![](https://non14.net/https://www.non14.net/public/index.php/images/large/8-1738133210.jpeg)
لطالما كانت العمالة الأجنبية وضعف القطاع الخاص الشماعة التي يعلق عليها الجميع الأسباب وراء ارتفاع معدلات البطالة في العراق، إلا أن رئيس مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية منار العبيدي أكد، أن ضعف القدرات الشخصية، العلمية، والعملية للباحثين عن العمل وراء تصاعد عمليات البطالة في العراق وانتشار العمالة الأجنبية.
وقال العبيدي في تدوينة عبر “الفيسبوك”، إنه “على مر السنين، ورغم نمو بعض القطاعات الاقتصادية، ظل العراق يعاني من مشكلة حقيقية تتعلق بضعف القدرات الشخصية، العلمية، والعملية للباحثين عن العمل”.
وأضاف أن “هذا الضعف يجعل من الصعب عليهم الحصول على وظائف حتى عندما تكون متاحة في السوق، فقد شهدنا نموًا في قطاعات مثل الخدمات والضيافة، التي تشمل المطاعم، الفنادق، والمقاهي، بالإضافة إلى قطاع البناء، القطاع المالي، والزراعة، فضلًا عن القطاع الأهم، وهو قطاع النفط. ورغم الفرص التي وفرتها هذه القطاعات، لم يتمكن العراقيون من الاستفادة منها بسبب ضعف قدراتهم التنافسية، مما أدى إلى استحواذ العمالة الأجنبية على معظم هذه الوظائف”.
وأكد أن “المشكلة لا تقتصر فقط على ضعف التأهيل، بل تمتد إلى ضعف التعليم وسوء التهيئة لسوق العمل، بالإضافة إلى نقص التدريب المهني الذي يُفقد العمال العراقيين القدرة على منافسة العمالة الوافدة”، موضحاً أن “ضعف تطبيق قوانين العمل ساهم في تمكين بعض جهات القطاع الخاص من استغلال العمالة الأجنبية في ظروف أقرب إلى العبودية، ما جعلها خياراً مفضلاً لأرباب العمل على حساب العمالة المحلية”.
وأشار إلى أن “الحل لا يكمن فقط في زيادة الوظائف، بل في إعادة هيكلة نظام التعليم والتدريب بشكل يواكب احتياجات السوق”، مؤكداً “نحن بحاجة إلى تفعيل التعليم المهني بشكل يضمن تخريج كفاءات قادرة على المنافسة بقوة، وإعادة صياغة آليات التعليم الجامعي بحيث تكون أكثر توافقًا مع متطلبات العمل”، مضيفاً “كما يجب ربط قطاعات العمل مباشرة بالمناهج الدراسية، وزيادة ساعات التدريب العملي مقابل تقليل ساعات التلقين النظري”.
وشدد العبيدي على ضرورة “التوسع في إنشاء كليات ومعاهد متخصصة في مجالات حيوية مثل النفط، المصارف، السياحة، والفندقة، لضمان وجود كوادر مدربة تلبي احتياجات هذه القطاعات”.
وأكمل : “في المقابل، لابد من تطبيق قوانين العمل بصرامة لمنع استغلال العمالة الأجنبية بشكل غير عادل، مما يتيح للعراقيين فرصة التنافس في بيئة عمل عادلة. فبدون هذه الإصلاحات، حتى لو توفرت مئات الآلاف من فرص العمل، ستظل الحاجة إلى العمالة الأجنبية قائمة، مما يعني استمرار ارتفاع معدلات البطالة في العراق دون حلول جذرية”.
ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، لاسيما وأن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والمقاهي أيضاً.
وتتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب، ففيما أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في 2024، أن عددهم 4 آلاف عامل فقط، كشف وزير العمل الأسبق باسم عبد الزمان في عام 2019 أن عدد العمال الأجانب بلغ 750 ألفا، لكن بحسب لجنة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة في البرلمان فأن هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق.
يذكر أن أغلب هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية تصل الى 95 بالمائة، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.
وكانت وزارة الداخلية، أعلنت في 21 كانون الثاني الجاري، عن تنفيذ سلسلة من الإجراءات القانونية ضد العمالة الأجنبية المخالفة لقانون الإقامة، حيث تم القبض على 700 مخالف لم يسووا أوضاعهم بعد انتهاء المهلة القانونية.
ويبلغ متوسط مرتب العامل الأجنبي في العراق 700 دولار، بينما يبلغ الحد الأدنى لراتب العامل المحلي 270 دولار، بحسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن معدل البطالة للعمال في العراق قياسا بالعمالة الأجنبية غير المسجلة بلغ 26 بالمئة.
ويشهد العراق منذ سنوات طويلة، تظاهرات مستمرة وكبيرة يذهب ضحيتها العشرات من الشباب نتيجة قمع الأجهزة الأمنية، وغالبا ما تنحصر مطالب المتظاهرين بتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات وحياة كريمة للمواطن.
يشار إلى آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، كشفت أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المائة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام الماضي لتصل إلى 30 في المائة.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفاً، بل وانهياراً كبيراً نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من استمرار التيار الكهربائي أو الحماية اللازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلباً على الشارع العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.
أقرأ ايضاً
- كربلاء تحدد تسعيرة "أمبير" المولدات الاهلية لشهر شباط الجاري
- مدبولي: لدينا الإمكانيات لزيادة معدلات التبادل التجاري بين مصر والعراق والأردن
- الطلب قد يرتفع إلى 55 ألف ميغاواط.. وزير الكهرباء: هناك تزايد غير طبيعي على استهلاك الطاقة