- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إطلالة على مقتل الإمام_الحسن (ع)
حجم النص
بقلم:الشيخ حسين الخشيمي لم يكن لله يوماً جنوداً من عسل تنهي أنفاس الأولياء والصالحين كما كان يعتقد معاوية ابن أبي سفيان، أو هكذا كان يُظهر للناس، وإنما كانت لمعاوية الداهية صاحب النكراء جنود الشيطان في كل زمان و مكان. معاوية وريث حقد أبيه أبو سفيان على الإسلام ونبيه أجاد صنعة الأب بجدارة ليكون أفضل من ورث وخلف أباه في الشر، وليكون أيضاً خير من أعد ومهد لقتل الحسين بن علي عليه السلام بواسطة يزيد الابن، بعد أن ينهي هو حياة الإمام علي عليه السلام، وسبط رسول الله الحسن بن علي عليه السلام. *إنا نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه! وتبدأ قصة المؤامرة ومحاولة قتل الإمام الحسن عليه السلام منذ أن حاول معاوية دس السم للإمام ثلاث مرات، إلا إنه لم يتمكن من ذلك حتى استطاع في المرة الرابعة بمساعدة (جعدة) أو (جعيدة) بنت الأشعث زوجة الإمام، التي شرك أبوها في دم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب بنص رواية الإمام الصادق عليه السلام، بعد أن عقدت صفقة خاسرة مع معاوية ترمي من خلالها إلى الاقتران بواحد من بشرار الخلق وهو يزيد بن معاوية اللعين قاتل الإمام الحسين عليه السلام، وما أن وفت اللعينة بوعدها لمعاوية ودست للإمام الحسن عليه السلام السُمّ في اللبن؛ حتى طالبت معاوية بالوفاء وتزويجها بيزيد، فكان رد معاوية: "إني أخاف على ولدي ان تقتليه كما قتلتي سيد شباب اهل الجنة واذا كنت لم تبالِ بقتل ابن بنت رسول الله فهل تبالين بقتل ولدي؟!" أو " نحن نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.."!!. سُقي الإمام الحسن السُمّ، وسار في عروقه فقال عن مكر ودهاء معاوية وهو يحتضر: "لقد حَاقَتْ شربته، وبلغ أمنيته والله لا وَفَى لها بما وَعَدَ، ولا صدق فيما قال.." وتمكن بذلك معاوية بن أبي سفيان من إطفاء نور الرسالة بعد أن طلب سُمّاً فتاكاً من عاهل الروم الذي رفض إعطائه بادئ الأمر وبرر ذلك بأنه "لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا" فراسله معاوية يقول: "إن هذا الرجل هو ابن الذي خرج بأرض تهامة - يعني رسول اللـه (ص) - خرج يطلب ملك أبيك، وأنا أُريد أن أدس إليه السمّ، فأريح منه العباد والبلاد". ويظهر هنا من رسائل معاوية بن أبي سفيان حجم الحقد الذي يكنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحقده الدفين أيضاً على الإسلام ونجاح رسالته، وهو ذات الحقد الذي حمله أبوه أبو سفيان، فمضى معاوية بأساليبه لإقناع عاهل الروم والحصول على سلاحٍ فتاكٍ يتمكن من خلاله قتل الإمام الحسن عليه السلام. *معاوية يكبر بمقتل الحسن! لم يستطع معاوية أن يخفي جحم سعادته بمقتل الحسن عليه السلام، فهو يرى فيه مناوئاً سياسياً صعباً، وقد فشلت كل محاولته السياسية وأساليب المكر في خدع الإمام سياسياً، فلجأ إلى التصفية الجسدية ونجح في ذلك فلم يملك نفسه من اظهار السرور بقتله، حيث ينقل "السيد عبد الحسين شرف الدين" صاحب كتاب "صلح الحسن" أنه بعد أن ورد بريد مروان إلى معاوية بتنفيذ الخطة أنه – أي معاوية - وكان بالخضراء، فكبر، وكبر معه أهل الخضراء، ثم كبر اهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف زوجة معاوية من كوة المنزل وسألته: «سرك اللّه يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به ؟». فقال: «موت الحسن بن علي»، فقالت: «انا للّه وانا اليه راجعون»، ثم بكت وقالت: «مات سيد المسلمين، وابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم..". وهذا هو ديدن الطغاة والملوك الجبارة والمارقين عن الدين الذين يتخذون من "الله" وسيلة لتمرير مصالحهم وتشريع أفعالهم القبيحة، فهم يقتلون باسمه، ويجعلون من فهمهم السطحي للنصوص الدينية حجة لقتل أولياء الله، كما يفعل اليوم خوارج العصر الذين يطلقون على أنفسهم "تنظيم الدولة الإسلامية" فهم بلا شك الامتداد الحقيقي لمعاوية ابن ابي سفيان اللعين وحكومته وجلاوزته.. إنهم يكبرون الله على قتل النفس المحترمة، يحمدونه على حرق أجساد الأبرياء وقطعهم لرؤوس الصالحين!. *ياجنادة! "ولا تحمل همَّ يومك الذي لم يأت على يومك الّذي أنت فيه" وبعد أن صار الإمام الحسن عليه السلام في أشد احواله حرجاً، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة على هذه الأرض؛ التمسه الصحابي الجليل جنادة بن أبي أمته بموعظة، فأتحفه الإمام عليه السلام بسلسلة من الوصايا والكلمات الرائعة التي ترسم للبشرية حتى يومنا هذا برنامجاً إنسانياً في التعامل مع الحياة والاستعداد للآخرة، واختيار رفاق الدرب، وكان مما جاء فيها: " يا جنادة! استعد لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همَّ يومك الذي لم يأت على يومك الّذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك، واعلم أنّ الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر فأخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن كان العقاب فالعقاب يسير...." ثم قضي الإمام عليه السلام دقائقه الأخيرة في التضرع إلى الله وتلاوة القرآن الكريم، بعد ان طلب من أهله إخراجه إلى صحن الدار "أنظر في ملكوت السماء" ليختتم لحظاته الأخيرة بالدعاء "اللهم إني أحتسب عندك نفسي، فإنها أعز الأنفس علي لم أصب بمثلها، أللهم آنس صرعتي، وآنس في القبر وحدتي". الشيخ حسين الخشيمي E-mail: alkhchimi@gmail. com
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد