حجم النص
عباس الصباغ لم يكن حجر الأساس الذي وضعه ممثل الإمام السيستاني (دام ظله الشريف) في كربلاء سماحة الشيخ الكربلائي مجرد إيذان بالشروع في مشروع حيوي فاعل وعلى غرار المشاريع الحيوية التي تفتح (أو تُفتتح) هنا أو هناك واقصد به مطار كربلاء الدولي الذي سيتم إنشاؤه في زمن الحرب والتقشف وقلة ذات اليد .بل هو مشروع كربلائي صرف وحسيني بامتياز، فكربلاء التي بخِل عليها الحكام المتعاقبون إقامةَ ابسط مشروع استراتيجي وحيوي لكي لايُحسب لها اي ثقل اقتصادي وحضاري او صناعي ولتبقى كربلاء رغم إستراتيجية ومركزية العتبات المقدسة فيها مدينة هامشية وغير ذات أهمية وغير جاذبة لأي نشاط اقتصادي أو مالي / استثماري ولكي يبقى أهلها خارج دائرة الضوء ويعيشوا تحت خطر الفقر وتم ذلك في جميع المراحل التي مرت بها كربلاء من ملكية وجمهورية وخاصة في العهد البعثي المظلم ولم يتأتَ لكربلاء أن تدخل الى العالمية إلا بعد زوال وانحسار هذا العهد العفلقي / الصدامي الفاشستي . ولكن وللأسف ـ وهو أسف عراقي عام و مشترك ـ فانه ورغم تمتع كربلاء بالعالمية التي تحتاج الى اليد التي تأخذ بها الى ذلك المستوى الذي يليق بها، فان المحرومية التي اتصفت بها كربلاء لعقود بسبب السياسة الطائفية / الشعبوية / الاقصائية لحكام العراق فقد استمرت تلك المحرومية بشكل اخر لعقد ونيف بسبب الفساد المالي والإداري الذي استشرى في جميع مفاصل الدولة العراقية لمابعد التغيير النيساني 2003 ونتيجة لتبخر الموازنات "الانفجارية" / الريعية التي هطلت على العراق طيلة السنين السابقة فان حصة كربلاء من منظومة الفساد والخراب الشمولي كانت كبيرة للأسف فبقيت كربلاء تئنّ تحت وطأة النقص الفادح في المشاريع الخدمية والاستثمارية والتي لها مساس مباشر بحياة المواطن المغلوب على أمره، وبقي الكثير من أهلها تحت الفقر المسموح به دوليا وبقيت كربلاء تعج بما لايحُصى عددا من الأرامل والمشردين والايتام وذوي الاحتياج الى رعاية الدولة بالرغم من كون كربلاء من المدن الجاذبة لمايسمى (بترو ـ زائر) وهو مشروع يدرُّ على كربلاء الكثير..ولكن!! وما أدراك ما ولكن!! حيث يؤمها أكثر من خمسين مليون زائر في السنة ومن كافة الجنسيات والأعراق والملل والنحل وهو أكثر من عشرين ضعفا مما تستقبله المشاعر المقدسة في موسم الحجيج الذي تحشّد فيه العربية السعودية كل طاقاتها من اجل إنجاحه وكربلاء هي أولى بهذا التحشيد. فلم يرَ الكربلائيون طيلة السنين الماضية مشروعا كبيرا أو استراتيجيا / سياديا مهما ينقل المدينة المقدسة الى مصاف المدن العالمية الكبرى والحواضر المقدسة التي ينشدها الحجيج، مع استمرار تعثر وتلكؤ المشاريع الخدمية والمعيشية فيها بحجج وذرائعَ شتى وصارت مسالة "التقشف" ونقص "السيولة" المادية من الاسطوانات المشروخة والتي مافتئ بعض المتصدين للمسؤولية يكررونها على مسامع الناس، وهذا هو جزء من حقيقة الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي يُخفي المنغمس منه الكثير من الحقائق الصادمة أيسرُها الصفقات التي تدار وراء الكواليس والتي تطيح بالكثير من المشاريع وتئِدها في مهدها وحتى وان رأت النور فإنها تولد كسيحة وعرجاء . نعم رأى الكربلائيون ـ ومعهم العالم اجمع ـ أن مدينتهم المقدسة بدأت تحتضن الكثير من المشاريع الحيوية والإستراتيجية وتلمسها لمس اليد وذلك بعد تولت العتبتان المقدستان تنفيذها أو الإشراف عليها مع توفر النية الصادقة واليد النظيفة والهدف السامي الشريف وهو خدمة مدينة الحسين وزوار سيد الشهداء بعد أن دخلت كربلاء من أوسع أبواب موسوعة غينس للأرقام بكل تفاصيل صيغ المبالغة كمدينة عالمية لاتقل شأنا عن الفاتيكان او مكة المكرمة،والدليل هو الكرنفال الأربعيني الضخم في أربعينية الحسين (عليه السلام) حيث يزحف الملايين صوب أبي الأحرار ويولوّن وجوههم تجاه مرقده المقدس، هذا الزحف المليوني الهادر يستلزم الكثير والكثير من المشاريع ليست الخدمية منها فحسب بل والحيوية والإستراتيجية ايضا، ومنها المطار الذي وضع جناب المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة حجره الأساس ذلك المشروع الذي افرح البعض واستبشرت وجوههم وابيضّت محياهم وراحوا يشمّرون مع ممثل الإمام السيستاني (دام بقاؤه) عن سواعدهم من اجل انجاز هذا الصرح الشامخ ـ وتذليل العقبات وتسهيل المهام ـ والشاخص السيادي الذي ينقل كربلاء الى عتبة العالمية الرحبة، وأبكى آخرين ممن اسوّدت وجوههم وانقبضت محياهم وراحوا يضعون العراقيل تلو العراقيل ويحشّدون ـ ما أمكنهم التحشيد لتشتيت الجهود المتضافرة والساعية لانجازه ـ أمام انجاز هذا الصرح الذي عرجت من أرضه أرواح شهداء الطف السعداء الى بارئها المتعالي، ومن المأمول أن تطير وتهبط على مدرجه العامر الطائرات التي تحمل زوار الحسين والملبين لنداء عاشوراء والزاحفين (جوا) الى كربلاء