حجم النص
بقلم:علي الخباز بعدما زحف العمران المدني، اصبحت ديارهم مهددة بالزوال، حتى ان البعض من اهاليهم، نقلوهم الى المقبرة الجديدة، وحقيقة الامر فانا مازلت ازورهم بين مدة واخرى في المقبرة القديمة، وأندهش كثيرا لما يحملونه من متعة روحية برواية التواريخ، تقرب إليَّ عوالم مدينتي كربلاء... البعض لم يصدق حواراتي معهم عن كربلاء، واعتبرها (فبركة) صحافة، وتبقى عندي تلك المحاورات، اعز ما املك من تاريخ... جلست عند قبر الجد انتظر خروجهم إليّ، عسانا نتكلم عن اشياء جديدة، عن عوالم تاريخية، تحملها ذكريات بعض الشهداء وآراؤهم ذات العبق الاقحواني. يقول جدي: كربلاء لها علاقة وطيدة مع الشهادة والشهداء الذين يقدسون كربلاء، ولدينا مدن تشبه مدنكم، اما انهارنا هي انهاركم نفسها، فعندنا نهر العلقمي، ونهر نينوى، ونهر الغازاني، والرشدية، ونهر السليمية: أي الحسينية الخالد... قلت: اننا حرمنا من هذه الانهار، ولا نعرف عنها شيئا، وليس لدينا سوى نهر الحسينية العظيم، فنهر العلقمي الذي شيده الوزير ابن العلقمي قد اندرس تماما، فتعالى الضحك من بعض الشهداء، وسخروا من كلامي، قلت: عجبا ما الذي اخطأت فيه؟ قال احد الشهداء: ان الوزير ابن العلقمي، هو الذي هو الذي طمر النهر استجابة لعتاب بعض أئمتنا مع الفرات... قلت: اذا لماذا يُسمى بالعلقمي؟ قال شهيد آخر معقبا: ان الذي حفر النهر هو احد اجداد هذا الوزير، وسمي بالعلقمي نسبة اليه... فقال الجد: هذه المعلومات مدونة عندكم في الكثير من المصادر، واذا شئت فاقرأ تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة، فاردف شهيد آخر: لقد تم اصلاحه من قبل السلطان محمد الغزنوي، على يد وزيره علي الجويني، وقد طمر ايضا عام 915هـ. واما نهر الغازاني فان احد ملوك التتر، جدد النهر باضافة مجرى مائي من الحلة، حفروه الى ان اوصلوه الى العلقمي، وسموه نهر الغازاني... اشعر ان الحديث عن كربلاء يفرح الشهداء كثيرا، وكذلك يفرحني، فثمة سعادة بداخلي لاتوصف، يغبطني عليها الكثيرون، ولذلك هم ينكرون عليّ هذه اللقاءات، ويقولون عنها: كلام جرائد.. يسألني احد الشهداء، وقد لاحظ شرودي: الى اين سرح فكرك؟ قلت: حقيقة استوقفني نهر نينوى، فقد سمعنا ان هناك قرية او ضاحية من ضواحي كربلاء تسمى نينوى، ونينوى اسم من اسماء كربلاء، لكننا لم نسمع بنهر نينوى؟! فاجابني احد الشهداء: هذا النهر حفره البابليون بين شمال سدة الهندية، وجنوب المسيب من نهر السوري، ويعد هذا النهر احد انهار كربلاء قديما... قلت: طيب ونهر الردية ايضا، لم نسمع عنه؟ قال احد الشهداء: تبرعت زوجة محمد شاه القاجاري بتنفيذ هذا النهر عام 1299هـ. اما الفرع الثاني يسمى نهر الهنيدية باتجاه جنوب مدينة كربلاء.. فقال احد الشهداء ضاحكا: ونهر السليمانية؟ اجبته لا هذه نعرفها، فنهر السليمانية هو اهم اعمال السلطان سليم، وهو نفسه النهر الذي يسمى الحسينية.. فقال جدي: قبل ان تذهب اريد ان احدثك عن شيء، ويبقى لك معناه، طلب السيد مير علي الطباطبائي مساعدات من الهند عقب هجوم الوهابيين على كربلاء عام 1216هـ وشيد سورا عظيما لمدينة كربلاء، ليحفظها من الغزو، وكذلك السيد قاسم بن السيد كاظم الرشتي، طلب مساعدات من وجوه ايران، فمد نهر الحسينية الى موقع الشهيد الحر الرياحي، سمي الفرع الذي يبدأ من قنطرة باب الطاق بالرشتية، ومما بعد سمي بالرشدية، وانتخي على حفره المرحوم السيد مهدي بن السيد محمد الطباطبائي رحمه الله....