- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لماذا على الموظف الحكومي، ان يخشى على مستقبله المالي عند انهيار الاقتصاد؟!
حجم النص
بقلم:حيدر مرتضى قد يثير العنوان تشويشاً عند الموظف نفسه، الذي غالباً ما يعتقد نفسه غير معني بالوضع الاقتصادي في البلد الذي يعيش فيه، فهو قد بنى اعتقاده هذا على اساس حزمة الأمتيازات وضمانات الاكيدة التي يحصل عليها مدى الحياة، وراتبه الذي يتقاضاه في نهاية كل الشهر، حتى لو أضطرت الحكومة إلى الاستدانة! ولكن الامر ليس بهذه الوردية التي يعتقدها الموظف، ومن يفكر بهذه الطريقة فهو لا ينظر لأبعد من أنفه. عندما يقرر الموظف الحكومي أن يفكر بالاقتصاد وخصوصاً إذا كان من أولئك المهتمين بالشأن السياسي، فهو غالباً يفكر بقضايا على تماس مباشر بوضعه الوظيفي، مثل مواضيع (سلم الرواتب، العلاوة السنوية، مقدار الضريبة المستقطعة من راتبه)، ولكن قليلاً ما يفكر أو يبدي أهتماماً بمواضيع اقتصادية أكثر تأثيراً على مستقبله، مثل (معدلات النمو الاقتصادي في العراق، الناتج المحلي، الميزان التجاري، سعر صرف العملة، حجم الدين الخارجي للبلد، قروض العراق ومقدار الفوائد).. فهذه المواضيع يعتقدها غير مؤثرة على راتبه وضماناته وامتيازاته، ولكنها في الحقيقة ذات تأثير كبير على مستقبله ومعاشه.. وإذا أردنا أن نحلل الموضوع، سنجد أن الموظف الحكومي هو أول وأكثر من سيدفع ثمن أي انهيار اقتصادي في العراق، وإن الوضع الاقتصادي المتردي في البلد، سيؤثر سلباً على الوضع الميعيشي للموظف الحكومي، ليس على المدى البعيد، بل على المدى المتوسط والقريب.. لنفهم ما يحدث! يبلغ عدد الموظفون الحكوميون في العراق ما يقارب 4.5 مليون موظف، يتقاضون رواتبهم من عوائد البترول الذي يشكل 95% من ميزانية الدولة العراقية، ومع أنخفاض قيمة النفط عالمياً، عانت ميزانية العراق للعام 2016 من عجز مالي بلغ (29) ترليون دينار، اي ما يعادل 25 مليار دولار ويمثل 25 % من الموازنة الكلية. ولتعويض العجز الحاصل في الموازنة – التي ثلثيها موازنة تشغيلية أجور ورواتب موظفين – لجأ العراق إلى الاستدانة من جهات دولية، وسيضطر بعد سنوات قليلة إلى سداد هذه القروض مع فوائدها؛ وإذا تفاءلنا و أردنا افتراض ثبات البترول على قيمته الحالية 40 – 50 دولار، مع ذلك فإن موازنات العراق للسنين القادمة، ستصبح أكثر ضنكاً على الموظف الحكومي، حيث سيكون على الحكومة إعالة موظفيها ودفع رواتبهم، بالاضافة إلى ألتزامها بسداد القروض وفوائدها، وحينها سيعاني العراق مرة ثانية من عجز ومن عدم قدرة الحكومة على سداد رواتب موظيفها، وهذا ما سيضطرها للأستدانة مرة أخرى. من سيدفع ثمن هذه القروض؟! هناك ثلاث فئات حسب تأثرها بالتدهور الاقتصادي والمالي والنقدي للبلد: 1- طبقة الأغنياء والأثرياء والميسورين: ويدخل ضمن هذه الفئة الموظفين ذوي الدرجات العليا، الذين ستساعدهم وفرتهم المالية على مواجهة الانهيار الاقتصادي، هذا إذا لم يهاجروا البلد. 2- طبقة الفقراء والمحرومين، وهذه الطبقة قد تكيفت لتعيش في أحلك الظروف واصعبها، ففي العراق هناك عوائل تعيش بمعدل دخل 150 – 200 دولار في الشهر، هؤلاء المواطنين سيكونون الاقل تأثراً بالانهيار الاقتصادي. 3- الطبقة الوسطى: وتشمل الموظفين بصورة عامة، وهؤلاء هم الاكثر تأثراً، حيث اعتادوا على نمط حياة مرفهة بعض الشيء.. وإذا ما حدث هذا العجز المالي مرة أخرى، فإن هناك سيناريون محتملين: السيناريو الاول: أن الحكومة ستضطر إلى تقليل رواتب موظيفها، لكي تتمكن الموازنة العامة من سداد الرواتب والقروض المتراكمة والالتزامات المالية للدولة.. السيناريو الثاني: أن سلم الرواتب سيظل على ما هو عليه دون أي نقصان، وإن الموظف سيستمر بتقاضي نفس راتبه الحالي، هنا يمكن أن تواجهنا عقبة ثانية، وهي أحتمال (التضخم النقدي) و (انهيار سعر صرف الدينار). وهذا ما سيتم تبيان أثره على رواتب الموظفين في المقالة منفصلة.. وأخيراً، إذا أخذنا بنظر الاعتبار إن أغلب أو جميع الساسة والنشطاء والمتابعين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي، هم من فئة الموظفين الحكوميين، فإننا نستطيع أن نؤكد إن أستمرارهم بالتفكير بعقلية (الموظف الذي يتقاضى راتبه في نهاية الشهر)، بدلاً من التفكير بعقلية (رجل الدولة الذي ينبي أقتصاداً متيناً)، سيؤدي إلى تكريس واقع التدهور الاقتصادي في البلد، ويزداد الامر سوءً، لتنعكس اثاره السلبية على الموظفين أنفسهم بالدرجة الأولى وقبل غيرهم..))
أقرأ ايضاً
- وقفه مع التعداد السكاني
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر