حجم النص
بقلم:صالح الطائي منذ النكسة في عام 1948 ونحن نصرخ بملء حناجرنا: الشعب العربي ثورة وأنا هو الردِ ومنذ عام 1948 لم يصدر عنا أي رد حقيقي تفخر به أجيالنا تجاه الذين سلبوا أرضنا وشردوا شعبنا واستباحوا حرماتنا وتطاولوا على قيمنا ومعتقداتنا.. كل الذي فعلناه أننا تحولنا إلى وحوش كاسرة ينهش بعضها بعضا، لكننا حينما يرفع العدو سوطه ويلوح به مجرد تلويح أمام وجوهنا، نخنع بسكون لأنه روضنا برده القاسي في كل مرة، وروضتنا هزائمنا.. ثم تركنا الأرض والعرض والمقدسات التي دنسوها، وانشغلنا بالتحزب والطائفية والعداوات القطرية والشخصية والمذهبية والقومية والسياسية والثقافية وحتى الجنسية، ولم تعد لدينا قضية حقيقية ندافع عنها، لأننا أبدلنا القضية بتفاهات وسخرية.. وبعدها ركضنا كما يركض الحيوان الداجن الأليف نحو قطعة السكر التي يحذفها له المروض؛ ركضنا وراء كذبة "الربيع العربي" وكذبة "محاربة العدو الأمريكي" وكذبة "الفرقة الناجية" التي يتوجب عليها أن تقتل كل أتباع الفرق الأخرى: الشيعة، السنة، المسيحيون، الصابئة، الإيزيديون، الشبك، الأكراد، النصيرية، العلوية، ثم تغنم أموالهم، وتسبي نساءهم، وتستحل أعراضهم، باسم الدين والقانون والنخوة العربية، فوجهنا أسلحتنا إلى صدور بعضنا، وتركنا عدونا الحقيقي وراء ظهورنا،يطعننا، ويضحك على خبالنا وجنوننا وخيبتنا وسواد وجوهنا.. شوهنا عقائدنا، وصرنا نقتل بعضنا بعضا ونحن نكبر "الله أكبر"، ودمرنا بلداننا بأيدينا، عندما أطعنا "برنار ليفي" أكثر مما نطيع الله، يكفينا أننا شعب يردد: "الشعب العربي ثورة وأنا هو الردِ" إلى أن تحولت عروبتنا إلى مسخرة، وتحول ديننا إلى وكر للإرهاب، وتحولت أوطاننا إلى قيعان صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، يعشش فيها الجهل والأمية والبغضاء والكراهية والتطرف والسادية.. ثم لما نفيق من هول الصدمات، وهو نادرا ما يحدث، ونرغب بمعاقبة العدو أشد عقاب نقدر عليه، لا نجد أمامنا سوى أغنية: "أنا هو الرد" نرددها مقرونة بأكبر عمل ممكن أن نقوم به وهو سحب سفراءنا من تل أبيب، عقابا للعدو على قتله عدة أشخاص من أهلنا وإخوتنا العرب، واستنكارا لاجتياح اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى "الذي باركنا حوله" والذي دنس بركته فعل عدونا، وخنوعنا، وانشغالنا في قتال بعضنا.. ومع كل ذلك لا زلنا نردد بفخر وإباء وعنتريات لا يسعها فضاء: "أنا هو الردِ"
أقرأ ايضاً
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط