عباس الصباغ
اصاب رئيس وزراء اليابان (شينزو آبي) كبد الحقيقة بتوصيفه المنصف للعراق: (مثلما تطلقون في العراق على اليابان كوكب اليابان سيكون العراق أيضا كوكب العراق) مايدل على استراتيجية الرؤية اليابانية حيال المشهد العراقي، وعلى تفهّم الجانب الياباني للرغبة العراقية في الوصول الى مصاف الدول المزدهرة كاليابان، وهي اشارة الى ماكان يتردد في مواقع التواصل الاجتماعي من توصيفات تدل على هذا الطموح المشروع كـ (كوكب اليابان) التي كان يطلقها بعض الطامحين بتحسر شديد، لكن هذا الحلم صار اقرب للتحقق بعد ان اشار رئيس وزراء اليابان الى امكانية تحقق ذلك، ولم يتأَتَ ذلك التوصيف الراقي من فراغ او كان مجاملة بروتوكولية لوفد زائر، بل كان مستندا الى جملة معطيات وحقائق على الارض، ولم تكن بعيدة عن التشابه الكبير مابين التاريخ الحديث لكلا البلدين بعد تجربة الحروب المدمرة والعبثية التي خاضتها حكومتهما والدمار الذي اصابهما بسبب الاخطاء الفادحة التي اقترفها اصحاب القرار فيهما والثمن الباهظ الذي دفعه شعباهما، واستند ايضا الى رؤية اليابان الاستشرافية للواقع العراقي المعاش، وقدّرت الحاجة الفعلية الى اعادة ترميمه فنظمت مؤتمر (ايجاد فرص العمل وتأهيل الايدي العاملة والتدريب والتطوير المهني في العراق) والذي شارك العراق فيه ممثلا برئيس الوزراء حيدر العبادي وبحضور شخصيات يابانية مرموقة، ناهيك عن تمثيل الامم المتحدة ودول الاتحاد الاوربي وحضور ممثلين عن 30 دولة ومنظمة دولية في ملتقى دولي / اممي يطمح العراق منه ان يكون خطوة نوعية اضافية الى مؤتمر الكويت للمانحين.
فالعراق بعد ان التزم بمبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وبعد تحقيقه الانتصار المؤزر على عصابات داعش الارهابية، وبعد ان نجح في تجسير علاقاته الطيبة مع دول العالم راسما صورة العراق الجديد الديمقراطي والسلمي المنفتح وبمايعكس نجاح الدبلوماسية العراقية في هذا المسعى المتجسد في اطار المنهج الحكومي لتعزيز علاقات العراق مع المجتمع الدولي ككل ووفق القانون الدولي، فتكتسب الزيارة اهميتها من كونها تأتي متزامنة مع بدء العراق مرحلة البناء، لا سيما وان اليابان لم تؤشر انها انخرطت في صراع الأقطاب بالعالم او منطقة الشرق الاوسط، وهذا مايتطابق مع سياسة الحياد والنأي عن سياسة التورط في التحالفات او المحاور التي اعتمدها العراق وبما يتواشج ايضا مع السياسة الخارجية اليابانية وارتباط اليابان بعلاقات سياسية واقتصادية مهمة مع اغلب دول العالم، مما يعزز للعراق رصيداً دبلوماسياً مهماً ما احوجَ العراق اليه في هذه الظروف. فكانت الزيارة فرصة ثمينة للاطلاع عن كثب على التجربة اليابانية.
وتأتي هذه الزيارة الناجحة بكل المقاييس بعد ان استطاع العراق ان يكسب ثقة العالم واحترامه وتأييده في جميع سياساته الداخلية منها او الخارجية سواء الاقتصادية منها او الامنية او السياسية او الاستثمارية وحتى المجتمعية ونجاحه في فتح ابوابه للمستثمرين وتأمين اراضيه للعمل فيها والذي يعد من اهم الشرائط لدخول الاموال والخبرات للبلد خاصة تلك التي تتمتع بسمعة عالمية عالية كاليابانية، ومن هذا المنطلق تكتسب الزيارة اهميتها من كونها تأتي متزامنة مع بدء العراق بمرحلة البناء والاعمار وفتح السوق العراقي للاستثمار وهو ما اكده د. العبادي خلال المؤتمر بأن العراق يتطلع الى المستقبل وهو يمتلك كل مقومات النهضة والتنمية وبعد ان انتقل الى مرحلة البناء والاعمار وسينتصر فيهما كما انتصر على الارهاب، وأن العراق يتطلع بعد هذا الانتصار الناجز إلى إعادة الإعمار والتنمية والتطور الاقتصادي وأن فيه من الطاقات ما يمكّنه من صنع ذلك.
من اهم النتائج التي حصدها العراق: امكانية دخول الشركات اليابانية العملاقة في مختلف القطاعات الاستثمارية في العراق والتوصل الى عدد من الاتفاقيات المهمة مع الحكومة اليابانية، لاسيما المتعلقة منها بإكمال مشروع ماء البصرة الكبير، واستصلاح أراض بين نهري دجلة والفرات، و مناقشة توفير محطات كهربائية ثابتة ومتنقلة، إذ سيجري توفير 4 محطات كهربائية سعة 400 (كي في) في ميسان والمثنى وشط العرب والشطرة، علاوة على توفير 12 محطة متنقلة 132 (كي في) على أن يدخل معظمها للعمل قبل صيف 2018 لزيادة معدلات انتاج الطاقة الكهربائية في العراق، وإنشاء معامل لتصنيع السيارات داخل العراق وتقديم خدمات ما بعد البيع، واستمرار التعاون في مجالات النفط والطاقة والكهرباء والخدمات والتعليم والصناعة...الخ، والخير العميم قادم الى كوكب العراق، ان شاء الله.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي