حجم النص
ليلى عبد الجليل تحمل صور اثنين من أولادها وثلاثة من إخوانها ضمن ملف خاص جمعته خلال سنوات الإصابة حتى وفاة الجميع، توثق فيه بالتواريخ الدقيقة لقاءاتها بالمسؤولين الحكوميين وموظفين في وزارة الصحة في العهدين السابق والحالي.
عبد الجليل تقول لـ"المدى" إن "أولادها وإخوتها كانوا يتلقون العلاج من مرض الهيموفيليا في مستشفيات مدينة الطب واليرموك والكرامة، وحصلوا على حقنة الدواء الجديد الذي جلبته الحكومة من الشركة الفرنسية". متابعة "بعد أيام جاءت مجموعة خاصة تابعة للصحة وطلبت اخذ أولادي وإخواني وهددونا بأنهم سيأخذون احد أفراد العائلة كرهينة في حالة عدم تسليم المريض".
لم تكن ليلى تعرف حينها بأنهم مصابون بمرض الايدز، وتضيف "حجروا على المرضى في مستشفى ابن زهر "التويثة"، ووضعوا الأطفال مع أمهاتهم، واستمر الحجر أكثر من ثلاث سنوات".
وبحسب تقارير صادرة عن هيئة الهلال الأحمر العراقية تؤكد أن ما لا يقل عن 199 عراقيا لقوا حتفهم من أصل 238 أصيبوا بمرض الايدز بعد حقنهم بدم ملوث اشترته حكومة النظام السابق من شركة فرنسية في ثمانينات القرن الماضي في حين ينتظر الباقون مصيرهم في ظل افتقاد العلاج اللازم.
ويطالب أهالي المصابين والمتوفين نتيجة العقار الملوث الحكومة بإطلاق المنح التي اقرها البرلمان منذ عام 2010 ولم تجد طريقها إلى التنفيذ، وكانت تلك المنحة مؤقتة لحين الحصول على التعويض من الشركة الفرنسية. ويقول محمد إقبال عضو لجنة الصحة "كانت هناك أنباء عن أن النظام السابق قد ألغى التعويض مقابل صفقة سلاح فرنسية خلال الحرب العراقية الإيرانية". وشدد النائب في اتصال مع "المدى" يوم امس على ان "البرلمان اكد منح المصابين وذويهم 500 ألف شهريا من قبل الحكومة لحين الحصول على التعويض الفرنسي"، غير مستبعد تأخر إطلاق المنح بسبب أن "الكثير من القوانين الصادرة من مجلس النواب تتأخر حتى تجد طريقها إلى التنفيذ" على حد وصف إقبال
تفاصيل التقرير
عام 1986 دخلت مجموعة من مرضى "الهيموفيليا" نقص الدم الوراثي، إلى مستشفيات بغداد لتلقي علاجٍ فرنسيٍّ استوردته الحكومة العراقية من شركة "ماريو" الفرنسية، وبعد سنوات تحولت إصاباتهم إلى مرض الايدز وأخذوا يموتون الواحد تلو الآخر.
تقارير صادرة عن هيئة الهلال الأحمر العراقية تؤكد أن ما لا يقل عن 199 عراقيا لقوا حتفهم من أصل 238 أصيبوا بمرض الايدز بعد حقنهم بدم ملوث اشترته حكومة النظام السابق من شركة فرنسية في ثمانينات القرن الماضي في حين ينتظر الباقون مصيرهم في ظل افتقاد العلاج اللازم.
ليلى عبد الجليل تحمل صور اثنين من أولادها وثلاثة من إخوانها ضمن ملف خاص جمعته خلال سنوات الإصابة حتى وفاة الجميع، توثق فيه بالتواريخ الدقيقة لقاءاتها بالمسؤولين الحكوميين وموظفين في وزارة الصحة في العهدين السابق والحالي.
