حجم النص
بقلم:واثق الجابري رغم أن خطر الفساد يوازي الإرهاب، ورغم إمتطاء معظم الساسة موجة الإصلاحات؛ إلاّ أن العملية ليست بذلك التصور الذي رسموه منذ 13 عام، وشاركوا بإنتشار الفساد، وإقتناع الشارع أنه شائك لا يمكن تجاوزه وعلينا الخضوع للواقع. مهما إختلفت الكتل السياسية وقيادات المجتمع في تفسير محاربة الفساد؛ إلاّ أنها مشاركة بشكل وآخر، وعليها إيجاد حلول دون تهويل وهروب الى جبهة الإصلاحين. لم ينشأ الفساد دون وجود مفسدين تحت حماية بعض القوى السياسية، وبمبررات مختلفة، ومسامع آخرى أو مقايضتها أو إرغامها على السكوت؛ وإلاّ إشعال حروب وفتن وفض التجربة السياسية؛ بكلمات حق لتسويق الباطل، ومثلما كان الفساد كالمرض المستشري، فلم ينجو منه أحد ولو كان بالإتهام والتشويه أو إبعاد عن دائرة المسؤولية. منذ أمد بعيد والشعب يبحث عن مخرج من دوامة الفساد، وطال الحديث عن آليات القضاء عليه، وكأن بعض الساسة صار يهدد أما بقاءه والقبول بالفساد، أو هجمة الإرهاب وعودة الدكتاتورية، وعلى هذا الأساس زادت وتيرة البيروقراطية والروتين، ومعظم القوى التي تنادي بالإصلاح كانت مشاركة في حكومة 2010م، التي فتحت مناصب لا معنى لها، ووكالات وشاركت بعناوين مختلفة. عَمد الفاسدون الى تعميمه، ولم يك بمقدور أحد الإعتراض إلا وتعرض للتشويه والإتهام بكسب المغانم، وعُطلت قوانين بشكل مقصود منها قانون المحكمة الإتحادية والمحافظات والنفط والغاز ومجلس الخدمة الإتحادي، وبدأ تفسير القوانين لصالح السلطة، ورُبطت الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء، وكل الأحزاب المشاركة في حكومة 2010 راضية بذلك؛ إذْ من مصلحتها مقايضة الصفقات ودفن الملفات، وتستر الكل على البعض، وعاش في بيئة مناسبة، وعيب الكتل في تلك الحكومة أنها تملك 40 برلماني فما فوق، وتشكو للمواطن من الفساد؛ فهل تُريد من المواطن مثلاً هو من يُحاسب، وهو يتعرض للقتل بمجرد تعليق في صفحة تواصل إجتماعي؟! إن محاربة الفساد لا يحتاج الى كل هذه الضجة، ومعظم الكتل السياسية تعلم أن هنالك قوانين معطلة وهيئات غير مستقلة ساهمت بإنتشاره، ولا يعني أن بعض القوى يمكن أن يصنفها الشعب في خانة الإصلاحين، وثيابها ما تزال معلقة على حائط الأنا والإنتهازية، ولم تبدأ بحساب نفسها ومراجعة ممثليها، وإرجاع ماسلبت من الشعب طيلة سنوات، ومجرد الأحاديث والشعارات لا تجعلنا سعداء، وبعضهم مستعد للتضحية بمستقبل البلاد من أجل تحسين صورته. التسلط مرض مستشري عند كثير من الطبقة السياسية، الذي لا يهمهم سوى تربع الأرزاق والأمن؛ لتهديد المواطن بحياته وخبزة أطفاله. لا يحتاج الإصلاح الى كل هذا التهويل، وبمجرد إستقلالية الهيئات، ويُعاد النظر بقوانين المحكمة الإتحادية؛ يمكن محاسبة أي فاسد سواء كان بدرجة وزير أو مدير عام أو رئيس حزب، ولن يحتاج مواطن أي تمصلح لجهة سياسية؛ إذا كانت القوانين تضمن توزيع عادل للثروات، والشعب لا يأكل شعارات براقة في طياتها نار تحرقه، ولا يبحث عن ساسة لا يتبادلون السلطة بسلمية، ويفرضون الهيمنة والإستبداد بالقوة، وعندما يتفقون سيطلبون من جمهورهم تصفيقاً وتهليلاً وإرتداء ثوب المنتصرين، ويبقى الفقراء كبش فداء، وضحية مغامرات وهم لا يعلمون؟!
أقرأ ايضاً
- خطوات اقتصادية بالاتجاه الصحيح
- خطوات تسبق حل البرلمان العراقي لسنة 2022
- وزير المالية الإتّحادي في العراق.. بين الورقة البيضاء للإصلاح الإقتصادي وقانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية