- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
علي رحلة من بطن الكعبة الى بطن المحراب
حجم النص
وليد كريم الناصري بدأ الليل يغرس أنيابه، في جثث أفكار مخيلتي، الراقدة منذ الصباح، زحمة السير والعمل، والشعور بالجوع والعطش،الرغية الكامنة داخلي، لإدراك مغيب الشمس، لعلي أطفأ نيران معركة شعوري، وإحساسي لكسب غنائم الفطور، ليتامى جنود أحشائي الصارخة، كانت رحلة شاقة، مع يوم متعب وطويل، كنت أدرك إن ذلك اليوم، هو جبل أحد! ولم يحن وقت النزول من الجبل للغنائم، رسول الله لم يؤذن بعد،ملازماً قول الرسول وإرادته،الغنيمة بداخلي،أن اغتنم رضى الله والرسول، ولا أبرح الجبل حتى يؤذن لي. أرى من حولي، بعض من هب ودب، لغنيمة أضرته‘ اكثر مما أسعفته، "سيكارة" يعتلي منها دخان التبغ، ورائحة ورق الأشجار،التي تطفئ إشراقة بسمته، وتبعث بين رئتيه سجيل،من أبابيل إصبعيه المرتعشة، أدرك بعضهم، إن خالداً من خلفه، ذلك الشيطان الذي تقمص جسد الآدميين، أحس بداخله إن الغلبة للشيطان، تغيرت ثوابته، وراح يرفع راية الإستسلام، خلف ستائر وضعها الآخرين، لكي يستروا من ناصر خالدأ، ويخفونه عن أنظار الناس، رائحة الشواء تملأ أفواههم، وقناني الماء لا تفارق أيديهم. قد يكون بعضهم ملزماً بذلك، و_لكل ضرورة حكم_، لكن! ألم يكن أكثرهم من أتباع خالد؟ الملتف حول الجبل، مع زحمة تلك الأفكار،وذلك اليوم العتيق بداخلي،بدأت أرخي ستار مخيلتي الى ما تجرني وتقودني عربات الزمن، إنتهت تلك الرحلة،الى مأ أثار إنتباهي، من كلام يحمل بين طياته، جنائز من الدموع، تشيعها جحافل الحسرات، التي تذيب الفؤاد،سمعته من أحد رواد المنبر، وأنا أعالج اليوم بالنظر، الى أميال الساعة المتثاقلة بالنعاس، قيلولة الظهيرة ترخي أرجل الأميال،وتبطؤ حركة المسير نحو موعد الافطار. _علي من بطن الكعبة الى بطن المحراب_ قلت للخطيب وقتها وإنها لرحلة شاقة، أن تبدأ ليلة 13 رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة. نعم؛ إنها لرحلة شاقة،علي ذلك الجبل،الذي كان يوقف هياج وجموح الفرس بصدره، وهو صبي لم يبلغ الحلم، هو نفسه علياً الضعيف أمام الله، يوقد شمعة الليل بذلك العمر، يملاً محراب مصلاه دموعا،ً خوفاً من الله، كل قطرة تسامر خد علي الجميل،الذي لم يدرك طعم الذقن بعد،تحمل بين جزيئاتها، مشاعر الخوف والهرب من الله الى الله،علياً الشاب الذي يضحك نهارأ، بوجه الأطفال ويلاعبهم وكأنه أحدهم، هو نفسه الذي يجلس وحده غارق بهمومه، يبكي ألألم ليلاً. علي ذلك الرجل، الذي يجلس في مجلس الرئاسة والحكم، أميراً للأمصار، هو نفسه الذي يُركب يتامى الناس على ضهره ليلاً، يلاعبهم ويعد لهم الطعام، بعد إن أتعبه، جر رحى الطحين، في بيت زوجته الزهراء،علي الرجل الذي كان يلبس خادمه أجمل الثياب، ويتجمل هو بعباءة خرقه، يقول" إستحييت من راقعها"علي هو الرجل،الذي ما وجد مهمومأ، إلا وسره وأضحكه، هو نفسه الذي لم يجد، من يبثه شكواه، ويذهب ليلاً يضع رأسه في البئر، ويبث حزنه، حتى تبكي البئر والأشجار. علي ذلك الرجل، الذي أترفته الألقاب (أمير المؤمنين, نفس رسول الله, باب علم الله)، هو نفسه الرجل الذي أخشنه مطعمه،لم يذق سوى (الملح والتمر واللبن) في حياته،علي هو الرجل الذي مازال القرأن، والرسول يوصي بحبه وعشقه، هو نفسه الذي خرج عليه أصحابه المُحدثين، وتجشموا عناء الفتن لحربه،علي الرجل الذي ترتعد منه مفاصل الشجعان، ولم ينجو من سيفه إلا هارباً او كاشف عورة، هو نفسه الذي أرقده سيف الشهادة، مسافراً بنعشه الى الله، ليلة(21) رمضان لعام 40 للهجرة. علي الذي أنزلناه اخاً للرسول وشرعة الصبر، علي وما أدراك ما علي، علي بعد الرسول خير بشر، حفظنا الاسلام به، وبسيفه توطن الذكر، عليا أمان وسلام لكم حتى ليلة القبر، وإنتهت قصتي مع ذلك اليوم الرهيب، وذكرى علي بين مخيلتي، أعالجها بدموعي ونحيبي، الذي أيقظ أهلي من غفوتهم، ويبقى عنوان علي يقتل كل عظيم بعد محمد النبي، إبتدأت رحلة علي، من ولادة في بيت الله، لتنتهي شهادة في بيت الله.