- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تدريسيو التعليم الأهلي عالقون في منتصف الطريق
د. غالب الدعمي
نتطلع اليوم بثقة كبيرة نحو الدكتور قصي السهيل الذي ولد في بيئة التعليم العالي، وخدم في مفاصلها باتخاذ قرارات شجاعة مهمة تخدم التعليم العالي وتُسهم في ترصينه وبذلك فأن الدكتور السهيل يحمل رؤية واضحة لمعالجة المشكلات التي تواجة التعليم الأهلي في العراق، وأملنا أن يبدأ سريعا في تنفيذ برنامجه لإصلاح الوزارة بما يملكه من أفكار ناجعة وبناءة وقد بدأنا نسمع عنها، وعلى وفق هذا فأني أقدم جملة من المعاناة التي تواجه التدريسيين في التعليم الأهلي كوني أعمل في مفاصله وربما هي خافية على السيد الوزير، إذ إن الجامعات الأهلية لم تعد تحترم الاختصاص العلمي مطلقا فقد أصبحت هذه الظاهرة مؤلوفة في جامعاتنا الأهلية، بل حتى الحكومية منها على حد سواء، فليس غريباً أن تجد استاذاً في اللغة العربية عميداً لكلية الإعلام أو استاذاً في الجفرافية معاوناً للعميد في اختصاص أخر أو تجد استاذاً في القانون يُدرس فنون الخبر الصحفي والتصوير وهذه الظاهرة تحظى للأسف بدعم الوزارة ومباركتها وعن طريق موافقات أصولية تصدر من مفاصل الوزارة أو عن طريق التغاضي وعدم الاهتمام في تطبيق هذه المعايير.
الملاحظة الثانية الابتزاز الكبير الذي يتعرض له تدريسيو الجامعات الأهلية من قبل الإدارات في هذه الجامعات عن طريق قطع رواتبهم وتخييرهم بين الطرد أو القبول برواتب بائسة وفي حالة الرفض فأنهم يعتمدون على أصحاب اختصاصات أخرى حصلوا على شهاداتهم من جامعات أوكرانية وأذربيجانية وهندية غير معترف بها حتى في دولهم، لكن وزاراتنا اعترفت بها وهذا تساؤل نتوقف عنده كثيرا ويثير فينا الرغبة لمعرفة السر وراء ذلك التساهل الكبير الذي يمنح للجامعات محددة من دون أخرى، وكما أنه المفترض أن يخضع الطالب العراقي الذي يُقبل في الجامعات الأجنبية للضوابط نفسها التي يخضع لها الطالب في العراق عند تقديمه للدراسات العليا من ناحية المعدل والامتحانات والالتزام في الدوام، وهناك نقطة جوهرية أخرى أن بعض النواب والمديرين العامين ووكلاء الوزراء قد حصلوا على شهادات عُليا من دول أجنبية أو من العراق وهم على ملاك دوائرهم من دون أن تعطيهم الدولة الإذن بذلك، وتم اعتماد شهاداتهم من قبل وزارة التعليم العالي وهذا يكشف أن هذا المسؤول لم يدرس وهناك من كتب له رسالته أو اطروحته العلمية أو أنه ترك وظيفته من أجل إكمال دراسته وهذا فيه إشكال أخر.
إن فلسفة الدولة في دعم التعليم الأهلي في إحدى جوانبه تهدف إلى توفير فرص عمل تمنح الحقوق نفسها للتدريسيين التي يحصلون عليها في التعليم الحكومي من أجل استيعاب أعداد المتخرجين لكن الذي يحصل أن بعض الجامعات الأهلية تمتهن التدريسي وتتعامل معه بانتقاص وتسعى لخفض أجوره، كما أنها تثقل كاهله بمحاضرات أكثر من النصاب القانوني تصل ثلاثة أضعاف ما مقرر له وبذلك يكون غير قادر على الإبداع والإنتاج.
لا أعرف هذه المرة يحدوني أن الأمل في أن الدكتور قصي السهيل سيؤدي الدور الموكل إليه بنجاح، ويتخذ قرارات مهمة وينصفنا ويعيد النظر في قانون التعليم الأهلي الذي خذل التدريسيين وتجاهل حقوقهم، كما أن الوزارة لم تدعمهم وتركت الحبل على الغارب لتقديم تفسيرات أعطت بموجبها الحق لأصحاب رؤوس الأموال في بخس حقوقنا، على الرغم من أن مؤسسات التعليم الأهلي هي مؤسسات غير ربحية لكنها بفضل بعضهم ابتعدت عن هدفها الرئيس، أقول هذا الكلام وأنا أعمل في جامعة أهلية ربما هي أفضل من غيرها من جهة التزامها في دفع رواتب تدريسييها.
أقرأ ايضاً
- التسرب من التعليم
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة