كثيرا ما نسمع بالمسميات الغريبة والمثيرة للعجب التي تنسب للعوائل الكربلائية بوجه الخصوص! أو الشائعة في الوسط الاجتماعي والتي جاءت خلال تعاقب الأزمان واختلاف البيئة والمكان، فمنها ما يتشبه بالحيوان ومنها ما جاء نتيجة لعمل قام به بعض شخصيات تلك الأسر أو مرّ بحادثة معينة، كما جاءت بعض التسميات عن نتيجة لحِرفٍ كان يمتهنها البعض، إذ نسمع أن هذا الشخص من بيت جراد أو عصفور أو البنا أو القصاب أو كلثومة وهكذا.. وحيث كان سابقا الذي يعمل على حراسة الخضروات وتحديدا (الخس) يعرف باسم الناطور فلقبَ بيته باسمه؛ لأنه كان ينطر - أي \"يحرس الزرع ليلا من الحيوانات\" التي تعرف باللغة الدارجة عند العراقيين بـ (الواوية) لذا سمي أصحاب تلك البساتين ببيت واوية نسبة لتعرض بساتينهم الى تلك الحيوانات، وهكذا العديد من القصص التي سميّ على أثرها الكثير من بيوت أهالي كربلاء سالفا..
ومع تصفحه لأوراقِ سجلات مؤرخاته يحدثنا النسابة مهنا رباط المطيري قائلا: إن تراثنا العريق وموروثنا الشعبي يزخر بالكثير من القصص الخالدة والنادرة والتي تحمل بين طياتها الكثير من الصفات الطيبة والخصال الحميدة وفيها من النصح والحكمة والطرافة الشيء الكثير والبعيدة كل البعد عن التعصبات القبلية والحزازيات التي لا طائل منها ..
ليعود المطيري ويبحث بين صفحات ما دونه من تاريخ عن نسبه للعديد من العوائل الكربلائية فيقول: هنالك الكثير من المسميات الكربلائية ومنها ما يثير الاندهاش والغرابة فان بعض هذه المسميات جاء نتيجة لظروف معينة طرأت على تلك الأسرة أو حرفة ابتدعها ربُّ الأسرة فلقب بها ..
ويبين المطيري، إن في العشيرة الواحدة العديد من الألقاب فمثلا عشيرة الخفاجة تجد فيها بعض البيوت منهم ما يسمون ببيت الهر وواوية وجريدي وكلثومة والوزني، أما سبب تسميتهم فيعود الى حادثة معينه قد جرت على الجد الكبير لهذه الأسر فلقبَ على غرار ذاك بتلك الألقاب..
كربلاء موطن الأسر الهاشمية والعربية..
فيما يقول المؤرخ سعيد زميزم أن مسألة تداول الألقاب في الوسط الكربلائي تحضا رواجا حضاريا بشكل مستمر، موضحا إن كربلاء تزدحم بالأسر الهاشمية والعربية التي لها جذور عريقة ولأن المدينة سكنها العديد من القبائل والعشائر المعروفة بولائها لآل البيت (عليهم السلام) التي انحدرت منها الكثير من البيوتات جاء هذا الانحدار نتيجة لتعدد الأسباب ومنها تسمية بعض البيوت بعشائرها كآل تميم ومسعود واليسار أو ببيت الفلاني، كما لقب آخرون بالحِرف التي كانوا يمتهنوها كبيت الحداد والنجار وأبو إجدوع (الذي يبيع جذوع النخيل) والخياط والصفار والبنا والسماچ والخفاف والچراخ والطيار والخاچي والقصاب وهم من بيوتات كربلاء، تجد بعضهم من السادة والآخر من غير السادة وهم العوام، كما تجد قسما آخر لُقب بأسماء الأمهات كبيت بُنية وبيت سَمنية.
ويستطرد زميزم بتعدد أسباب تسمية الأسر الكربلائية، فقال: إن بعض الألقاب اكتسبت معناها من المجاورة والسكن فبيت التريري مثلا لقبوا بذلك نسبة لسكنهم قرب نهر التريري، كما يوجد بعض الألقاب المدنية مثل أبن الهندي لأن أباه كان يتجر من الهند وقيل أن اسمه هندي..
زميزم الذي أكد أن مسألة الألقاب سارية وعادة لا زالت مستمرة ومتداولة في الوسط الكربلائي، ذكر إن تعدد أسماء البيوت لن يضر أسم العشيرة ولن يؤثر عليها بشكل سلبي لأن الجميع يعتز بعشيرته ويمتثل لها..
ويلفت المؤرخ سعيد زميزم إن الحمد لله إن الكثير من عادت الجاهلية قضى عليها الإسلام ومنها التنابذ بالألقاب ومنعَ تسمية أبناء الإماء بتسميات مخزية معراة من الحياء لأن النبيّ (صلى الله عليه وأله وسلم) أكد من خلال حديثه الشريف: \"عليّ بأعمالكم لا أنسابكم\" والغاية التي دعت رسول الإنسانية الى ذلك هو الالتفات الى العمل الصالح الذي ينفع المسلم في آخرته..
