حجم النص
بقلم:نـــــــــــــزار حيدر أَستغربُ لماذا عبّر زعماء أوربا عن صدمتهِم لما حصل أمس في العاصمةِ البلجيكيّة بروكسيل من جرائمَ إِرهابيّة راح ضحيّتها عشرات القتلى والجرحى!. شخصيّاً ستُصيبني صمدةً شديدةً جداً اذا لم يحصل مثلها، لأنّ الحياة علّمتنا [أَنّ من يحفر حفرةً لغيرهِ سيقعُ فيها ولو بعدَ حين] ولن تشذّ أوروبا او غيرها عن هذه القاعدة!. لا ينبغي لمثلهِم ان تصدمهُ هذه الجرائم، الا أَن يكونوا أغبياء او متغابين، ناسينَ أو متناسين!. فالذي يرعى حاضنة الارهاب، نظام (آل سَعود) ويصرّ على صداقتها والاستمرار في الحفاظِ على تحالفه معها، لماذا تصدمهُ جرائم الارهابيّين؟. وانّ الذي يوظّف الارهاب كأداةٍ من أدوات سياساتهِ الخارجيّة، لماذا يغضب اذا رُدّت بضاعتهُ اليهِ؟!. أوَليست حاضنة الارهاب الاولى في العالم ومصدرهُ الأساس ومؤسّس عقائدهُ ومنهجيّاتهُ، نظام القبيلة، هو حليفكُم الاستراتيجي؟ وانّ كلّ أسلحتهُ الفتّاكة يحصل عليها منكم؟ وانّكم الزبون الاوّل والاهم لبترولهِ الذي تذهب اموالهُ للمؤسّسة الدّينية التي تصدّر فتاوى التّكفير والكراهيّة وللإعلام الطّائفي الذي يصنع من الذّبّاحين أبطال تاريخييّن وللتنظيمات الارهابيّة لتوصل جرائِمها في بروكسيل وباريس ولندن ولوس انجليس والعراق واليمن وسوريا وفي كلّ مكان؟ فلماذا أنتم مصدومونَ؟. انّما يصدُمُ الْخَبَرَ من لا يعرف خبايا الامور وليس أنتم!. انّ الارهاب الذي يقضُّ اليوم مضاجعكُم هو نتاج أَنانيّاتكم التي تتغنى بحقوقِ الانسانِ لشعوبها وتصدّر القتل والذّبح لغيرها من الشّعوب الفقيرة والمستضعفة، وتمدّ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية بكلّ انواع السّلاح الفتّاك ليقتل الانسان ويدمّر الحياة في بلداننا!. مَن يأخذ حاضنة الارْهابِ بالاحضانِ لا ينبغي لهُ ان يصدُمهُ الارهاب اذا ضربَ في عقرِ دارهِ. انّهُ نتاج (وسامُ جَوقة الشّرف) الذي منحتهُ باريس مؤخراً لحاضنة الارهاب في العالم والتي عشعشَت فيها وبيّضت وفقّست وفرّخت ونمتْ وترعرعت فيها عقيدة التّكفير والكراهية والدّم والهدم، واقصد بها (آل سَعود)!. انّهُ نتاج تغافلكُم عن معاهد عقيدة التّكفير والذّبح ومدارسها ومراكزها المنتشرة في مختلف عواصم الغرب والتي يموّلها ويديرها الحزب الوهابي المحميّ بنظامِ الْقَبيلَةِ!. انّهُ نتاج صمتكُم على جريمة قتلِ إمام مسجد الرّضا في بروكسيل بتاريخ الثاني من مايس (أيار) عام ٢٠١٢ عندما ألقى إِرهابيٌّ زجاجةً حارقةً في داخلهِ وقت صلاةِ الفجرِ مما تسبّبت الجريمة بحرقِ المسجدِ واستشهادِ الامامِ وجرحِ أَحدِ المصلّين. قالوا لكم انّها عمليّةً ارهابيةً، إِحذروا، ولكنّكم أصررتم على وصفها بـ (مشكلةٍ طائفيَّةٍ)! وتمّ تسجيل الجريمة ضّ مجهولٍ!. اذا قتلَ الإرهابي شيعيّا في عُقر داركم سجّلتم الجريمة ضدّ مجهولٍ ووصفتموها بالمشكلة الطّائفية! امّا اذا قتل الإرهابي مواطناً دمهُ أزرق اعتبرتُم الجريمة عملٌ ارهابيٌّ يستهدف قِيمكُم الدّيمقراطية! تباً لكم ما هذا النّفاق؟! ما هذه الازدواجيّة؟!. قُلنا لكم ساعِدونا للقضاء على الارهابيّين في العراق قبل ان تجدوا أَنفسكُم وجهاً لوجهٍ معهم تقاتلونَهم في شوارع لندن وباريس ونيويورك وبروكسيل، فاتّهمتمونا بتهويلِ الامور وتضخيم الوقائع!. لن أُحدّثكم عن سُنَنِ الكون وقوانين الحياة وفطرة الله التي فطر النّاس عليها، ولن أُحدّثكم بلغةِ الغيبِ، فربّما لن تفهموا هذه اللغة الان فـ {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}. لن اقولَ لكم ما قال الله تعالى {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ* إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ}. لن اقولَ لكم ما قال أمير المؤمنين عليه السلام {وَظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ} وقولهُ {أَلاَ وَإنَّ الظُّلْمَ ثَلاَثَةٌ: فَظُلْمٌ لاَ يُغْفَرُ، وَظُلْمٌ لاَ يُتْرَكُ، وظُلْمٌ مَغْفُورٌ لاَ يُطْلَبُ: فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لاَ يُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (إنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْهَنَاتِ، وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لاَ يُتْرَكُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً} وقولهُ عليه السّلام؛ {فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللهِ كَانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ، وَكَانَ لله حَرْباً حَتَّى يَنْزعَ وَيَتُوبَ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللهِ وَتَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَة عَلَى ظُلْم، فَإِنَّ اللهَ سَميِعٌ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِينَ، وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ}. لن اتحدّث معكم بهذه اللّغة فلا أنتم أَهلها ولا أنانيّتكم تسمح لكم بفهمِها واستيعابِها، ولكنني أَقول لكم؛ أولاً؛ يُخطئ من يظنّ انّ بمقدورهِ حمايةِ نَفْسهِ من الارهاب برميهِ على الآخرين، أَبداً، ففي عصر القرية الصّغيرة والتّكنلوجيا التي ألغت المسافات وحوّلت العالم الى ما يشبه الأواني المستطرَقة، لا يمكن ابداً ان تغفو عيناً مطمئِنَّةً وتسهر أُخرى خائفةً مرعوبةً، واذا أمهلُ الله الظّالم فلن يُهملهُ ابداً. ثانياً؛ إمنَعوا القتلَ عن شعبِنا وعن اطفالِنا ونسائنا وكهولنا تأمنوا، امنعوهُ عنّا لتمنعونهُ عن أنفسِكم، فلازال أطفالنا يذبحهم الارهاب وتحرق جثثهم السيّارات المفخّخة والاحزمة النّاسفة لا يمكنكم ان تتصوّروا غير هذه الصورة في شوارعِ عواصمِكم. ثالثاً؛ من يُرِيدُ ان يقضيَ على الارْهابِ لا يبيعُ السّلاح لحاضنتهِ، نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، ومن يُرِيدُ ان يقضي عليهِ لا يكافئهُ بوسامِ بلادهِ! فمتى كانتِ الاوسمةُ تُمنحُ للذبّاحبن والقتلةِ والمجرمينَ مرتكبي جرائمَ الحربِ ضدّ الشّعوب؟!. رابعاً؛ أَوقفوا الحرب المدمّرة في اليمن لتؤمّنوا عواصمَكم، فلا تتوقّعوا ابداً أنّ بامكانِكم حمايةَ أَنفسِكم من الارهاب والحرب التي أدواتها سلاحكُم الفتّاك ووقودها الحياة والأطفال والنّساء والمستشفيات والمدارس ومصانع تحلية المياه، لازالت مستمرّة تحصد أَرواح الابرياء. إنّكم قادرونَ على فعل كلّ شيء لإيقاف الحروب العبثيّة في منطقتِنا، فلماذا لا تفعلوا شيئاً؟!. أُضغطوا على حلفائِكم التقليديّين من حواضن الارهاب كالرّياض وأنقرة والدّوحة ليوقِفوا كلّ انواع الدّعم للارهابيّين ويتعاونوا مع الضّحايا للكشفِ عن كلّ الخرائط التي بحوزتِهم والمتعلّقة بتفاصيل المعلومات عن جماعات العنف والارهاب، ليسهُل القضاءَ عليهم. أُضغطوا على نظام القبيلة ليوقف حربه الشّعواء العبثيّة ضد اليَمن ويسحب قواتهُ من البحرين، ويتوقّف عن دعم الارهابيّين في العراق وسوريا. خامساً؛ بادِروا فوراً الى إغلاق كلّ المؤسّسات (التعليميّة) التّابعة للحزب الوهابي والتي يُديرها ويُنفقُ ويُشرفُ عليها نظام (آل سَعود) والمنتشرة في أوربا، واطردوا فقهاء التّكفير وامنعوهم من دخولِ اراضيكم، لتحموا شبابكم، اذ لا يُمْكِنُ أبداً تجفيف منابع الارهاب والقضاء عليهِ اذا كانت مصادره مستمرّة في حقن أدمغة الشّباب المغرّر بهم بعقيدة التّكفير والكراهية والغاء الاخر. سادساً؛ وأخيراً، ميّزوا بين الضّحية والجلاد، بين الارهابيّين وضحاياهم، بين الفكر الإنساني الحضاري والفكر الإرهابي، فخلط الامور والمساواة بينهم يقدّم خدمةً مجانيّةً للارهابيّين ولعقيدتهِم المنحرفة، كما انّهُ يحرّض على الكراهية ويُثير صراع الأديان والحضارات أكثر فاكثر وهو الامر الذي يخلق الارضيّة المناسبة لانتشارِ عقيدة التّكفير، وبالتّالي يوسّع من مساحة المياه التي يسبح فيها الارهابيّون ويسهّل لهم عمليّة إِصطيادِ ضحاياهم في المجتمعات الغربيّة. E-mail: nhaidar@hotmail. com