ولدتهم أمهاتهم مكفوفين وفاقدي البصر وكانت حياتهم صعبة وتحركاتهم اصعب، وغاية ما كانوا يريدونه ان يشاركوا في الزيارات المليونية ويحيوا شعائر مناسبات استشهاد ائمة اهل البيت الاطهار، انطلاقتهم كانت من قبل شابين شاركا بتقديم "الردات الحسينية" في احدى الزيارات، فشكلوا حافزا لمن هم على شاكلتهم والتحق بهم الكثير، حتى خطرة لهم فكرة تأسيس موكب عزاء وكان لهم ما ارادوا عندما ساعدتهم العتبة الكاظمية المقدسة وتعاون معهم اصحاب موكب وخصصوا لهم حيزا من الخدمة فصارت اعدادهم بالمئات.

اصحاب المبادرة

يعطينا كفيل موكب "اولاد فاطمة" الخدمي " يحيى حسن حمزة" فكرة عن بداية الموكب وتأسيس خدمته ثم يشرح علاقتهم بالمكفوفين بالقول اننا" مجموعة من الاقارب والمعارف والاصدقاء من منطقة حي العامل تعلمنا من اهلنا الخدمة حيث كانوا يقدمونها منذ عقود الستينيات، ولم نترك الزيارة او الطبخ او اقامة الشعائر في احلك الظروف حتى وان كان على نطاق ضيق، وكنا في بداية الامر نخدم في عدد من المواكب في منطقة ابو دشير بالدورة، وقررنا ان نأسس موكب وتمكنا من بناء حسينية مكونة من ثلاث طبقات في شارع الوائلي قرب مطعم حبيب في مدينة كربلاء المقدسة في العام (2012) بإنفاق خاص من عائلتنا حصرا، واصبحت مقرا لنا للخدمة في جميع المناسبات الدينية بمدينة كربلاء المقدسة وتنقيم فيها المحضرات الدينية ومجالس العزاء وتقدم فيها الخدمات، واصبح الموكب يقدم خدماته على مدار السنة، ومنها في محرم والاربعينية ووفاة الرسول الاعظم وامير المؤمنين في النجف الاشرف، وهذا العام قدمنا الخدمة في ذكرى استشهاد الامام الرضا (عليه السلام) في مرقد القاسم بن الكاظم (عليهم السلام) الذي تكفلنا بادارة مضيفه منذ عشر سنوات ونقدم الخدمة في الكاظمية باستشهاد الائمة الاطهار الصادق والكاظم والجواد (عليهم السلام) لمدة تتراوح بين (4 ــ 5) أيام ويخدم في الموكب حوالي (50) خادم على مدار اليوم، كما نصبنا موكب للخدمة في مدينة سامراء بذكرى استشهاد ائمتها الاطهار بعد العام (2010)، وعند اعلان فتوى الجهاد الكفائي في العام (2014) كان لدينا تعاون مع موكب "فاطمة الزهراء" من اهالي قضاء الحي في محافظة واسط، وكان لهم موقع لدعم المقاتلين باعداد ثلاث وجبات طعام يوميا استمروا فيه لمدة اربع سنوات، فتكفلنا بتوفير الدعم اللوجستي والمواد الغذائية للموكب لديمومة عمله، ثم حصل لقاء بيننا فالتحقنا معهم باعداد الطعام للمقاتلين وفي العام (2015) كونا نواة موكب المكفوفين عندنا".

خطوات شابين

اسمه "حر رسول مكي" وهو اسم على مسمى لم يقف مكتوفا امام فقدان بصره فدرس وتخرج واصبح مدرسا للتربية الاسلامية في متوسطة "زين العابدين" الحكومية في منطقة الكاظمية ثم سار بطريق الخدمة الحسينية ويقول عنها "كنا انا وصديقي المكفوف "حيدر" في بداية الامر نقتصر مشاركتنا بالزيارة، والدخول مع مواكب الكاظمية والخدمة بشكل مختصر مع المواكب، ووجدت في الخدمة حيزا كبيرا لتكون خادما لاهل البيت، فكما يفخر من يخدم الضيوف في مضيف شيخ عشيرته، يصبح في غاية الفخر من يخدم زوار الائمة الاطهار، وطرحت على صديقي ان نؤسس موكب حسيني للمكفوفين وتكون البداية النزول بـ "ردات حسينية" على الطريقة الكاظمية مثل باقي مواكب عزاء، وتعرفنا على الحاج "غزوان ابو التمن" الذي نناديه "يابه ابو حمدون" احتراما وتقديرا لمواقفة الطيبة معنا وهو متولي جامع وحسينية "ابو التمن" في منطقة الشورجة ببغداد، فنزلنا معهم بموكب في الثامن من محرم بـ "ردات حسينية" في العام (2015) بمدينة الكاظمية المقدسة وعددنا (20) مكفوف، والتحق بعدها صديقي مع موكب اهالي الحي وباشر بالخدمة الذي يديره "الحاج خيون"، ومنها طرح فكرة توفير فرصة للمكفوفين للخدمة الحسينية في المواكب، وعند لقائي بالحاج "يحيى حسن" طلب مني مساعدته في الحصول على مكان للخدمة في الكاظمية بعد ان طلبت منه فرصة الخدمة في الموكب، وساعدتنا العتبة الكاظمية المقدسة كثيرا في هذا المجال، فخصصوا لنا في العام (2022) هذا المكان الذي كان مجاورا لمطبخ مضيف العتبة الكاظمية قرب بوابات الدخول الى باب "صاحب الزمان".

تأسيس وخدمة

كانت فرصة ذهبية للمكفوفين ان يجدوا موطئ قدم ومجموعة متمرسة في عمل المواكب تساعدهم، هكذا يصف "حر" الامر ويضيف "، فصار الاتفاق ان نوفر نحن المكان ويتكفل موكب "اولاد فاطمة" بجميع النفقات، وباشرنا بالخدمة مع الموكب في العام (2022) وكان عدد الخدام المكفوفين يتراوح بين (10 ــ 15) مكفوف، اما في العزاء فالتحق بنا المئات من المكفوفين من مختلف المحافظات العراقية وكانت اول مشاركة بموكب العزاء الذي نزل الى الشوارع يبلغ عدده (300) مكفوف، وصار اتفاق مع اصحاب الموكب على تكليفنا بمجموعة من الاعمال التي يستطيع المكفوف تنفيذها لان الله تعالى اخذ منه البصر لكنه رزقه بأعظم منه وهو البصيرة، ومن الاعمال غسل الصحون والاقداح او وضع السكر في اقداح الشاي او رصف وتوزيع اقداح الماء، او إخراج النوى من التمر او تقشير الباقلاء وتقطيع الطماطم وفتح الصمون، واصبح للموكب زبائن وجمهور يأتون اليه سنويا، واصبحنا مجاميع في كروبات عدة على الواتساب نعلن فيه جميع التبليغات للمشاركة في فعاليات الموكب، وكل مجموعة يرأسها معرف بشكل منظم، واهلنا يضعون كامل ثقتهم باصحاب الموكب على رعايتنا ونتنقل معهم لاحياء مناسبات اهل البيت في محافظات عدة".

قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة