حجم النص
بقلم:طلال فائق الكمالي تكاسلت لأيام عن كتابة مقال وهذا لا يعني عزوفي عن أصل الموضوع ولكنّ قلقاً أخذ حيزه من نفسي، خلاصته: أنّ عموم ما نكتبه يصنّف مُثلاً خاليةً من الحياة الواقعية لا تتعدى التنظير فحسب، أو أنها مشاريع لعنوانات باتت تفتقر لإثارة أصحاب الشأن من مفكرين وعلماء وقادة ومدراء من أجل الإيعاز بعصف الحياة لتفعيلها. كما تأملت كثيراً عن العلة وراء بقاء شعوبنا ومؤسساتنا في محلها متخلفةً من دون أن تسير قُدماً نحو النمو والتطور، إن لم نقل وراء تقهقرنا في عصر أصبح التسابق فيه مع الوقت رأس مال الرقي والتألق. وبحثت عن الإجابة بين صفحات المعلوم والمجهول للوقوف وراء العلة في أعلاه... أبحث بين ضبابية الرؤية، وغياب الهدف، وتواضع السُبل، وضعف العزم والإرادة، وأشياء أُخرى... حتى أيقنت وأنا أتأمل في مفردات (خطبة الوسيلة) لأمير المؤمنين عليه السلام التي اختزلت فلسفة أصل الوجود والإنسان وآلية عمله في مجالات الحياة كافة بأننا الأمة الوحيدة من دون الأمم والشعوب من تمتلك بالقرآن والسنة المطهرة مضامين أيديولوجية رفيعة الشأن ورؤى واضحة ومتكاملة، أي أنها استغنت عن قطع مشوار طويل في إعداد رؤية كونية ترتقي بها... فأين المشكلة إذاً ؟! حينها أدركت ــ ولازلت أتأمل بمفردات خطبة الوسيلة ــ أن العلة تكمن في السعي إجرائياً لنقل النظرية من مجال الفكر إلى العمل عبر السلوك التطبيقي على الرغم من أهمية الجانب التنظيري والمضموني، لعلمنا أن المثل والمفاهيم العليا لا تتحقق إلا عبر اقترانها بعمليات إجرائية تحمل المفهوم من حيز التنظير إلى حيز التنفيذ، بيد أنّ النكتة في ذلك هي أن الرؤية الكونية السماوية بما تتضمنه من نصوص قرآنية وسنة مطهرة ــ كما هي الحال في خطبة الوسيلة ــ تكتنز آليات ترجمة المفهوم إلى سلوك إجرائي، لننتهي إلى أن لا شيء يدفعنا نحو التألق والرقي إلا العزم والإرادة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- البيجر...والغرب الكافر