عبدالجليل تقول لـ"المدى" ان "أولادها وإخوتها كانوا يتلقون العلاج من مرض الهيموفيليا في مستشفيات مدينة الطب واليرموك والكرامة، وحصلوا على حقنة الدواء الجديد الذي جلبته الحكومة من الشركة الفرنسية". متابعة "بعد ايام جاءت مجموعة خاصة تابعة للصحة وطلبت اخذ أولادي وإخواني وهددونا بأنهم سيأخذون احد أفراد العائلة كرهينة في حالة عدم تسليم المريض".
لم تكن ليلى تعرف حينها بأنهم مصابون بمرض الايدز، وتضيف "حجروا على المرضى في مستشفى ابن زهر "التويثة"، ووضعوا الأطفال مع أمهاتهم، واستمر الحجر أكثر من ثلاث سنوات".
بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 هرب الكثير من المرضى من المستشفيات، وهربت عوائلهم معهم أيضاً، وغيرت محل سكناها خوفا من إعادتهم إلى المستشفيات من جديد، وتضيف عبدالجليل "بدأت عمليات البحث عن المصابين، وأعيد الكثير منهم إلى المستشفيات، حبسوا زوجي 3 أشهر لأنه قام بتهريب احد أبنائه ثم أعدناهم الى المستشفيات، عرفنا أنهم بعد وفاتهم كان يتم إحراقهم بمادة خاصة حتى لا ينتشر المرض"، وأضافت "صرت اعرف كيف يموت مريض الايدز، علامات معينة تؤكد بأنه على وشك الوفاة...أخذت احد أبنائي قبل أن يموت ودفنته في النجف، وتظاهرت باني مختلة عقلياً بعد أن حجزت في مركز شرطة البياع وسألوني عن ابني حتى لا يعثروا عليه ويحرقوا جثته".
خلال سنوات إصابة المرضى بالايدز فقد ابنها الطالب في كلية الإدارة والاقتصاد دراسته والصغير ذو الستة أعوام طفولته، كما نسي إخوانها الثلاثة الذين كانوا يعملون في سلك القضاء اعمالهم، وتقول عبد الجليل"كل تلك السنوات كانت وزارة الصحة تقول بانها ترعاهم مع منظمة الصحة العالمية اليونسيف"، وتضيف "بعد أن انتهى الأمر ومات المصابون اجبر اهالي المرضى على توقيع تعهد خطي يؤكد بأن لا وجود لأي مرض قد أصابهم، ومن يغير أقواله يتم حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة". كان هذا التنازل مبرراً للشركة الفرنسية "ماريو" التي تحولت بعد الشكوى التي تقدم بها أهالي المرضى ضدها إلى اسم "سونافا" لعدم إعطاء عوائل المصابين التعويض لان الشركة تدعي بان النظام السابق قد أكد بان لا وجود لإصابات في العراق جراء الدواء الفرنسي.
من جانبه يقول عادل محسن مفتش وزارة الصحة بان الوزارة فشلت في وقت سابق في كسب الدعوة التي أقامتها ضد الشركة الفرنسية التي أدخلت الدواء إلى العراق.
محسن أكد يوم أمس لـ"المدى " بان الوزارة تقدم مبلغاً لا يتعدى المئة الف دينار شهريا لعوائل المصابين"، كما لم يذكر محسن الأسباب التي أدت الى فشل الدعوى التي قام بها الجانب العراقي ضد الشركة، لكنه اشار الى ان العراق بدأ برفع دعوى قضائية جديدة ضد الشركة عن طريق القضاء الأمريكي.
وكان مسؤولين في هيئة الهلال الأحمر العراقية قد أكدوا في وقت سابق بان الهيئة اجرت مفاوضات مع فرنسا للتوصل إلى تسوية أوضاع 238 شخصا أصيبوا بالايدز قضى منهم 199 حتى الآن بسبب الدم الملوث لكنها توقفت عام 2004 فالتعويض المعروض من قبل الفرنسيين كان مهينا للضحايا لأنه لا يغطي حتى تكاليف العلاجات فضلا عن الجانب الإنساني في القضية.
