- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
القنوات الفضائية الدينية ومنهجية التجهيل ...الجزء الرابع
حسن كاظم الفتال
تلكئِية المنهجية
ــــــــــــــــــــــــ
أما القسم الآخر من القنوات الفضائية أو الإذاعات رغم أن دوراتها البرامجية لا تتغاير عن الأخريات إلا أنها اتسمت بعلامة فارقة إذ أوشكت أن تحشر منهجيتها في عنق زجاجة ذلك العنق هو ارتكاز برامجها الحوارية على الاستضافات التي استهوت بعض مقدمي البرامج من أولئك الذين احتلوا مواقع الصدارة بسبب (الهيجان الإعلامي) وكان سواهم أولى بتصدرها فتجدهم يتسابقون على استضافة شخصيات ينتمون إلى الحوزة العلمية ويعتقدون بأنهم يمثلون الواجهة الدينية ليتخذوا منهم مصداقاً للشعارات أو للصبغة الدينية التي تصطبغ بها القناة الفضائية أو الإذاعة.
ويظن المقدمون بأن هذه الشخصيات جاهزة تمام الجهوزية للخوض في كل المجالات التي هي خارج نطاق اختصاصهم.
ولعل أبرز ما يجتذب المقدمين لهذه الشخصيات هو الهيئة أو الزي الذي ترتديه الشخصية وليس اعتماد عنصر حسن الإختيار. ومن المقدمين مَنْ أطلق العنان للمحسوبية والمنسوبية لتأخذ دورها فضلا عن رغبته الجامحة في المجاملة. وتفضيل من يرغب تفضيله بعيدا عن التحقيق والتدقيق والتمحيص والتأكد من علمية واختصاص وقابلية الضيف ومستواه العلمي.
دون التحري والتقصي والتحقق من سيرة الضيف الشخصية هل استكمل المراحل الدراسية الحوزية بتمام مراحلها ومراتبها وحيازة الأهلية واكتساب الدرجة القطعية لامتلاك قدرة الإجابة على الأسئلة والإستفسارات وتوضيح الأحكام الشرعية الفقهية العقائدية التي تطرح من قبل مقدم البرنامج أو من تلك التي ترد من المستمعين عن طريق الإتصالات ؟.
ويخوض أحيانا الاثنان في مواضيع تستلزم التدقيق والتمحيص والتأني بالإجابة. ويستدعي الأمر أن يكون الضيف بكامل الأهلية والجهوزية وعلى أهبة الإستعداد للإجابة الصحيحة الوافية المطابقة لمجريات الأحكام الشرعية.
وما يلفت الإنتباه أحيانا أن بعض الضيوف من يضطر للتهرب من الإجابة تجنباً للتورط أو الوقوع في إشكالات هم في غنى عنها.
أما حين يكون الضيف المتحدث مفرطا أو مبالغا بالإعتداد بنفسه وممن تأخذه العزة بالإثم فيجعل الحبل على الغارب غير آبهٍ لما ستنتج الإجابة المزاجية الإرتجالية فيطوع مزاجه وهواه أو الرأي الشخصي للرد على السؤال مما يؤدي إلى طرح فكرة خاطئة ممكن أن تكتسب ويتم إنتشارها أو ما يحدث إرباكا أو شكوكا تشوش أفكار بعض الرامين لسماع الإجابة. ولو كان الحديث عقائديا ربما يؤدي إلى خلق نعرة طائفية أو خلق شبهات. كل هذا يحصل بسبب إنعدام المهنية والحرفية والتسرع من قبل الجميع بينما حين يكون المقدم ملماً ببعض الأمور وعلى دراية بالأحاديث والروايات لبادر بحكمته وفطنته لتدارك الموقف
إغتنامية الشعائر
ــــــــــــــــــــــــ
وثمة صنفٌ من البرامج تتخذ منها القناة أو الإذاعة الدينية منهجا للترويج والتسويق وتحسبها جزءً مهماً يضمن ديمومة مسيرتها ألا وهي الشعائر الحسينية وكذلك يعتقد المقدمون أن الترويج لها يعتمد على الإستضافات لأشخاص معينين حتى لو تكرر تواجدهم بين فترة وأخرى وسبب تكرار تواجدهم يعود إلى أنهم مشخصون من قبل المعدين لهذه البرامج أو المقدمين وهذا التشخيص غير المدروس يلمح إلى إنعدام أبسط المعايير الإعلامية أو الصحفية والإفتقار للخبرة التي تؤهلهم لاعتماد المائز والفرز بين فرد وآخر أو دراسة الواقع الأدبي الحسيني أو معاصرة الأدباء والشعراء المخضرمين ,لإنتخاب من هو أولى وأحق بإجراء الحوار معه وإغناء الواقع أو المشهد الثقافي بما ينفع. ولكن غياب المهنية والحرفية واحتجاب مبدأ حسن الإختيار يؤدي إلى أن يستضاف المنشد (الرادود) الفلاني والشاعر الفلاني ولا يتعدى عديدهم أصابع اليدين.
