحام رموزاً فكها الكثب
الدين ليس قباءً تستزين به ** ولا حقيبة درس ملؤها الكتب
ولا ضجيج صراخ في مناورة ** وليس حشوا به تُستَكمَلُ الخطب
الدين نفحُ ضميرٍ نستعيذ به ** من الشياطين إن رامت لتقترب
الدين صولةُ عباس بغيرته ** على العقيدة لما راح يحترب
وصدح عابس لما جن من ولهٍ **رام الشهادة كي للسبط ينتسب
ونصحُ جون الذي أهوى على قدمٍ ** لسيد الشهداء كي يُحسَنَ النسبُ
الدينُ نهجُ حسينِ السبطِ جوهره ** يموج فيه الهدى ما عنه يغترب
الدين بسملةٌ تتلوه خاشعةً ** ضمائرٌ إن نوى ينتابها الوصب
يُجلي القلوب إذ صَدَأُ يلوت بها ** ينزه النفسَ إن قد مسها لغبُ
سحائباً صغتَ بالإغراء خادعةً ** وألفَ نجمة حقٍ غطت السحب
وترتدي حين تلقى الناس وجهَ نبي ** وأعينُ الناس بعضُ الناس تعتصب
ألقاك مبتشرا في وجهي مبتسما ** لكن ذاتك فيها يسعر الغضب
عليلة أنفسُ الخداع دون شفا ** قل هل يُطَيِّبُ طعمَ الحنظلِ الرطب ؟
وحسبي الله لما جئتَ في صلف ** سعيتَ للغدرِ حقاً مني تستلب
مالي سوى السبط عونا في منازلتي ** هو الدليل لمن بالله يحتسب
حبُ الحسين به بل بالولاء له **أضبُ جرحي بصبر لست أرتهب
لولا الحسينُ لما قدرٌ لنا ارتفعا ** وصاحبتنا إلى أعلى الذرى الرتب
لا تحسب الليل دواما يطول بنا ** فبهجة الصبح دكنا منه تستلب
الشمس سرمد إيناسٍ يسيرها ** بسوطِ خلده ظَهرُ الليل يلتهب
فسوف يقدم صبحٌ أستضيء به ** وأنت والليل قد تخفيكما الحجبُ
وسوف نلقى الذي بالظلم أوجعنا ** بأي منقلب في الوعد ينقلب
أقرأ ايضاً
- تقرير مصور:كربلاء تحيي ليلة استشهاد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام
- صدور كتاب فضل أمير المؤمنين عليه السلام
- ما مدَّ لي زمني يدَ الإنصافِ