حجم النص
هل سيفلح السياسيون العراقيون أن منحهم الشعب فرصة أخرى لإخراج العراق من كلّ الأزمات والمشاكل؟ وإذا ما منحهم ذلك هل ستتعاظم الأزمة أو تجر البلد الى نوع جديد للأزمات مفتعلة أخرى؟.
تراكم الأزمات وجرّ البلد الى المزيد من التناحر السياسي وخلق المشاكل المستمرة ولعبة إلقاء الخطب واتخاذ مواقف التضادّ من بعضهم ضدّ البعض الآخر، تجسيدا لمبدأ خالف تُعرف.
غير ذلك من اضطراب الشأن السياسي وتفاقم التضاد وتصعيد الأزمة الى أين سيأخذ البلد؟ ولصالح من؟ ولماذا تحرص دول الجوار على التدخل بالشأن العراقي؟ أسئلة عديدة تفرضها تطورات مجريات الأحداث المستمرة في العراق انتهاءً باتهام حكومة المالكي بخلق الأزمات والسعي لإثبات ذلك .
مع تزايد حدة الصراع بين الأحزاب الحاكمة لم يقعد الكتاب الأحرار من مشاركة الأحداث بوجهاتهم فقد ذهب العديد من الكتّاب كالكاتب أحمد العاني حول تداعيات الأزمة السياسية بأن "حكومة الشراكة الوطنية التي هيمنت على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية هي مَن قسمت المنافع والغنائم بين أقطابها على وفق نظام المحاصصة المقيتة كونها شيدت على أسس خاطئة استبعدت منها الهوية الوطنية والاحتكام إلى علاقات غابت عنها الثقة المتبادلة وسيطرت عليها الشكوك والمخاوف والريبة بين أطرافها واتهام بعضهم الآخر بالسطوة والاستحواذ على صنع القرار وفي ترجمته، والأهم من هذا أن القوى السياسية المؤتلفة تفتقد الرؤية الموحدة تجاه القضايا الأساسية وتتناقض في آمالها وطموحاتها ومساعيها في الاستحواذ والهيمنة،مما خلق خللا في التوازن الذي يطالب به بعض أطراف العملية السياسية، وهي حالة يصعب الوصول إليها في ظل صراع المصالح والإرادات وتباين الأهداف والمواقف إزاء معظم القضايا المطروحة على الساحة السياسية،ومما يزيد الأمر تعقيدا هو شدة المشاحنات والمواجهات والمناكفات بين أركانها،ما يدفع بعض أطرافها بالهجوم واتهام الآخرين بمحاولة الاستحواذ والسيطرة على السلطة التنفيذية والاستفراد بقراراتها".
ووافقه كتاب آخرون بأن "حالة الشلل والضعف والوهن التي تعيشها الشراكة الوطنية، جعلها عاجزة عن التعاطي مع احتياجات المواطنين من منطلق القوة والوحدة وعبور الأزمات التي تعترض مسيرتها ويفترض أن تكون طبيعية واعتيادية ما يدلل على أن الأزمة التي تعيشها العملية السياسية، أزمة بنيوية رافقتها منذ بواكير تشكيلها حيث اعتمدت في بنائها قواعد وركائز لم تهيئ الأرضية الصلبة والسوية لإقامتها بما يجعلها قادرة على تحمل الصدمات والاهتزازات التي تتعرض لها العملية السياسية من حين لآخر".
فيما يرى آخرون كالكاتب محمد جواد في مقترحه لحل الأزمة السياسية العراقية!! من حيث أنه لم يعُد خافياً على الشّعب العراقي أنّ السياسييّن الذين انتخبهم ليس بمقدورهم، أنْ يقدموا له ما وعدوه به. فتلك الوعود تبدّدت أدراج الرّياح. وأصبح وجود السياسييّن على ساحة العمل، جزءا من الأزمة التي تضغط على الفرد العراقي بكلّ المستويات.
فالأزمات معروفة، وأموال الشعب ذات الأرقام الفلكيّة، تصرفها الحكومة دون تحقيق نتائج ملموسة، إمّا بسبب الفساد المالي والإداري، أو بسبب التناحرات السياسيّة، التي تعرقل تنفيذ المشاريع التي يطمح الشّعب للحصول عليها، أو بسبب قلة خبرة المسؤولين وانعدام التخطيط العلمي، الأمر الذي يفضي إلى عدم تحقيق نتائج محدّدة على أرض الواقع.
ولم يَعد خافياً أيضاً على القاصي والدّاني، أنّ جهات سياسيّة معيّنة تقف وراء قتل العراقيين الأبرياء، وتدمير البنى التحتيّة للبلد ولم يَعد خافياً كذلك، احتفاظ كلّ طرف من السياسييّن، بملفات فساد وجريمة ضدّ الطّرف الآخر وليس ذلك ابتداعاً، ولكن هذا ما يُصرّح به السياسيّون على رؤوس الأشهاد.
لذا يمكن تقسيم السياسيين إلى الفئات التّالية: 1 - فئة متورطة بجرائم قتل العراقيين.
2 - فئة متورطة بالفساد المالي والإداري.3 - فئة ساكتة وهي تعلم بما يجري.
