- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تعالوا إلى كلمة سواء .. مطلبٌ للمرجعية العليا يضمن عودة القدس والجولان من احتلال الكيان الإسرائيلي إن كنتم صادقين!
بقلم: نجاح بيعي
لم ولن تترك المرجعية الدينية في النجف الأشرف عبر أدوار تأريخ وجودها, الأمة الإسلامية فضلا ًعن العربية لوحدها تقارع وتواجه الأزمات الكبرى والتحديات المصيرية من دون أن تنتصر لها وتتضامن معها, وتُبدي رأيها الصريح بتلك الأزمة وتُقدم العلاج الناجع لذاك التحدي المصيري, إيمانا ً منها في نُصرة الشعوب المسلمة التي يقع عليها الظلم والحيف, نُصرة تعلو على كل الإختلافات والخلافات القومية والمذهبية والطائفية, وشعورا ً منها بأن القواسم المشتركة التي تجمع المسلمين في العالم, كالإيمان بالله وبرسالة النبيّ الكرم (ص وآله) وبالصلاة والصيام والحج وبمودة أهل البيت عليهم السلام وغيرها, ما هي إلا مشتركات أساسية للوحدة الاسلامية فـ(لا بدّ من التركيز عليها لتوثيق أواصر المحبة والمودة بين أبناء هذه الأمة، ولا أقل من العمل على التعايش السلمي بينهم مبنيا ًعلى الإحترام المتبادل وبعيدا ًعن المشاحنات والمهاترات المذهبية والطائفية أيّاً كانت عناوينها) (1).
فالمرجعية الدينية العليا اليوم انتصرت للشعب الفلسطيني ضد الإعتداءات الصهيونية في (مخيم جنين) وأصدرت بيانا ً شديد اللهجة في 9/4/2002م حرّضت فيه العالم الإسلامي على نصرتهم ووجهت بأن لا يهنأ المسلمون في مطعم ومشرب حتى يكف الظالمين والمُعتدين عن ظلمهم واعتدائهم بحق إخوانهم الفلسطينين.
وقالت فيه بالحرف الواحد: (وإذا لم يكن من المترقب من أعداء الإسلام والمسلمين إلا أن يصطفوا مع المعتدين والغاصبين فإنه لا يترقب من المسلمين إلا أن يقفوا مع إخوانهم وأخواتهم في فلسطين العزيزة ويرصّوا صفوفهم ويجندوا طاقاتهم في الدفاع عنهم ووقف العدوان عليهم) (2).
وتضامنت المرجعية العليا ووقفت إلى جانب الشعب اللبناني بقوّة وحزم حينما وقعت حرب تموز عام (2006) مع الكيان الإسرائيلي, وطالبت العالم أجمع لأن يتحرك ويتحمل مسؤولياته في وقف نزيف الدم والخراب, وتأمين الحاجات الإنسانية للجرحى والمشردين على أقل تقدير وقالت في بيان لها في ذلك: (إنّ العالم مدعوّ للتحرّك بغية المنع من إستمرار هذا العدوان السافر، كما أن الأمّة مدعوّة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني المظلوم والتضامن معه، والسعي في تأمين الحاجات الإنسانية للمنكوبين من الجرحى والمشرّدين وغيرهم، وعلى وكلاء المرجعية الدينية في لبنان والمؤمنين عامة القيام بذلك بكل ما أوتوا من إمكانات) (3).
كما وانتصرت المرجعية العليا للشعب الفلسطيني في (غزة) حينما تعرض لإعتداءات إسرائلية شرسة عام 2008م والتي راحت ضحيتها المئات من الضحايا, ولفتت الأنظار في بيان لها بهذا الخصوص إلى أن بيانات الإدانة والإستنكار لا تكفي ولا تعني شيئا ً أمام حجم المأساة المروعة التي يتعرض لها الشعب المسلم ووجهت ندائها وقالت: (إن الأمتين العربية والإسلامية مطالبتان أزيد من أي وقت مضى باتخاذ مواقف عملية في سبيل وقف هذا العدوان المتواصل وكسر الحصار الظالم المفروض على هذا الشعب الأبي)(4).
ولم يكن موقفها الحازم تجاه إعتراف الولايات المتحدة الأميركية الخطير بمدينة (القدس) عاصمة للكيان الإسرائيلي(وعلى لسان رئيسها (ترامب) في 6 كانون الأول 2017م وتضامنها مع القضية ليُنسى أبدا ً. فقد أصدرت المرجعية العليا بيانا ً مهما ً ومُقتضبا ًجدا ً وقالت فيه: (إن هذا القرار مُدان ومُستنكر.. ولن يُغير من حقيقة أن القدس أرض مُحتلة..ولا بد أن تتضافر جهود الأمة وتتحد كلمتها في هذا السبيل)(5).
تُرى ما موقف المرجعية العليا الآن من إعلان الولايات المُتحدة الأميركية إعترافها بسيادة الكيان الإسرائيلي على (مرتفعات الجولان) السورية؟.
ـ الجواب هو: أن موقف المرجعية العليا من قضية (الجولان) هو ذات موقفها من قضية الإعتراف بـ(القدس) عاصمة للكيان الاسرائيلي.
وإذا ما أمعنا النظر في بيانها حول (القدس) والذي ينص:
(إن هذا القرار مُدان ومُستنكر وقد أساء الى مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين، ولكنه لن يغير من حقيقة أن القدس أرض مُحتلة يجب أن تعود الى سيادة أصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن، ولا بد أن تتضافر جهود الأمة وتتحد كلمتها في هذا السبيل والله ولي التوفيق).
واستقرأنا مضامينه الدقيقة نجده يتضمن على (مطلب) واحد و(حقيقتين) اثنتين:
ـ المطلب: يكمن في عبارة (لا بد أن تتضافر جهود الأمة وتتحد كلمتها في هذا السبيل) وهو ذات المطلب الذي تكرر (كما تقدم) في مضامين مواقف المرجعية العليا التضامنية والمنتصرة لقضايا الأمة المصيرية. وهي دعوة صادقة لقادة وزعماء الأمة الإسلامية ـ والعربية وشعوبهم لأن:
1ـ يبتعدوا عن التشتت والتشرذم في المواقف تجاه القضايا المصيرية (كالقدس والجولان).
2ـ يبتعدوا عن جعل قضية (القدس والجولان) كحصان طروادة ويتم استغلال تلك القضايا المصيرية من أجل مصلحتهم ومصلحة بلدانهم وأنظمتهم السياسية بشكل منفرد.
3ـ يبتعدوا عن عن تكوين أحلاف ومحاور(سياسية أو أمنية أو عسكرية) ثنائية أو أكثر مستغلين عنوان (القدس والجولان) من أجل تثبيت سلطتهم ونفوذهم إقليميا ً ودوليا ً.
4ـ يبتعدوا عن الأساليب والممارسات التي تهدف إلى تفتيت وتفريق الكلمة وحرف شعوبهم بالتغرير بها, الأمر الذي لا يخدم إلا العدو.
5ـ يكونوا صادقين مع أنفسهم (ولو مع قضية مصيرية واحدة)ومع الشعارات الرنانة الفارغة التي يرفعونها.
4ـ يؤمنوا بأن حتمية إرجاع حقوق الأمة مثل (القدس والجولان)من غاصبيها (الكيان الإسرائيلي) إنما يكمن في تظافر الجهود واتحاد الكلمة.
5ـ يؤمنوا أيضا ً بأن في تظافر الجهود واتحاد الكلمة يكمن اندحار وتقهقر العدو الإسرائيلي مهما تجبر وتغطرس وتمترس وراء آلته العسكرية وتحالفاته الدولية.
ـ والحقيقتين هما:
ـ الأولى: أن الإدانة والإستنكار (المصاحبين لقضية الجولان والقدس)إنما جاءت كونها أساءت لـ(مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين) وليس إلى شيء آخر. وهذه الحقيقة تدعو قادة وزعماء الأنظمة الإسلامية العربية وشعوبهم إلى:
1ـ الكف عن طرح بيانات الإدانة والإستنكار لأن ذلك مدعاة إلى توهين القضية وكاشفة عن ضعف وخواء وعمالة الأنظمة السياسية.
2ـ أن يحترموا مشاعر شعوبهم المسلمة وأن يحترموا مُقدساتهم.
3ـ أن يقفوا ويتضامنوا مع قضايا شعوبهم المصيرية لا أن (ينبطحوا) خشية اهتزاز عروشهم وذهاب أنظمتهم السياسية.
4ـ أن يكونوا صادقين في دعواهم (ولو لمرة) من أجل استرداد حقوق شعوبهم وأممهم من غاصيبيهم وعدم التفريط بها.
ـ الثانية: تنطوي على بشارة للأمة الإسلامية والعربية بـ(الوعد) من أن (القدس) سترجع إلى أصحابها الشرعيين على نحو (الحتم) مهما طال زمن الإحتلال والإغتصاب: (لن يغير من حقيقة أن القدس أرض مُحتلة يجب أن تعود الى سيادة أصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن) وكذا الحال مع (مرتفعات الجولان) وأنها سترجع لأصحابها السوريين مهما طال الزمن أيضا ً.
ـ وتنطوي أيضا ً على إشارة بالـ(وعيد) للأمّة. لأن (الوعد) المتقدم لا يتم إلا بتخاذل وخيانة قادة وزعماء الأمة الإسلامية والعربية وشعوبهم لقضاياهم المصيرية منها (القدس والجولان).
ـ وأخيرا ً:
أن عبارة المرجعية العليا (لا بد أن تتضافر جهود الأمة وتتحد كلمتها في هذا السبيل والله ولي التوفيق) دعوة صادقة لجميع قادة وزعماء الأمتين الإسلامية والعربية وشعوبهم لإسترجاع جميع الأراضي المُحتلة ومنها (القدس والجولان) ولدحر ذلك الكيان اللقيط (إسرائيل) والوقوف بصدق بوجه كل المؤامرات العالمية التي تقف ورائها الولايات المتحدة الأميركية, ودعوة صادقة لأن تكون الأمة الإسلامية والعربية أمة حية تعيش بعو وكرامة لو كانوا صادقين.
ــــــــــــــــــــــــ
ـ(1): من بيان حول الوحدة الاسلامية ونبذ الفتنة الطائفية مكتب سماحة السيد (دام ظله) في ١٤ محرم ١٤٢٨هـ.
ـ(2): من بيان حول الإعتداءات على الشعب الفلسطيني في مخيم جنين مكتب سماحة السيد (دام ظله) في 26 محرم 1423هـ.
ـ(3): من بيان حول العدوان الإسرائيلي على لبنان مكتب السيد السيستاني (دام ظله) في النجف الاشرف في 20/جمادى الآخرة/1427هـ.
ـ(4): من بيان حول الإعتداءات الإسرائيلية على غزة مكتب السيد السيستاني (دام ظله) النجف الأشرف في 29 ذي الحجة 1429 هـ.
ـ(5): تعليقا ًعلى قرار الولايات المتحدة الإعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي في ١٨ربيع الاول ١٤٣٩هـ.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!