- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العتبات المقدسة ودورها في بناء الإنسان العراقي.
باقر جميل
كلكم تقريبا تعرفون إخوتي الأكارم ما هي المراحل التي مرت بالعتبات المقدسة التي في العراق بالتحديد، وما هي الصعاب التي واجهتها، وما هو حجم التهديد الذي طالها على مدى سنوات طويلة، كان بدايتها بإخفاء قبر الإمام علي لأكثر من مئة عام عن أحبائه وأنصاره وانتهاءا بزمن اللانظام، حيث صارت العتبات المقدسة مركزا لجهاز الاستخبارات وأمن الدولة الصدامية!؟ وعندما يكون الحال هكذا فلا تحدثني عن الإنجار الثقافي أو الديني أو الإجتماعي وحتى الزراعي في هذه العتبات. بحمد الله سبحانه وتعالى فقد انزاحت هذه الصخرة المثقلة على قلوب العراقيين، وهنا انطلقت الهمة في توجيه العجلة على المسار الصحيحة، مخلفة ورائها الكثير من الركام والأنقاض الفكرية المعذبة. عملت العتبات المقدسة في العراق على خطوتين مهمتين جدا، وبالتأكيد لا يعني انها اغفلت بقية الجوانب، لكن حسب ما أرى أنها اتجهت بالشكل الصحيح وتوجهت الى قلب الروح الإنسانية لينبض بالثقافة والنمو الفكري مرة أخرى. اتجهت العتبات ولا سيما في كربلاء المقدسة الى جانب تفعيل جذب السياح اليها وذلك من خلال الأمور التالية، نذكرها باختصار: الأولى، هي تطوير البنى التحتية للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، لانها الركن الأساسي في إدامة نظافة العتبة أولا، واستقرار الزائر بوجودها ثانيا. الثانية، العمل على إنشاء مباني تتوافق مع الطراز المعماري الحديث والرصين، من أجل إستقرار الوافدين اليها من خارج العراق ومن كل العالم، لان العتبات المقدسة قد ظهرت صورتها واسمها بعد السقوط، ولذلك فالعالم يريد أن يعرف عن ما هيت هذه العتبات، وما القيمة الروحية التي تمتلكها، فيعتريهم الفضول للزيارة بشكل قوي لها، وبهذه الحالة لابد من توفير أماكن تليق بصاحب الضيافة، وهو الأمام المعصوم روحي فداه. الثالثة، وهو الجانب الثقافي الذي يليق بالفكر الإنساني الإسلامي النابع من بيت أل الرسول، وبالتأكيد فان إحياء هذا الجانب يعود فقط بالمنفعة لكل منتسبي العتبة أو على الأجانب الوافدين إليها، بلى العكس صحيح أيضا، لقد شيدت العتبة هذه الصروح الثقافية من أجل العراقيين جميعا الذين حرموا من الثقافة الحرة والغير مقيدة من قبل الحاكم، والغير مجيرة لمدح شخصية معينة دون استحقاق، فالفائدة الكبرى لأهالي مدينة كربلاء بالتحديد لانهم الأقرب من نهل هذه الروافد الفكرية المستمدة من تضحيات سيد الشهداء، لأبناء المحافظة من طلاب مدارسها وجامعاتها، وكذلك من أساتذة جامعاتها وأطبائها ومهندسيها، لان المصادر العلمية والدينية والتأريخية والإجتماعية، وحى كتب الأطفال متوفرة وأبوابها مفتوحة على مصراعيها لمن أراد الأستزادة من الفكر والثقافة، وأيضا لكل العراقيين الذين يرغبون في رفع مستواهم الفكري بقرب سيد الشهداء. وإليكم أبسط مثال لهذه الصروح الفكرية والثقافية، و هو (مجمع الإمام الحسن عليه السلام الثقافي). وإليكم بعض المعلومات عنه: يقع هذا الصرح الثقافي على مساحة 2500 متر مربع، ويتكون من تسع طوابق مع سرداب، ويحتوي كل طابق على فعالية خاصة به، مستقلة عن الأخر، وهذا ما يميز العمل الثقافي، حيث يركز على محاور متعددة وكل محور يكفل به من هم أهله. فكان الطابق الأرضي من حصة معرض الكتاب