حجم النص
بقلم:فالح حسون الدراجي السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى السابق أكتب لك هذه الرسالة، وأنا واثق تماماً من أنك لن تقرأها، وإن قرأتها، فلا أمل لي في أن تتعامل معها تعاملاً مسؤولاً، مثل أي مسؤول في الدنيا يحترم نفسه، ويحترم الآخر، مهما كان هذا (الآخر)!! وسبب ثقتي بعدم تعاملك بشكل مسؤول لا يعود لكونك (عطّال بطّال) الآن، وبلا (مسؤولية) حكومية بعد إقالتك من منصب محافظ نينوى من قبل مجلس النواب قبل أكثر من سنة، لأني أرى أن المنصب ليس مهماً في تعميق روح التعامل الإيجابي بين الناس. فثمة أشخاص لعبوا أدواراً عظيمة في صناعة الحياة الإنسانية وتمتين أواصر المجتمعات البشرية وتلميع وجه الدنيا بروائع الإبداع والجمال والقيم النبيلة السامية، ولم يكونوا من أهل المناصب، أو من ذوات المواقع الحكومية. لذا فإني أعتقد بأنك قادر على أداء دور وطني خير، سواء بإنقاذ بلادك من وحل الاحتلال أم بتخليص أهلك في الموصل من عار التعامل مع كلاب داعش! لاسيما وأن هناك الكثير منهم قد انخرط -طائعاً أو مكرهاً- في التعامل مع سلطة الإرهاب الداعشية، ولا أقول خيانة أو عمالة، كي لا أجرح مشاعر أهل الموصل الكرام. إن سبب تأكدي من عدم استجابتك لما أكتبه اليك هنا، يعود لأمرين، الأول: ما يتعلق بضميرك الشخصي، إذ بات الآن بشكل واضح أنك عزلت ضميرك أو أهملته، أو ركنته جانباً، حتى بات هذا الضمير المسكين زائداً عندك مثل أية حاجة منزلية قديمة زائدة ترمى في مخزن الدار. لقد بدأت بالتخلي عن ضميرك مذ جئت بالعدو التركي الى أرض بلادك، وأدخلت جندرته في غرف بيتك، ليدوسوا ببساطيلهم العفنة على ارض آبائك وأجدادك، بالرغم من أن هناك من يقول، أن (عزلك) لضميرك قد بدأت به قبل هذا الحدث بكثير، لكنك أجلت حفل اعتزاله الرسمي، الى يوم إدخالك الجيش التركي الى الموصل. أما الأمر الثاني الذي جعلني لا أثق بتعاملك المسؤول، فيعود ليقيني التام بأنك تفتقد الإحساس بالمسؤولية، وليس المسؤولية ذاتها. وأقصد بذلك المسؤولية الوطنية والأخلاقية، وكل ما يتعلق بهذه المنظومة المكتنزة بالقيم النبيلة، وهنا يكمن جوهر المشكلة! فالإحساس بالمسؤولية ليس هرموناً تحصل عليه عبر المنشطات الهرمونية، ولا حبة أسبرين تأخذها قبل أن تنام، فتصبح (حساساً) في الصباح، ولا هو منحة، أو هبة مجانية، تمنحها لك الطائفة، أو الكتلة، في سوق المحاصصة السياسية، إنما هو يولد مع الإنسان، وينمو مع أشيائه الجسدية والروحية، فيكبر في ظل بيئة صحية، ويقوى برعاية عائلية سليمة، بعد أن تتوفر له مناخات ثقافية وتربوية عالية، يلعب فيها العامل الذاتي دوراً كبيراً في صقل وتهذيب هذا الشيء. فهل لديك مثل هذا الشعور، والإحساس؟ الجواب: كلا لقد أجبت بكلا، ليس تجنياً عليك ولا كرهاً لك -رغم إني أكرهك فعلاً- إنما جاء بعد متابعة مني، ومن غيري لسجلك التاريخي، وما ضمه من تراكمات، وأفعال، وتصريحات، ومواقف استفزازية، عدائية، قمت بها خلال ظهورك غير المشرف في الساحة السياسية. ولعل موقفك غير المبرر من الحشد الشعبي وحقدك الغريب عليه واصرارك على إبعاد هؤلاء الفتية، الذين جاءوا من أجل تحريركم من قيود داعش، هو أحد أبرز محطات السواد في رحلة عمرك الممتلئة بالعار. والمشكلة أن بعضهم يدعي أن تحديك لقرار الرئيس حيدر العبادي ورفضك لمشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل، يعود لتوجهاتك (الوطنية)! وأنا أقول: هل أن إحياءك لمقترح ضم الموصل الى تركيا، الذي أطلقه جدك (محمد النجيفي) أثناء الحرب العالمية الأولى، هو عمل وطني منك، أم أن زيارتك لمعسكر (زليكان) في شمال الموصل ومعانقتك الجنود الأتراك الذين قلت فيهم على صفحتك في الفيس بوك يوم 26 كانون الأول، عام 2015: (سيكون للقوات العسكرية التركية دور أساسي في تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش)!! فهل تعتقد أن الأتراك الأوباش أحق من العراقيين بتحرير (الموصل)؟ أما الذين يقولون: بأن إصرارك على رفض الحشد الشعبي يعود لأسباب (طائفية)!! فأنا لا أوافقهم هذا الرأي، لأن الحشد الشعبي قد شارك في تحرير بيجي وتكريت وجرف الصخر، وعشرات المدن العراقية بدعوة من أبناء المدن المحتلة أنفسهم، وهم جميعاً من ذات الطائفة التي تنتمي أنت اليها.. ولدينا عشرات الفيديوهات التي يشكر فيها أبناء تلك المدن قوات الحشد الشعبي التي حررتهم من ظلم داعش.. إذن، فثمة أمر -غير الأمر الوطني والطائفي- يقف وراء رفضك مشاركة الحشد في تحرير الموصل. وجلَّ ما أخشاه أن يكون في القضية (إنَّ).. فما هي هذه (الإنّ) يا ترى؟!