التوجيهات الدينية من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية" عبارة ترن في اسماع كل محبي اهل البيت تصدر من غرفة المأذنة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها ستة امتار وتخرج من حنجرة رجل ستيني حسيني ضعيف البنية يمسك دفترا خط فيه بيده من الآيات والاحاديث واقوال اهل البيت (عليهم السلام) ما ينفع الناس، تعلق قلبه بالقرآن الكريم منذ نعومة اظفاره لكنه أجتهد في ان تقدم كل يوم معلومة فيها من الاجر والثواب للمصلين والسامعين الشيء الكثير، بدأ الامر بمقترح من المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي وكان نطاق وصول الصوت في الصحن والحائر فانتقل مع تقدم التقنيات ليصل الى كل ارجاء المعمور.
الفكرة والبداية
يتحدث القارئ محمد صادق محمد علي الذي ولد في محافظة كربلاء المقدسة عام 1957 لوكالة نون الخبرية بقوله " بدأت العمل في العتبة الحسينية المقدسة في قسم التوجيه الديني عام 2004 وبناء على مقترح قدمه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي بأن تقدم فقرة تدعوا الناس الى الصلاة والاجر والثواب لمدة دقائق بين قراءة القرآن ورفع الآذان يوميا في الحرم الحسيني، فكلفني رئيس القسم حينها بتنفيذ هذا العمل، وهو عمل يعتمد بالدرجة الاساس على المصادر الدينية والتاريخية، فذهبت الى مكتبة ابو الفهد الحلي وحصلت على مجموعة من الكتب والمصادر لبلورة العمل بصورته النهائية، وجمعت مجموعة من احاديث للنبي الكريم وائمة اهل البيت (عليهم السلام) وبدأت في العام 2004 اول مرة في دعوة الناس وترغيبهم للصلاة والاجر والثواب وكانت مكبرات الصوت توصل الصوت الى داخل الصحن والحائر الحسيني فقط وكان الصحن مفتوح وغير مسقف، والسامعون لهذه التوجيهات حينها هم الزائرون واصحاب البسطات والمحال القريبة، وكان لها صدى طيب حينها".
العنوان الاول
ومن الاداء الاول سعى ابو جعفر لتطوير هذه التوجيهات وجعلها بصمة مميزة تصدر من العتبة الحسيتية المقدسة ويبين هذا السعي بالقول " قررت ان يكون لهذا العمل عنوان مميز فعصفت الذاكرة واسترجعت نداء كنت اسمعه في ستينيات القرن الماضي كان يصدر من مكبرات الصوت داخل المدينة في منطقة بين الحرمين وشارع الامام علي وشارع علي الاكبر وكان شخصا يقرأه ويردد عبارة ( بسم الله الرحمن الرحيم التوجيهات الدينية) واقتبست عبارة التوجيهات الدينية وباشرت بها، ثم قلت في داخلي لابد ان يكون للتوجيهات الدينية عنوان معروف فاضفت لها، عبارة من الروضة الحسينية واصبحت العبارة يسمعها المصلون التوجيهات الدينية من الروضة الحسينية فقرأت فيها احاديث وروايات عن اهل البيت، ومنذ اليوم الاول شعرت بان تكليفا تحملته لاكون خادما للامام الحسين (عليه السلام) واقدم ما ينفع الدين والاسلام ومنهج اهل البيت (عليهم السلام)".
جهود فردية
يكمل محمد صادق الذي مضى عليه في هذا العمل 18 عاما كلامه بالقول ان "العمل باكمله تحملته بمفردي فانا من ابحث عن المصادر واستخرج الايات الملائمة والاحاديث النبوية واقوال اهل البيت (عليهم السلام) والدعوة الى الصلاة في اول وقتها وفضل المشاركة في صلاة الجماعة والصلاة في الحرم الحسيني، ثم انتقلت الى اضافة مواضيع اخلاقية وتوصيات اجتماعية لتكون الفائدة شاملة، ومن ثم اضفنا استذكار المناسبات الدينية المهمة مثل ايام استشهاد الائمة المعصومين ووفياتهم والايام المخصوصة بالزيارة والزيارات المخصوصة واعمال اخرى نذكر بها الناس مثل التذكير باعمال ليلة عرفة ويومها واعمال عيد الفطر وعيدي الاضحى والغدير والليالي البيض وجميع باقي المناسبات الاخرى في اشهر رجب وشعبان ورمضان ومحرم الحرام وصفر الخير، ولم يتسنى ان يكون لي مساعدا كوني عشقت هذا العمل حتى منعت نفسي من الاجازات رغم مروري حالي حال اي انسان بكثير من الضروف التي تستوجب عدم الحضور في الدوام ولم يمنعي من اداء عملي الا الذهاب في سفرات عبادية مثل اداء العمرة او زيارة مراقد الامام الرضا والسيدة زينب (عليهما السلام) او عند اصابتي بفايروس كورونا خلال الجائحة التي اصابت البلاد والتي منعتني من الحضور لخشيتي على انتقال الفايروس الى زملائي وكان يسد فراغي احد المسؤولين في القسم".
توسع رقعة الاسماع
قررت العتبتين المقدستين الارتباط ببث الآذان في وقت واحد واعتمدت حينها التسمية الرسمية من قبل الوقف الشيعي فصار لزاما علي ان اغير العنوان من التوجيهات الدينية من الروضة الحسينية الى التوجيهات الدينية من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، هكذا يصف محمد صادق التغيير الآخر الذي حصل في تسمية التوجيهات الدينية ويكمل "فتوسع نطاق الاسماع الى العتبتين وحائريهما في وقت واحد، وبعدها تأسست اذاعة الروضة الحسينية فقامت بنقل قراءة القرآن والتوجيهات الدينية والآذان نقلا مباشرا عبر الاثير فتوسع نطاق الاسماع الى مستويات ابعد في كربلاء وغيرها من المناطق، ثم جاء التطور الكبير بتأسيس قناة كربلاء الفضائية التي باشرت يوميا بنقل تلك الفعاليات الثلاثة نقلا مباشرا فاصبحت التوجيهات الدينية تصل الى كل دول العالم عبر الاقمار الاصطناعية واصبحت التوجيهات الدينية وتفيد ملايين المسلمين، لاسيما من اتباع اهل البيت في كل ارجاء المعمورة، اما تسقيف الصحن الشريف وتجديد التقنيات الخاصة بالصوت فهي اضافات اخرى اسهمت في اخراج ما يصدر من فمي بشكل مميز ومهني واحترافي واصبحت اسمع تفاعلات المصلين مع ما اقرأه خاصة عندما اقرأ في المناسبات الحزينة في عاشوراء والاربعينية وايام الفاطمية وكنت اتألم واحزن مع انين المصلين، واعتبر استمراري بهذه الخدمة لابي عبد الله الحسين (عليه السلام) هي اكبر كرامة لي".
سيرة عطرة
ابو جعفر يسرد حياته بالقول انني ومنذ نعومة اظفاري تعلقت بالقرآن الكريم وشجعني والدي وعائلتي على السير بهذا الطريق، وشاركت منذ طفولتي في كثير من المحافل القرآنية والمجالس الحسينية وانا قارئ قرآن ومؤذن ورادود حسيني خلال المحافل القرآنية والمجالس الحسينية والصلوات التي كانت تقام في حسينية دار الحسين (عليه السلام) بمدينة قم المقدسة عندما هجرنا من العراق ومن ثم اصبحت مسؤولا عن اقامة محافل قرآنية وقد اشرفنا على تخريج المئات من المتعلمين للقرآن بعد اقامتها لمدة عشرون عاما وكنا نستغل العطلة الصيفية ونستقطب بحدود 30 صبيا لتربيتهم وتعليمهم احكام التلاوة والقراءة، واصبح الكثير منهم طلبة علم في الحوزة الدينية، واخرين يقرأون القران في المساجد والحسينيات في مناطقهم".