- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية الدينية وقصة الثورة العراقية
بقلم: عادل الموسوي
قصة الثورة العراقية ليست مسلسل في حلقات بل هي قراءة شخصية وتصورات لمشاهد من مواقف قائد الثورة.
هذه القراءة تتضح شيئا فشيئا وفقا لما يتوفر من معطيات على الساحة العراقية وما تتخذه القيادة -الدينية- العليا من مواقف تجاه قضايا العراق المصيرية.
اتضحت معالم مواقف المرجعية الدينية من خلال النصوص والخطابات الصادرة بعد سقوط النظام الاستبدادي وانهيار الدولة ومؤسساتها على يد الاحتلال الامريكي.
وهنا اود الاشارة الى بعض امور:
- ان انهيار الدولة بكافة مؤسساتها بهذا الشكل على يد الاحتلال لم يكن منشودا لدى سماحة السيد المرجع.
- ان سماحة السيد المرجع لم يفتي بالجهاد ضد الامريكان لعدم التكافؤ بالقوة.
- ان الافتاء بوجوب الانتخابات الاولى كان مقدمة لخروج المحتل الذي لم يكن ليخرج الا بوجود حكومة شرعية، تلك الانتخابات التي افتى البعض بحرمتها وعرفوا بخطأهم في وقت لاحق.
- كان مطلب السيد هو تغيير النظام الانتخابي من نظام الدائرة الانتخابية الواحدة الى الدوائر المتعددة.
- لقد احبط السيد المرجع مؤامرة تقسيم البلد.
- قال السيد المرجع: " نحن لم نغفل عما غفل عنه في ثورة العشرين "
مالذي استطيع قراءته من هذه المعطيات ؟
لا اريد التكهن او الاملاءات، لكن اظن انني يمكن لي القراءة بالشكل الاتي:
ان تغيير النظام الانتخابي - من نظام الدائرة الواحدة الى نظام الدوائر المتعددة - هو لاتاحة الفرصة امام الاخوة السنة للمشاركة وليكون البرلمان العراقي ممثلا من جميع ابنائه، لذا عد البعض هذه الخطوة في الحسابات الطائفية خسارة للشيعة الا انها في حسابات من لايخاف الفوت تعني شيئا اخر، ومكسب عظيم لانها تنطلق من مبدأ قيادة الامة وما احباط مؤامرة التقسيم الا ترسيخا لهذه المفهوم ومن منظار اسلامي مدني وفق رؤية -اظنها- غير مسبوقة.
يؤمن سماحة السيد المرجع بالتخصص ويعتبر السياسة فن له اهله فلا يتدخل بتفاصيل العمل السياسي وهو لا يبخل بإسداء النصح للساسة!! هو معلم السياسة، هو يترفع ويتواضع
وحينما يسأل عن الانتخابات وافتاءه بوجوبها، يقول: ان الانتخابات ليست شأناً سياسياً فقط بل هي شأن اجتماعي أيضاً..
إذن السيد المرجع جنب الشعب العراقي جهاد الامريكان لعدم تكافؤ القوة، وعمل على إخراج الاحتلال بمعركة الدستور وانتخابات الجمعية الوطنية وتشكيل الحكومة الانتقالية وحافظ على وحدة العراق بابطال مؤامرة التقسيم وحرص على اشراك جميع مكونات الشعب في اختيار ممثليهم.. وهنيئاً لطوائف العراق ومكوناته بهذه القيادة الابوية والرشحة المحمدية العلوية.. هذه مدرسة اهل البيت ع..
وعرضا اقول: طالما اوقفني اشكال عن العقائد المختلفة لبني البشر وكل لديه الدليل القاطع والبرهان الناصع على صحة العقيدة والاستعداد لبذل الانفس رخيصة دونها، فأصحاب الجباه السود وحفظة القرآن يتقربون الى الله في ليلة القدر بقتل امير المؤمنين ع! ولن ادعي اني على المذهب الحق ﻷني عليه، بل لأني رأيت ان معرفة المذهب الحق هو بمعرفة رؤيته لغيره من المذاهب والملل وكيف يتعامل معهم.. كيف تعامل امير المؤمنين ع مع النصارى وكيف امر بالبذل لفقيرهم من بيت مال المسلمين وكيف يحزن لان نصرانية استلبت حليها من جيش امية في اطراف الانبار وقوله ان امرء مات كمدا لذلك لم يكن ملوما.. السيد المرجع يأمر بصرف المبالغ من الحقوق الشرعية لتوفير الحماية اللازمة لبعض مشايخ العامة في بعض المناطق.. اغاثة النازحين.. ودونك مؤسسة العين تكفل ايتام العراق من كل الطوائف..
روي في الكافي عن أمير المؤمنين ع انه قال: "شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا الذين إن غضبوا لم يظلموا وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا "، "... بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا ".
وعودة الى مابدأناه من ان اسقاط النظام او الدولة بهذا الشكل علي يد الاحتلال، لم يكن منشودا في رأي المرجعية الدينية..
اما ما هو المنشود في افق المرجعية الدينية آنذاك، وهل كان اسقاط النظام بغير الاحتلال ممكنا ؟!
فحقا لا ادري.. ولكن بتقديري فالامر يحتاح الى بحث.. ولا اقل من معرفة رؤية المرجعية في امكانية القيام بالثورة ضد النظام الاستبدادي، والذي احتمله - ولو ضعيفا - ان المنشود هو اسقاط النظام لا اسقاط مؤسسات الدولة وبرعاية اممية لا باحتلال عسكري.
الى وقت قريب قرأت في الحلقة الاولى ان اعلان النصر بتحرير الموصل هو الثورة الحقيقية على ما تبقى من تبعات النظام البائد.
وقرأت في الحلقة الثانية ان المرحلة الاتية هي الثورة ضد الواقع المأساوي الذي اوقعنا فيه الفاسدون من المتسلطين الفاشلين في الحفاظ على مكتسبات الثورة.
اما في هذه الحلقة فان ما اقرأه من قول السيد المرجع: " ولم نغفل عما غفل عنه في ثورة العشرين " والدعوة الى تصحيح مسار الحكم اذا نظرنا للقضية من منظار اوسع واعم.
فاظن ان تصحيح المسار وان كان الواقع المعاش مصداقا له، الا انه يشمل ايضا ما بعد انتهاء حكم الخلافة العثمانية والاحتلال البريطاني للعراق.. وجزما لم يكن نظام الحكم على العراق تحت المظلة العثمانية ولابعد قيام المملكة العراقية صحيحاً، اذن فثورة المرجعية الدينية او مرجعية السيد السيستاني - على الاصح - هي ثورة لتصحيح مسار الحكم لعموم تاريخ ما قبلها للتتصل بالثورة الحسينية لتكون امتدادا لها.
ولا غلو.. فإن للتاريخ وقفات وتغيرات كبيرة يعبر عنها بالمنعطفات التاريخية.. ولكم هو رائع ان تشهد مثل هذا المنعطف ولكم ترجو ان يكون متصلا بالظهور المقدس لصاحب الامر صلوات الله عليه وعلى آبائه.
قصة الثورة ليست مسلسل في حلقات لكنها مشاهد وقراءات لا ادري متى تكون حلقتها الاخيرة.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات