- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الخضر عليه السلام لم يقتل طفلا
سامي جواد كاظم
ان الذي دعاني لكتابة هذا المقال هو تلبية لطلب وصلني على الخاص يستفسر عن قصة الخضر وما اشار الملحدون او المتحذلقون من شبهة تمس القران والله عز وجل والاسلام، ولان الاسلام دين الكمال لذا فانه يكون مستهدف من الاغبياء والجهلاء والمتعنتين وهنا سارد على شبهة اتهام الخضر عليه السلام بانه قتل طفلا قبل الجناية.
يقول المتحذلق: يمشي خضر مع موسى فيرى طفل "فيقتله خضر" {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } لماذا قتلته يا خضر؟ لأنه عاق لوالديه وعندما يكبر سيعذب أهله. يا سلام. وكيف يعرف خضر الغيب؟ هل يعلم أحد الغيب إلا الله؟ ولماذا يخلقه الإله الرحيم وهو يعلم أنه عاق وبعدها يقتله!!
من الإستغباء وتصديق الخرافات أن يأمر الله قتل طفل لم يرتكب ذنبا بعد ولم يبلغ الحلم، أو من منظور أخر يمكن القول أن الخضر أصلح خطأ جسيم وقع فيه الله بخلقه ولد عاق لابوين صالحين.
اقول: بداية صاحب هذا الاعتراض مسيحي ام ملحد ؟ وثانيا من يتحدث بهكذا لغة يدل على انه قمة في الغباء وعدم احترام الراي الاخر وذلك
اولا: يدعي ان الخضر قتل طفلا، والاية الكريمة لا تقول ذلك ولانه بين الغباء والحمق يقول ما يشاء حتى يتهجم على الاخرين، الاية تقول انه غلام والغلام هو البالغ في اللغة العربية والدليل ان موسى عليه السلام قال أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ فإن الآية المباركة تعبِّر عن ان الخضر قتله دون أن يكون الغلام قد قتل نفساً، وذلك إنما يناسب كون الغلام بالغاً، إذ لو لم يكن بالغاً لما ساغ قتله حتى لو كان قد قتل نفساً، إذ أن الصبي لا يُقتصُّ منه، ولقال له موسى عليه السلام لماذا قتلت صبيا لم يبلغ الحلم ؟
أصل غلام من الغلمة، والمراد من الغلمة هو شدة الشهوة فيقال غلم و اغتلم أي اشتد شبقه وهاجت شهوته، وذلك إنما يناسب البالغ دون الصبي.
ثانيا: يقول المعترض (لأنه عاق لوالديه وعندما يكبر سيعذب أهله)
لم تذكر الاية تعذيب ابويه بل يرهقهم طغيانا وكفرا أي ان الغلام كافر وسيجبر والديه على الطغيان لانهما يحبانه ولانهما مؤمنان فلا يستحقا هذا الغلام الكافر.
وكيف يعلم الغيب الخضر ؟ فان الله يقول في كتابه العزيز ((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) وهنا اقتضت الحالة ان يطلع الله عز وجل الخضر على الغيب
كرر المتحذلق كلمة قتل طفل وقلت انه ليس طفل ومثل هذه الامور لا يسال الله عز وجل عنها (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)
فان كان المتحذلق ملحد فلا يسال عن القران ولا يحق له ذلك وان كان من المسيحيين فكيف يؤمنون بان المسيح قبل التعذيب والصلب ليمسح ذنوب امته فهل يقبل الرب عندهم بهكذا حكم ؟
ثالثا: والحكمة الاخرى الكثير منا يموت لهم اولادهم وهم اطفال او غلمان بالغين ومن غير سبب فنجزع فيكون الصبر الالهي ان موتهم لربما فيه الخير لنا كما في قصة الخضر وبالنسبة للغلام الذي قتله الخضر فان الله استبدله ببنت اصبحت اما لسبعين نبي وكم من عائلة مات لهم اطفال استبدلهم الله بافضل منهم
واخيرا بعد ان بين الخضر السبب لموسى عليه السلام لقتله الغلام اقتنع موسى ولم يعترض
هنا مسالة مهمة ان ثقافة التفكير في زمن موسى تختلف عن ما قبله وبعده والا لو ان اليوم قال شخص ان الله يامرني بذبح ابني هل سيتقبل العقل هذا ؟ ولكن كان امرا طبيعيا في زمن ابراهيم عليه السلام عندما نذر بذبح ابنه اسماعيل، والامر ذاته عندما نذر عبد المطلب جد رسول الله (ص) بذبح ولده عبد الله ومن ثم فداه بمئة ناقة تعويضا عن تنفيذ يمينه، فالمستوى التفكيري للبشر يتغير وفق ثقافة كل زمان