حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي لاول ومنذ عقود وجد الايرانيون أنفسهم وبلادهم دون حصار او عقوبات أقتصادية وسياسية، وذلك بعد قرار وكالة الطاقة النووية وإصدارها شهادة التزام ايران بالاتفاق النووي الموقع يوم السابع عشر من تموز، والذي أعطى الضوء الاخضر برفع العقوبات المفروضة على ايران بعد مباحثات ومفاوضات وصفت بالقاسية والشديدة ووصلت في بعض الاوقات الى التصادم والمشادات بين طرفي الصراع (5+1)، فيما خرج الايرانيون الى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بهذا الانتصار، فيما سادت اجواء القلق والتخوف في الدول الخليجية، والتي وصفت الاتفاق بانه خيانة من الاميركان تجاه دول الخليج، فيما القلق بدا بادياً على وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي (بنيامين نتنياهو) الذي عبر عن هذا الاتفاق بتجديد تهديده بانه لايسمح لايران بامتلاك اسلحة نووية. رفع العقوبات يعني عودة ايران الى الواجهة الاقتصادية في الشرق الاوسط، وظهورها كشريك اساسي في اقتصاد المنطقة، كما أنه يعني عودة النفط والغاز وتجارة الحبوب والسجاد وكل الصادرات الايرانية الى الاسواق العالمية، وعودة أكثر من 50 مليار دولار من الاموال المجمدة بفوائدها والتي تصل الى (100 مليار دولار) فوراً الى الخزانة الايرانية. حالة القلق التي سادت دول الخليج انعكست على الاسواق والبورصة، وسوق الاسهم،الامر الذي أدى الى انخفاضها بشكل كبير ومفاجأ ومخيف، حيث أنخفضت الاسهم الى 5% مرة واحدة، كما ان الاسواق السعودية هي الاخرى تأثرت بهذا الاتفاق أذ هبطت الاسهم في اسواق البورصة الى أدنى معدلاتها (5520) منذ خمسة اعوام، كذلك الاسهم الكويتية الى حاجز (5000) نقطة وهي ادنى مدلاتها منذ 2004، وخسارة الاسهم الخليجية أكثر من 130 مليار دولار منذ بداية العام من مجموع قيمتها السوقية المقدرة بحوالي 800 مليار دولار، وذلك بسبب الانخفاض الخطير في اسعار النفط الى أقل من 30 دولار للبرميل، وانعكساته على مختلق القطاعات الصناعية الاخرى. أمام هذا كله، فان السوق الايراني سيشهد دخول لافت لكبريات الشركات العالمية، وتدفق رووس الاموال العالمية للاستثمار، فاسطول ايران الجوي بامس الحاجة الى اكثر من 150 طائرة مدنية لتحديث طيرانها، ناهيك عن قطاع الصناعات وبالخصوص قطاع السيارات وتحديث السكك الحديد المتهالك فيها، وبناء البنى التحتية الاخرى، ناهيك عن كون ايران تصنّف كونها رابع أحتياطي نفطي عالمياً، والثاني في احتياطي الغاز في العالم، مما يجعل فرص النجاح والاستثمار كبيرة جداً. أن رفع العقوبات على ايران ليس فقط عودتها الى السوق العالمية، بل سيمثل تغيير في المعادلة السياسية والعسكرية للمنطقة عموماً، كونها قوة أستطاعت تغيير خارطة المنطقة واعادة التوزانات فيها، وكذلك تمويل حلفائها في سوريا واليمن والعراق وحتى لبنان، الامر الذي يغير موازين القوى على الارض، كونها وقفت الى جانب هؤلاء حلفائها في سوريا واليمن، ولم تسمح بانهيارهم طوال السنوات الخمس الماضية وهي تحت الحصار، فكيف سيكون حالها وحالهم بعد رفع العقوبات عنها ؟!! النفط سيكون السلاح الاقوى في يد ايران، والتي تستعد لضخ مليون برميل يوميا الى الاسواق العالمية، اضافة الى ما تصدره حاليا، المقدر بحوالي 2.8 مليون برميل، وامتلاكها لمخزون عائم مقداره 38 مليون برميل سيغزو الاسواق فوراً، كما هذه العودة الايرانية تعني المزيد من انخفاض اسعار النفط الى 20 دولار، الامر الذي سيشكل خسارة اقتصادية كبيرة لدول الخليج التي يواجه البعض منها عجز ضخم وخطير في ميزانيته، وتآكل ارصدته الخارجية، وأقتراب بعضها كالمملكة العربية السعودية على حافة الافلاس. ربما تلجأ أيران الى الانتقام من دول الخليج خصوصاً الخصم السعودي الذي اتبع سياسة تخفيض اسعار النفط بضخ كميات اضافية تصل الى مليوني برميل لاغراق الاسواق، لالحاق الضرر بايران وروسيا بسبب موقفهم الداعم للنظام السوري، الامر الذي يجعل نظرية أنقلاب السحر على الساحر هي السائدة، كما من المتوقع ايران أن ترد الصاع صاعين لخصومها في المنطقة، وهذا ما يفسر حالة التراجع في سوق الاسهم الخليجية، وهو انهيار الذي سيتواصل وقد يلحقه انهيار اقوى في اسواق العقارات الخليجية، الامر الذي يجعل أيران بعد حصار الغرب تدخل حصار عربي خليجي جديد، وصراع جديد يدخل المنطقة، فأما ينتهي باعلان النصر لاحد طرفي الصراع، او تغيير ملامح المنطقة برمتها.
أقرأ ايضاً
- البرلمان العراقي يقر راتبه سراً ؟!!
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- كيف ستتأثر منطقة الشرق الاوسط بعد الانتخابات الرئاسية في ايران؟