- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأربعينية ومدرسة الامام الحسين ( عليه السلام)
حجم النص
بقلم:أ.د. عباس التميمي / جامعة كربلاء أصبح طريق الحسين بن على (عليه السلام) طريق غسل الذنوب وطهارة النفس، والخلاص من حاضر كثرة فيه الطمع وحب المال والغدر والخيانة ، لذلك فأن السير على طريق الحسين (عليه السلام)ترك الدنيا وما فيها للوقوف مع صف أهل البيت (عليهم السلام)من خلال نزع شيطانية النفس ورميها خلف جدار اللانسانية، لان الانسان المسلم الحقيقي (هو من سلم الناس من يده ولسانه) وهي ماتسعى اليها مدرسة آهل البيت (عليهم السلام) من تهذيب ورقي ورفض الاستعباد والعزة والكرامة وتأكيد على قدسية الانسان وعدم اركوع سوى لله الواحد الاحد. لقد أصبح الحسين بن علي(عليه السلام) الحاضر وكأن الزمن والتاريخ يتلاشى ليكون جدار من الحق والباطل، ليستقر الحق عند من يريد الحق والباطل من يريد الباطل ويسعى لاجله وهو يعلم أن الباطل باذته وهو مرفوض من كانت له ذات أنسانية، بل وهو غير مقتنع بما يقوم به الباطل ولكن الشيطان ووسوسته هي من تفرض عليه ارادته وتحوله الى شيطان من شياطين الارض. لقد تعلمنا من الحسين بن علي (عليه السلام) أن نكون أنسانيين، لانقوم بتلف ما حباه الله لنا في الارض من نعم، وأن نكون أخوة متحابين مع كل البشر لا نفرق بين أسود وأبيض لا فقير ولا غني، أنها المساواة الانسانية، فالكل يملك نفس الاجهزة التكوينية لجسدة وأن تعدد الجنسيات واللغات والدول، النظرة الانسانية هو ماجاء بها ديننا الحنيف وما اكد عليه رسولنا محمد وأهل البيت الكرام (عليهم أفضل الصلاة والسلام). فلم يكن الامام الحسين بن علي (عليه السلام) عندما جاء بعياله ونسائه وكل ما يمتلك الى كربلاء وقد أحاط به كل عتاد الدنيا أنذاك على درجة من عدم التمييز، (حشاه من هذا الوصف) (عليه السلام)، وأنما الامر من الله (جلَّ علاه)، وكان بمقدور جلَّ علاه نصره على من أعتدى عليه بكل بساطة، فدعوة الله للعبد الصالح مستجابة وقوله تعالى خير شاهد بقوله تعالى: {بَدِيعُالسَّمَاوَاتِوَالأَرْضِوَإِذَاقَضَىأَمْراًفَإِنَّمَايَقُولُلَهُكُنفَيَكُونُ }البقرة117وقوله تعالى: (َنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }ق16، كما نصر أهل بدر عندما أمد الله المسلمون بثلثمائمة من الملائكة وقوله صيرح بهذا الامر كما جاء عنه جلَّ علاه بقوله تعالى وَلَقَدْنَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{123} إِذْتَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنيَكْفِيكُمْأَنيُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ{124} بَلَىإِنتَصْبِرُواْوَتَتَّقُواْوَيَأْتُوكُممِّنفَوْرِهِمْهَـذَايُمْدِدْكُمْرَبُّكُمبِخَمْسَةِآلافٍمِّنَالْمَلآئِكَةِمُسَوِّمِينَ{125}وَمَاجَعَلَهُاللّهُإِلاَّبُشْرَىلَكُمْوَلِتَطْمَئِنَّقُلُوبُكُمبِهِوَمَاالنَّصْرُإِلاَّمِنْعِندِاللّهِالْعَزِيزِالْحَكِيمِ{126} ألم يكن دليل لهؤلاء المشكيين ، ولكن القدرة الالهية أرادة هذا الامر في أستشهاد الامام الحسين (عليه السلام)للحفاظ على الاسلام وبقائه حي مستمر لا يموت بالرغم من كثرة التحديات التي واجهت الاسلام منذ وفاة الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) الى يومنا هذا، فالله قادر على نصر المؤمنين وقوله تعالى بهذا الامر دليل على ما قلناه بقوله تعالى : {بِنَصْرِاللَّهِيَنصُرُمَنيَشَاءُوَهُوَالْعَزِيزُالرَّحِيمُ }الروم5، وهذه المسيرة المليونية دليل على أن الاسلام حي لايموت ولو كره الباطلون من شياطين الارض ولا يستطيعون أطفاء بريقه وقوله تعالى: {يُرِيدُونَأَنيُطْفِؤُواْنُورَاللّهِبِأَفْوَاهِهِمْوَيَأْبَىاللّهُإِلاَّأَنيُتِمَّنُورَهُوَلَوْكَرِهَالْكَافِرُونَ }التوبة32. وهكذا كان السائرين على يقين من أحقية الحسين الامام (عليه السلام)بالعدالة الاجتماعية والمساواة وأبعاد الظلم والوقوف ضده، وهو أمل السائرون من يتولى أمرهم ورعايتهم، من أن تتخذ من المفاهيم الحسينية والوقوف الحقيقي على المبادئ التي ضحى من أجلها الحسين واهلة ومن أتبعه (رضوان الله ليهم جميعاً) ، لتكون مناهج لمدرسة أنسانية متكاملة تعطي بلا حدود، هدفها وغايتها الانسان وكرامته وسلامته وقدسيته، وهي مفاهيم تم أرسائها ونقشها في دسادير العالم بل وفي أعلى منظمة عالمية وهي منظمة الامم المتحدة ، ومنها مقولة الامام علي ابن ابي طالب (عليه السلام) بقوله لابن الاشتر وهو يوليه مصر وكيفية التعامل مع الرعية بقوله " أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق..."، فهذه المدرسة التي تخرج منها الامام الحسين من مدرسة ابيه وابيه من جده (عليهم أفضل الصلاة والسلام). فمدرسة الحسين بن علي (عليه السلام) لا تقتصر في دخولها على عمر معين أو نوع أو جنسية أو بعد أو قرب، بل هي مدرسة أنسانية أيمانية، الكل بها سواسية لا فضل أحد على أحد، لذلك تراهم يتسابقون في العطاء لقاء مرضاة الله الواحد الاحد، والدليل مانراه الكل يقدم بما كسبه من معرفة أو مهنة أو كانت أمكانيته المادية كبيرة أو قليلة الكل يقدم ما ملكه من ملك الله ليقدمه بسم الله وبركة أمامه الحسين بن علي(عليه السلام)الذي ضحى من أجله ليبقى في عزته وكرامته، هكذاهي مدرسة الحسين بن على (عليه السلام)، وتجسيدها كان في زيارة الاربعين من استشهاده، فما نراه من كرم وخدمة قل نظيرها في أي بقعة من بقا ع العالم، من صغير الى هرم من طفل وفتى وشيخ يلفظ (اهلاً وسهلاً بزوار الامام الحسين) وكأن الامام الحسين من علمه واللفظه ليكون بهذا الكرم الغير محدود. نعم أهل البيت (عليهم السلام) أهل الكرم فما قصدهم أحد في حياتهم إلا أعطوه ما ملكوه، وكانت قلوبهم مفتوحة لا تغلق بوجه من قصدهم بلا أستثناء من البشر ومهما كان لونه ووطنه ورفعته، واليوم العراقيوم يسجدون هذا الكرم بعينيه الذي وقف العالم له بأعجوبة واحترام، عشرين مليون زائر يدخلون كربلاء أن شعب لدولة وأحيانا يفوق هذا العدد اكثر من سكان بعض الدول، ولكن عناية الله وبركات الامام الحسين يتم أطعامهم بألذ المأكولات واشهاها وانواعها ولم ينفذ الطعام بل قادرين خدمة الحسين على أطعام أضعاف هذا العدد. نعم للحسين بن علي(عليهم السلام) ونعم للانسان ولسلامه وسلامته والعيش بكرامة وعزة، ونعم للكرماء من ابناء العراق بكل اطيافهم وخاصة من أخواننا المسيحيين والصابئة الذين يشاركون عزاء الحسين(عليهم السلام) ويقيمون المواكب على حبه وحب اهل العراق ويشاركونهم حزنهم، نعم الحسين بن علي(عليهم السلام) لقد وحد كل العراقين ولم تبق منهم سوى ثلة صغيرة لا تتعدى عدد الاصابع قد ركبها الشيطان، ولكن نتمى من الله هدايتهم، نعم لقد بنى الله على أهل العراق خيمة السلامة والمحبة بوجود أهل البيت في أرضه وهي كرامة له عن غيره من البلدان وزرع بهم الألفة، فكان التقارب والجمع والاكل بصحن واحد والنوم في مكان واحد وهم من مختلف الاماكن أنه الامان الذي أودعه الله فيهم، كما لاننسى أن أهل كربلاء فتحوا كل بيوتهم للقادمين من مختلف الاقطار الاسلامية، أنها المؤخات الذي أصر عليها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة بين الأوس والخزرج، اليوم اتسعت لتصبح بين المسلمين من كافة الاقطار في بيوت الكربلائيين، أنها النعمى والحدث، لقد تسجدت كل معاني الرسالة النبوية والسماء في كربلاء وقد جسدتها أربعينة الامام الحسين (عليه السلام) من واقع ومنظور لمن يريد أن يغمض عينه ولا يرى الحقيقة.
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2