- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ
حجم النص
د.طلال فائق الكمالي قد دفعني الفضول المعرفي كثيراً إلى البحث عن المطالب التي تدرس علل الأشياء ومنها علل تسمية الأسماء، ومن ضمن تصفحي لبعض تلك الدراسات والمصادر عن علة تسمية الإنسان إنساناً وقفت على أقوال متعددة منها: أنها مأخوذة من النسيان، وقيل هي مشتقة من الإيناس: وَهُوَ الإبصارُ والعِلمُ والإحساسُ، على حين ذهب آخرون إلى أن علة التسمية جاءت من الأُنسِ: أُنْسٌ بالحَقّ وأُنْسٌ بالخَلْق، لأن بعضهم يأنس إلى بعض. ولعل ما اشتهر عند الباحثين بأن (الإنسان اجتماعي بالطبع) مرجعه ما تقدم من أقوال، خاصةً لو نظرنا إلى التركيبة البيولوجية للإنسان بموجب الجعل الإلهي التكويني وكيف يأنس بغيره من البشر، فضلاً عن الجعل الإلهي التشريعي الذي نظم العلاقة الفردية بالمجتمع من جهة وعلاقة المجتمع بالفرد من جهة أخرى. بعد كل ما تقدم اذهب لصفوة القول لأقف مستغرباً من إنسان يسعى بالخروج عن دائرة الأنس البشري والاجتماعي محاولاً انتزاع ثوب هيئته التكوينية والإدبار عن النظم التشريعية التي ُشرعت له لزوم البقاء على لباس سجيته؛ بل سننت السبل الكفيلة لبقائه داخل دائرة (الأُنس) طولاً وعرضاً لإبقائه ضمن هيئته تلك، في الوقت الذي نجد هذا السعي عند بعض البشر مقصده صراع حقيقي بين ما هو كائن من نفس ضعيفة متدنية قُهرت ملاكاتها، وبين ما ينبغي عليها من التجلي تألقاً نحو تلك السجية الربانية التي خلقها الله تعالى. إنها الحقيقة التي يجب أنْ يضعها كل إنسان أمام نواظره لمعرفة مرتبته الإنسية، فكلما حاول أن يُغلّب نفسه أمام الآخرين ويعزز المبدأ الذاتي بعيداً عن الخط البياني لتلك العلاقة السوية كان خارج دائرة (الأُنس)، على حين نجد أنَّ الذي يسعى لبقاء وجوده ضمن وجود الآخرين ويعزز المبدأ الموضوعي عبر محبة الآخرين والانفتاح عليهم والسعي لإفشاء الخير كان داخل دائرة (الأُنس) ومصداقاً لهيئته الطبيعية التي جبل عليها. لقد صدق الله العلي العظيم إذ قال: كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ.
أقرأ ايضاً
- رُؤْيَةٌ عَنْ دَوْرِ الْإِعْلَامِ فِي الْحَرْبِ عَلَى الْإِرْهَابِ
- لا مُجامَلة عَلَى حسابِ العَمَليَّةِ التَرْبَوِية
- القِطاعً المختلط العراقي عَلَى حافةِ الانهيار