الدائم، والطابق الأول صار خاصا لتعليم النساء، والطابق الثاني مدرسة حوزوية للرجال، والطابق الثالث صار مكتبة خاصة للنساء إضافة الى مكتبة للبنات الصغار، والطابق الرابع أصبح مكتبة خاصة للرجال، وأيضا بالإضافة الى مكتبة خاصة بالأولاد الصغار. أما الطابق الخامس فصار مركزا للبحوث وأضيف اليه مركزا للمخطوطات. والطابق السادس شقق سكنية لضيوف العتبات المقدسة. والطابق السابع محطة اذاعة الروضة الحسينية المقدسة. والطابق الثامن سيكون قاعة للمؤتمرات. ونقول مرة أخرى: ما فائدة هذا الصرح مثلا ؟ ومن المستفيد منه بالتحديد ؟ نكرر مرة أخرى إن المستفيد الأول منها هم أبناء مدينة كربلاء لقربهم منها، والعراقيين بشكل عام، وخصوصا أصحاب البحوث العلمية والأساتذة الجامعيين، فكما تعلمون ان جامعات العراق في تراجع حسب التسلسل العلمي الدولي، أو في بقاء خجول في مركزه المتأخر..!، لان العراق يفتقر لمؤسسات ثقافية وفكرية ترفع من مستوى الباحثين العراقيين ليتمكنوا من التنافس الفكري مع بقية العالم. وثانيا فان النظام المقبور قد عمل على تجهيل الشعب العراقي بكل وسيلة ممكنة، لتكون حياته مظلمة دائما، وان يكون همه الوحيد هو لقمة العيش، ويسلخ الناس جانبهم الفكري والروحي، فوجودها تعيد بناء الإنسان العراقي الفكري مرة أخرى بصورة صحيحة. ولا يسعنا أيضا الكلام عن دور الطباعة والنشر والتي تقوم بطباعة الرسائل الجامعية لطلبة الماجستير، وأطاريح الدكتورا للباحثين، وبسعر مدعوم جدا، وهذا ليس خافيا على أحد وهذه الكتب موجودة في معراضها الدائمة سواء داخل المراقد المقدسة أم على جانبيها. كما لا يسعنا نتكلم عن المزارع التي استحدثت في مدينة كربلاء، لترفد المنتوج الوطني، وترفع ولو بقليل الثقة بالنفس بأن في العراق ما زال خير كثير، حتى بعد ان دمرته الحروب والسياسات الفاشلة. ولا نتكلم عن مدن الزائرين التي تمثل محطات ترفيهية للعوائل الكربلائية والعراقية كافة، والتي كان حكام العراق يحرمون علينا ببناء مثل هكذا منشئات ترفيهية! بل يأخذون الأموال من الفقراء اذا قام بترميم بيته المتهالك والآيل للسقوط..! وأخيرا فإن كل هذه الصروح الفكرية والثقافية والزراعية والصناعية، تمثل مصدر عيش كريم لآلاف العوائل الكربلائية خاصة والعراقية عامة، ويستفيد منها مئات الآلاف من الافراد من خيراتها، خصوصا ونحن نعيش في بلد قد عجزت حكومته عن توفير فرص العمل لمواطنيه..!
هذا هو نجاح العتبة الحسينية في كافة المجالات فاين نجاحاتكم الوهمية ؟؟!! فطوال 15 ربيعا استلمتم فيها دفة الحكم لم نرى لكم مشروعا واحد قد استفاد منه اهالي كربلاء، سيتحدث التاريخ عن هذه الحقبة وكيف ان العاملين في العتبات بذلوا الغالي والنفيس من وقتهم وجهدهم لكي تكون كربلاء الاولى في الخدمات لابنائها بالخصوص وابناء العراق ومحبي الامام الحسين عليه السلام ممن يتشرفون بزيارة المولى ابي عبد الله الحسين عليه السلام، فابعدوا حملاتكم التسقيطية و جيوشكم الالكترونية كما تطلقون عليها ولاتتصيدوا عثرة هنا او زلة هناك فمدينة كربلاء واهلها ستلجأ وستطالب بان تتبنى العتبات مشاريعها وسننظر اليها بكل فخر اما انتم فستضعون رؤوسكم في التراب لفشلكم في ادارة حي من احيائها .
والعاقبة للمتقين
أقرأ ايضاً
- كربلاء دولة الإنسانية والحسين عاصمتها
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الاول