سالم مشكور
بين إسقاط إيران لطائرة التجسس الأميركية وإعلان الرئيس ترمب سحب موافقته على ضرب أهداف إيرانية، كان اكثر من طرف عراقي وإقليمي ودولي يحبس أنفاسه قلقاً مما سيجري. بالمقابل كانت هناك أطراف تفتقر الى الرؤية الثاقبة وتجهل حقيقة الإيرانيين وطريقة تعاطيهم مع الاخطار الخارجية، تنتظر من ترمب أن يردّ بإعلان حرب أو على الأقل توجيه ضربات محددة وموجعة لإيران.
بنظرة ضيقة، في العراق والمنطقة يجري وضع من يعارض الحرب على ايران في خانة العمالة أو الارتباط بإيران، فيما آخرون يدفعون باتجاه الحرب، أو يتمنونها، في موقف أقل ما يوصف بأنه محدود النظر والوعي. بعض العرب أمثال وزير الاعلام الأردني الأسبق صالح القلاب طالب بأن يشارك العراق في هذه الحرب تكراراً لسيناريو حرب صدام التي شنها بعض العرب على ايران بأجساد العراقيين وأوصلوه الى ما وصل اليه اليوم. الانقسام نفسه موجود في الساحة الأميركية، بين فريق يدعو للحرب ويدفع باتجاهها، وآخر يعارض الحرب ويتهم الأول بالتضحية بمصالح أميركا وسمعتها من تصريح من البعض بان هذه الحرب هي في مصلحة دولة أخرى هي إسرائيل.
صقور الجمهوريين من سياسيين وعسكرين يدفعون دائماً نحو الحرب عموماً، ومع إيران حالياً بشكل محدد. هم مارسوا أقصى ضغوطهم على الرئيس بعد اسقاط الطائرة الأميركية المسيّرة ليرد بضربات ضد مواقع حيوية إيرانية. ترمب أعطى الموافقة لكنه تراجع قبل دقائق من التنفيذ في لحظة تعقّل وحسابات موضوعية قدمها له بعض مستشاريه. قال في تغريدته إنه تراجع بعدما علم أن ١٥٠ إيرانيا سيموتون في هذه العملية. يصعب تصديق هذا التبرير في ظلّ وجود نشاط عسكري واستخباري أميركي حول العالم يتسبب بمقتل المئات بل الالاف.
كثير من الخبراء العسكريين الاميركيين حذروا من التصعيد مع ايران، أعلنوا بصراحة بان هذه الحرب ستكون حرب فيتنام ثانية، وأن بدء الحرب قد يكون سهلا لكن انهاءها لن يكون سهلاّ، وحدودها لن تقف عند ايران والمنطقة أحدهم قال بصراحة ان التاريخ يؤكد أن نفس الإيرانيين الطويل لا يظهر في حياكة السجاد فحسب بل في الحروب أيضا وآخرها الحرب العراقية الإيرانية التي رفضت ايران ايقافها الا بعد ثمان سنين.
الاميركيون الرافضون للحرب مع ايران ينطلقون من مصالح بلادهم، وإذا كانوا يرون الحرب مضرة لهم وهم على بعد الاف الاميال، فكيف سيكون حالنا نحن المجاورين لإيران إذا ما اندلعت الحرب.
هكذا نفكر نحن بمصالحنا أيضا، وليذهب من يريد استخدامنا أداة في سياساته وأحقاده...الى الجحيم.
أقرأ ايضاً
- جائحة عادل عبد المهدي أولاً ..
- النفايات أولاً
- الاحتلال الأميركي في العراق النفط أولاً والكهرباء أخيراً