4 - فئة لا تدري ولا تريد أنْ تدري.5 - فئة تريد أنْ تعمل، لكنّ الواقع يشلّ حركتها.
من هنا يأتي الاستنتاج الذي يقودنا المنطق إليه، أنّ أغلب السياسييّن العراقييّن أشخاص غير مؤهلين لقيادة البلد، وأنّهم خَذلوا الشّعب العراقيّ بسبب عدم وعيهم السياسيّ أوّلاً، وثانيا ارتباط بعضهم بمشاريع تغذّيها قوى من الخارج، لها رؤيتها في رسم معالم الصّراع الإقليميّ والدوليّ، بكلّ أبعاده الإستراتيجية في المنطقة كما أنّ هذه القوى الخارجيّة، تعمل على تنفيذ خططها من خلال إذكاء صراعاتها داخل العراق، كلّ وفق مصالحه ورؤيته للعالم الجديد، الذي سيكون فيه الشرق الأوسط الكبير، محوراً اقتصاديّاً وجغرافيّاً وبشريّاً فاعلاً في الاقتصاد العالميّ.
لذا يقترح جواد كمواطن عراقيّ، بأنْ يقوم الشّعب العراقيّ بالضغط على السياسييّن لتنفيذ ما يلي، إذا أراد الشّعب الخروج من المأزق الذي يمرّ به، قبل أنْ يتحوّل إلى دويلات من الطّوائف والقوميّات المتصارعة، على الثروات والنفوذ والحدود:
1 - تشكيل مجلس قضائيّ، يضمّ عدداً من القضاة المستقلين، من ذوي الاختصاص والخبرة، والمشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والإخلاص للشّعب والوطن، يتمتع بالصلاحيّات التالية:
أ- سحب صلاحيات الحكومة، وجعلها حكومة تصريف أعمال، وإيقاف العمل بمواد الدّستور، وتجميد عمل مجلس النّواب.
ب- إجبار جميع السياسييّن العراقييّن، الذين يتهم بعضهم البعض، بجرائم قتل العراقييّن، والفساد المالي والإداري، بتقديم ما لديهم من أدلّة جنائيّة ضدّ الطرف الخصم، ويعتبرهم المجلس، شهود إثبات على وقائع الجرائم، وله الحقّ بالتحفظ عليهم ضماناً لسير العدالة.
ت- بعد إجراء التحقيقات اللازمة، يعاقب من يعاقب وفق القانون، ويبرأ من تثبت براءته.
ث- تعديل مواد الدّستور التي تسببت في تصديع الوحدة الوطنيّة العراقيّة، وتمزيق الوشائج الاجتماعيّة للشّعب العراقيّ، وتبديد ثرواته الوطنيّة.
ج- تعديل نظام الحكم في العراق، من النظام النّيابيّ إلى النّظام الرئاسيّ الدّستوريّ، حيث أثبت النّظام النّيابي فشلة في إدارة شؤون البلاد في السنوات الماضية، لأنّه نظام توافقيّ يعتمد على المحاصصات ويستبعد الكفاءات، وأفضى هذا النّظام إلى إثارة النعرات الطائفيّة، والحزازات القوميّة والمماحكات المناطقيّة.
ح- أنْ يشار بشكل واضح وصريح في الدّستور المعدّل، بأنّ رئيس النّظام له الحقّ لوحده في اختيار الوزراء والمستشارين، وبدون تدخل أيّة جهة سياسيّة في ذلك. وأنْ يعالج الدّستور المعدّل، جميع الثغرات الموجودة في الدّستور الحالي، والتي أدّت إلى انتفاع جهات والإضرار بمصالح جهات أخرى.
خ- يَسنّ المجلس القضائيّ قوانين الأحزاب والانتخابات، مع إجراء تعداد سكانيّ في كلّ العراق.
د- يُعرض الدّستور المعدّل على الشّعب العراقيّ للتصويت عليه وإقراره.
ذ- إجراء انتخابات عامّة لانتخاب رئيس للبلاد، وانتخاب أعضاء لمجلس النّواب الجديد.
إنّي أتصوّر بهكذا آلية ستنشأ أحزاب سياسيّة وطنيّة نظيفة، لها القدرة على انتاج نخب سياسيّة واعية مثقفة مؤهلة لقيادة البلد، وتحقيق طموح الجماهير.
إنّ كلّ ما ورد لا يمكن تحقيقه في ظلّ الأوضاع الحاليّة، ما لم يطالب الشّعب العراقيّ بذلك، ويمارس دوره الديمقراطيّ، كقوّة ضاغطة على السياسييّن لتغيير الأوضاع المزرية التي يعيشها ويعاني ومنها الشّعب. وبدون ذلك فلا ينتظر أحد من العراقييّن قدوم الفرج. اللهم إنّي بلّغت اللهم فاشهد.
تقرير/حسين النعمه
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- حل "ترقيعي".. خطة الداخلية لشراء الأسلحة تُنعش "سوق مريدي" ولن تجمع 2٪
- أدخنة النفايات والمعامل تخنق سماء بغداد.. فأين الحلول؟