سالم مشكور
عندما حظر البرلمان لعبة بوبجي الالكترونية تصدى الكثيرون الى هذه الخطوة وتناولوها بالاعتراض أو السخرية مقللين من أهميتها، لكن أمر هذه اللعبة وعدد آخر من الألعاب الالكترونية كان موضوع نقاش ودراسات ومعالجات في أنحاء العالم، بينها حلقة بحثية عقدت في دبي في إطار اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الالكتروني التابعة للجامعة العربية. بحوث مهمة قدمها المشاركون ومداخلات غنية بالمعلومات أجمعت كلها على أن بعض هذه الألعاب يحمل خطراً كبيراً على الأطفال، على الصعيد الصحي والسلوكي والذهني، فضلا عن الخطر الأمني "الشخصي والعائلي والوطني" الذي تحمله بعض هذه الألعاب. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الألعاب أحدثت تغييرا سلوكيا لدى الأطفال بينها النزعات العنفية والتمرّد على الوالدين بل والتطاول عليهم، وكذلك التراجع في المستوى العلمي. أحد الباحثين تحدث عن تجربته الشخصية مع ابنه الذي قال انه تراجع كثيرا في سلوكه وأخلاقه ودراسته بفعل بعض هذه الألعاب حتى اضطرهم الى التدخل بقوة ومنعه من ممارستها ليعود الشاب بعدها الى مستواه الدراسي السابق. يقول الباحث الاماراتي ضرار أبو الهول إنه اعتمد على مقولة تعلمها من والده في تربيته لأبنائه تقول "صياحك ولا صياحنا عليك"، بمعنى ان احتجاجات الأبناء على منعهم مما يرغبون أفضل من بكاء الاهل عليهم لاحقاً.
الباحثون أجمعوا على محاور رئيسية بينها:
· المنع الرسمي مطلوب، وكذلك القوانين الرادعة لكنها لا تحل المشكله وحدها.
· الوقاية من مخاطر الألعاب الالكترونية خير من معالجة آثارها السيئة والمسؤولية الأولى في هذا المجال تقع على عاتق الاسرة في الدرجة الأولى ثم المؤسسات الرسمية والدينية والقافية والإعلامية.
· هناك حاجة الى ابتكار ألعاب بديلة تمارس فعلا تربويا أخلاقياً تجعل منها مصدر بناء للطفل بدل الألعاب الحالية التي تقدم – في أحسن حالاتهاـ ادماناً لا يقدم الى الطفل سوى الضرر.
الادمان الالكتروني هو الإطار الاوسع للجوانب السلبية للتطور التقني المتسارع لعالم المعلوماتية. من الخطأ الحديث عن مخاطر التطور المعلوماتي، فهذه تقنيات وأدوات مفعلوها يتحدد على أساس المضمون الذي تقدمه، وكذلك كيفية التعامل معها، وما الألعاب الالكترونية الا جزءٌ من هذه التقنيات. المطلوب توقّي الاستخدام السيء لهذه التقنيات، وليس الامتناع عنها. العائلة تتولى المسؤولية هنا، عبر منع السيء منها وتقنين الإيجابي لنع حصول الإدمان الالكتروني لدى الأبناء وهو لا يقل في خطورته عن الإدمان على الكحول أو المخدرات أو التدخين. خطورته دفعت الكثير من الدول الى استحداث عيادات للمعالجة منه.
البداية من العائلة، وما أحوجنا الى استعادة الوالدين لدورهما في التربية وبناء السلوك والأخلاق السليمة لدى الأبناء.