حسن كاظم الفتال
المقدسة كربلاء.. وما أدراك ما كربلاء.. تنزل فيها الشهداء.. فزوقوها بعطر زاكية الدماء
كربلاء المقدسة. أرادت لها السماء أن تلبس حلة القداسة فتكون عروسة الدنيا.. وانتقت لها من أعلى جنات الفردوس حلتها وألبستها. فصارت أجمل من كل عروس في الكون ومنحتها هوية لا تشترك معها في حملها أية بقعة سواها. تميزت بكل ما لم يتميز وينفرد سواها به. أنجبت العروس فخر الأبناء.علمتهم كيف يرتلون تعويذات المودة. فوثبوا هم والمفتونون بجلالتها عند البوابات المقدسة. واصطفت قلوبهم وعقولهم النيرة لتشكل سورا منيعا حولها وليحجبوا عنها نظرات الحساد كي لا تصيبها بأي أذى..يتقلدون التعويذات برب الفلق.يتخذون قلوبهم مدونة لها. ويعدون بالنبضات مسافات مسيرة اشعاعات نورها , نِعمَ الحراسُ لملكوتها. يتخلون عن كل ما لديهم. وما فيهم. إلا من حبها وودادها. ذلك ما أغاظ حسادها وآلمهم كثيراً. فراحوا يخفون خناجر حقدهم تحت القباء. يتخطفون المنافذ لينفذوا إليها على جنح الظلمات.. ينتظرون فرصة لطعنها. أو على الأقل لتشويه معالمها وتغيير نضارتها. وراحوا يجوبون الطرقات في ظلمات ليلهم ويصبون نظرات الحسد الشزرة الحاقدة القذرة إلى مآذنها السامقة التي تغازلها الشمس وتتمنى أن يطيل رقودُها ها هنا وتكون مستقرا لها.ولا تفارقها. يصوبون نظراتهم الحاسدة الحاقدة إلى المآذن علهم يفلحون في هدمها أو تصدعها. عسى أن تخبو أصوات المؤذنين. وينال الصمت منهم نصيبا. لكنهم خسئوا.هيهات.هيهات مآذنها تُكبِّر ليل نهار وتومئ للطيبين وتدعوهم للاحتفاء بعرسها. بابتهالات وتسبيحات وزغاريد للعروس..
لم يتعظ الحساد ولم يعتبروا. بين فينة وأخرى يستلون خناجرهم ليطعنوا بها المحتفين بعرس كربلاء المقدس المبجل الذي تحضره الملائكة.
لكن الحراس والمرتلين التعاويذ لها. والمرددين الأدعية صباحا ومساءً لا تخرسهم الطعنات حتى حين تغرز في قلوبهم الخناجر تلتف أضلعهم حول الأم الرؤوم. وترسم دماؤهم آياتِ المودة والوفاء والإخلاص.
حتى حين ترحل أجسادهم تبقى الأرواح تحلق حول المآذن والقباب. وتردد لبيك كربلاء.. لبيك كربلاء.
إيه كربلاء.إيهٍ أم القداسات والجلالات.. ايتها العروس النازلة بدلة عرسها من السماء والمهدات من الجنة..
لا تندبي أبناءك وحراسك الراحلين فهم لم يرحلوا عنك إنما راقدون وسط عيونك الوسيعة وهم جميعا لآلئ في القلادة التي تزين جيدك الغض وستبقين عروسا ويبقى المحتفون بعرسك سالمين
أقرأ ايضاً
- المقاومة اللبنانية والفلسطينية بخير والدليل ما نرى لا ما نسمع
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- كربلاء وغزه ومآسي هذه الامه