وتنهمر الأسئلة المعدة الجاهزة ولعلها ثابتة لا تتغير كما لا تخص أحداً دون آخر فالجميع مشمولون بتلقي الأسئلة نفسها والإجابة عنها. والأغرب أن بعض الضيوف هو من يعد الأسئلة ويسلمها لمقدم البرنامج المحاور.وتدور بهم الحلقات دور الرحى مما يعطي فسحة لبعض الضيوف الذين تتكرر أسماؤهم أن ينفردوا بأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان ويستهلك كل منهم وقتا في مواضيع جانبية أو في مدح نفسه والإطراء والثناء عليها أولاً ثم مدح من يرغب في مدحه والثناء عليه وينسج من الخيال ما يشتهي نسجه ويصور نفسه هو المؤسس الأول والأوحد لكل الشعائر الحسينية وعلى قمة شاهقة من قمم الأدب الحسيني لا يشق له غبار.
أما بعض المحاورين للضيوف من حديثي العهد على الإعلام والصحافة والأدب الذين لا يولون اهتماما لمعايير الإعلام الحسيني ولا يتمتعون بثقافة شعائرية فمن أجل أن يخفي المقدم تلكؤه تجده يراوغ أو يتموع بطريقة طرح بعض الأسئلة ويتفنن بالفذلكات والتصنع بالكلام ونبرة الصوت وغير ذلك حسبه أن هذا سيلمع صورته.
وإن لحاظ مصداق هذا القول نمط الأسئلة التقليدية التي تطرح والإجابة عليها بطريقة تقليدية مربكة أحيانا ولعل ذلك يحفز الرادود لأن يكرس حديثه على النغم والطور واللحن والقديم والحديث والمنبري والمنصة وغيرها من العبارات الجاهزة المكررة المستهلكة وما عليه إلا أن ينتقل من قراءة إلى أخرى بطريقة استعراضية وكأنه في برنامج ركن الهواة.
أما الشاعر فهو الآخر يستهلك وقت الحلقة بقراءة نماذج من قصائده هيئها مسبقا.وكأنه في مسابقة شعرية.
كما أن هذا الحال لا تبتعد عنه كثيراً ماهية برامج اللقاءات لبعض قراء القرآن الكريم فهو الآخر يستهلك جل الوقت بالحديث عن النغم والمقامات والقراءات السبع والعشر وكأن القرآن قد نزل لذلك الأمر فحسب.
والطريف في الأمر كثيرا ما يتكرر وجود الضيف نفسه في القناة أو الإذاعة نفسها وفي اليوم نفسه يستضاف في الصباح في برنامج مع معد ومقدم. وفي المساء في برنامج ومعد ومقدم آخرين
كل هذه التزاحمات والحوارات والمناظرات البرامجية لم نسمع يوما من خلالها لحديث شيق ممتع مهمٍ عن القضية الحسينية العظيمة وعن بيان مفاهيمها وما أنتجت ليتسنى لنا أن نُعرِفَ الآخرين ونطلعهم على ما افرزت من معطيات أو تداعيات. لم يطرق سمعنا يوما حديثٌ بنكهة علمية ثقافية عن الأدب الحسيني العظيم الذي صار يضاهي ويباهي كل أدبيات العالم.
إلى اللقاء في الجزء الخامس
أقرأ ايضاً
- القنوات المضللة!!
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- المرجعية الدينية.. مشاريع رائدة وطموحات واعدة