[img]pictures/2010/10_10/more1285941788_1.jpg[/img][br]
فيما يحدثنا الحاج فاضل الخفاجي (58)عاما من أهالي كربلاء، متبسما وذاكرا لجملة من الألقاب الشهيرة لبيوتات العشائر والسادة من نسل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التي عرفتها المحلات السبعة القديمة لمركز المدينة ومنها: ((بيت كمونة والشالجي والشامي والهر والتريري والسّعدي وأبو طحين وأبو لحية وأبو دگة وأبو لحمة وأبو الحب وأبو رباع وأبو كبة وجلوخان وواوية وبيت السادة الواوي وكلثومة وزنگي وجار الله والسادة ألبو ثابت وآل الاشيقر وآل ضياء الدين وآل گماز وآل طعمة وگردلة والوزني وبيت إغريب والوزون والمخ والصخني والسّلمان والگلگاوي والكرعاوي والددة وزيني والشوك والبازي وبيت العوينات والسلامي والأموي وچخميخ والتكمچي والحديدي والغزالي وأبو سبزي وأصلان وافضالة والمعمار والطباطبائي والشهرستاني وشناوة والمناگيش وماميثة وقندي وعوائل كربلائية أخرى..)).
ويعود الخفاجي بذاكرته ليبين إن انتشار بعض الألقاب الغير عربية جاء من خلال عمل بعض التجار أو العمال من أهل المدينة مع بعض التجار غير العراقيين كالأتراك والفرس والعرب فنسمع مثلا ببيت (عبچول وكچك وأبو الچرك وداماد وغيرها..).
ويبين الخفاجي إن هنالك البعض من الالتباسات في التسميات فنجد بعض ألقاب البيوت تقترب من بعضها لفظيا مثل بيت عويد وعواد والعوادي وهم من الأسر التي سكنت كربلاء ومن بينهم العوادي فقط من نسل سادة آل البيت (عليهم السلام) .
ويضيف فاضل الخفاجي، إن بعض الدواوين الكربلائية اشتهرت بألقاب مؤسسيها كديوان الوجيه الحاج إبراهيم شهيب وديوان كمونة، كما إن البعض من الألقاب ينسب الى المكان الذي سكنه العديد من الأهالي مثل الكاظمي والبغدادي والكوفي وحتى الخرساني والأصفهاني كعلمائنا الأجلاء، وخاتما حديثه أن أبناء كربلاء أكثر من يفتخر بين الجميع أنهم حيثما حلوا وفي أي مكان يلقبون بالكربلائي أو الحسيني خدمةً لإمامهم الحسين (عليه السلام)..
[img]pictures/2010/10_10/more1285941788_2.jpg[/img][br]
أما الاعلامي والباحث في التراث الكربلائي تيسير سعيد الأسدي الذي حدثنا عن جملة أخرىتخص الاسر الكربلائية بقوله اشتهرت العوائل الكربلائية بانها تفتح ابواب بيوتها لخدمة الزائرين وبشكل مجان وهذا ما دعا عوائل كثيرة الى فتح دواوين خاصة ارتبطت باسماء عوائلها كانت هذه الدواوين ملتقى الادباء والشعراء وبشكل يومي اضافة الى انها تستقبل الزائرين وتوفر لهم كافة الخدمات على مدار العام ومن اهم هذه الدواووين ديوان آل كمونة والذي لازال موجودا لحد اليوم ومفتوح لاستقبال الزائرين فهو ارتبط باسم احدى العوائل الكربلائية اضافة الى ديوان ابو المحاسن وديوان الدده وديوان أل طعمة وديوان الحائري وديوان آ ل العواد وديوان الهر في منطقة باب السلامة الذي يشرف عليه عباس علوان الهر الخفاجي شيخ خفاجة وديوان جار الله شيخ قبيلة بني سعد وديوان ابراهيم اشهيب شيخ ربيعة بكربلاء وديوان الحميري شيخ الحميرات في كربلاء وديوان النصاروة وكثير من الاسماء التي لاوقت لحصرها لذلك نجد هذه الدواوين تمثل اسراً وزعماء عشائر عربية سكنت المدينة منذ قرون ، وهذه الاسر تميزت بإنشاء ديوانها الخاص باسمها والذي لا يقتصر نشاطاته على الاسرة او العشيرة التي تنتمي اليها الاسرة فقط وانما هذا الديوان عبارة عن منتدى أدبي واجتماعي وديني يتواجد فيه الشعراء والادباء والمثقفين وقد خرجت هذه الدواويين رجالات علم وشعراء يذكرهم التاريخ باحرف من نور فهم عايشوا هذه الدواوين ولازموها ، منهم محمد على كمونة الكبير وقاسم الهر ومحسن ابو الحب الصغير والكبير وعبد الوهاب ال الوهاب ونصر الله الفائزي وحسين الرضوي وسعيد الهر وعزي الوهاب وسلمان هادي الطعمة وعباس ابو الطوس ومرتضى الوهاب وغيرهم كثير،من مختلف الأجيال والاهتمامات \"
تحقيق: حسين النعمة
أقرأ ايضاً
- العبادي يحذر من انهيارات كبرى: لا أتوقع صداما مع "الحشد الشعبي"
- الخفاف يتحدث عن دور المرجعية الدينية العليا في المشهد السياسي ورؤيتها لمستقبل “الحشد الشعبي”.
- في كربلاء :حكاية مربيِّ الحمام على البيوت والأعراف الاجتماعية