وقال رئيس الهيئة حينها سعيد اسماعيل حقي لوكالة فرانس برس في بغداد "عرضت الشركات مبالغ تراوحت بين خمسة آلاف و25 ألف دولار فهذا المبلغ لا يفي بتكاليف العلاج متسائلاً: هل هذا ما يساويه الإنسان؟ وطالب بـ238 مليون دولار اي ما يعادل مليون دولار لكل ضحية".
وقال "رفعنا دعوى قضائية ضد شركات افنتيس وسانوفي وباكستر عبر سفارتينا في باريس وواشنطن.
وكانت وكالة الادوية الاميركية قد حذرت في حينه من ان الدم ملوث ورغم ذلك سلمته شركة ماريو الفرنسية الى العراق وليبيا وتونس والجزائر.
ويضيف سعيد ان شركات "افنتيس" و"سانوفي" الفرنسيتين و"باكستر" الاميركية وريثة "شركة ماريو"، كانت قد زودت وزارة الصحة العراقية بكميات من الدم مطلع الثمانينات لمعالجة حالات الأطفال المصابين بالهيموفيليا. كما أن هذه الشركات موضوعة على اللائحة السوداء وبالتالي فان وزارة الصحة لن توقع أي عقود لاستيراد الأدوية" من الشركات المعنية، حسب قول هيئة الهلال الأحمر العراقية.
المرأة التي فقدت أولادها وإخوتها وزوجها الذي توفي بعد أعوام تعيش اليوم مع ابنتها الوحيدة الباقية من العائلة، وتطالب الحكومة بدفع منحة الـ"500" التي اقرتها في عام 2010، شهريا لكل عائلة مصاب، كما تدعوها الى الاسراع في الحصول على التعويض من الشركة الفرنسية. ويؤكد عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية محمد إقبال أن المجلس شرع في الدورة التشريعية السابقة قانونا خاصا يجبر الحكومة على البقاء في إعطاء منح شهرية إلى عوائل المصابين لحين الاستحصال على التعويض الفرنسي.
إقبال أشار في حديثه مع "المدى" يوم أمس، إلى ان "النظام السابق لم يكن جادا في المفاوضات مع الشركة الفرنسية، ما أدى إلى أن يباشر الأهالي الدعوى بأنفسهم. متابعا "الشركة الفرنسية تقول بان العراق لم يطرح المشكلة منذ البداية، وان الإصابات لم تخص العراق فقط بل كانت دول أخرى قد تعرضت لنفس المرض".
واضاف إقبال "كانت هناك انباء عن ان النظام السابق قد ألغى التعويض مقابل صفقة سلاح فرنسية خلال الحرب العراقية الإيرانية".
وشدد النائب على ان "البرلمان أكد منح المصابين وذويهم 500 ألف شهريا من قبل الحكومة لحين الحصول على التعويض الفرنسي"، غير مستبعد تأخر إطلاق المنح بسبب ان "الكثير من القوانين الصادرة من مجلس النواب تتأخر حتى تجد طريقها إلى التنفيذ" على حد وصف إقبال.
وكان السفير الفرنسي السابق في العراق "برنار باجوليه" قد أكد لـ"فرانس برس" انه حاول المساعدة عبر محاورة الشركات لكنه لم يتوصل إلى نتيجة فهذه الشركات ترفض تقديم الدواء اللازم لعلاجهم ولم تظهر منهم أية بادرة حسن نية".
وأكد "يموت سنويا بين اثنين وثلاثة أشخاص من المصابين لانعدام الدواء اللازم وهناك عائلات بأكملها دمرت لان احد أفرادها مصاب بالايدز. فأهالي الضحايا يعيشون مأساة منذ حوالي ربع قرن تقريبا".
وأضاف "فور شيوع نبأ الإصابات في أواسط الثمانينات نقلت الحكومة الأطفال المصابين وأعمارهم تراوحت بين ستة أشهر و12 عاما إلى المحاجر الصحية وهي أماكن مخصصة لمرضى السل". مع معاناة كبيرة بسبب الظروف الصحية السيئة في مثل هذه الأماكن.
بغداد/ وائل نعمة
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "