- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شمعة أخرى توقدها إذاعة الروضة الحسينية المقدسة
حجم النص
بقلم: حسن كاظم الفتال بسم الله الرحمن الرحيم ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاّ الصَّابِرُونَ (80) القصص لعل الواقعَ يجبرنا أحيانا أن نستشهد بحقب الماضي، مرة كانت أم حلوة وذكرُها أو الاستشهاد بها أمر لابد منه. خصوصا حين تدعونا المعادلة إلى أن نقارن بين حقبتين لنرجح كفة على أخرى كم عشنا في ما مضى حقبة زمنية غطتها العتمة.. وحجبت عنا رؤيةَ شمس الحرية الغيمة.. وفضاءاتٍ لفعتها الظلمة.. ظلمة ألغت تاريخا محددا من عمر الأجيال.. وأحاطت المشهد الثقافي بقيود وأغلال. سموم نفثها الطغاة لتتسرب إلى عمق الثقافة فتجعل من الأجيال الواعية أشباحا أو كأنهم موتى.. وأغتيلت الكلمةُ الحرة قبل قائلها وتهاوت الإنجازات الإبداعية إذ أنها أصطدمت بصخرة صلدة كونتها كومات الظلم والجور من قبل السلاطين ووعاظهم. وأريد لصوت الحق أن يندثر. لكن للحق صوتا ذا صدى.. لا تسكته الصيحات الحاسدة.. ولا تحده الأنات الحاقدة ولإشراقة الفجر موعدٌ وأوان.. والظلام لابد أن يقهر.. ولابد للحق أن يزهر.. وآن للفجر أن يبزغ فاندحر الباطل. وخفت كل صوت يمثله.. وسقط الصنم وتبعته أصنام.. تهاوت وتلاشت أظلتها.. وآن لنا أن نعود إلى مراتبنا التي كادت أن تزيلنا عنها تلويحات الجلادين بسياطهم.لكنها لم تفلح وتحتم علينا أن نبدأ المسيرة لنأخذ موقعنا الحقيقي الذي هو فوق شاهقة الذرى السامقات تعين علينا أن نرد ردا مفحما لمن يشيع بأننا لا نملك عناصر ومقومات التواصل الثقافي.ونشر الوعي الإسلامي الإنساني. وأبى صوت الحق إلا أن يعلو واقتضى إيجادَ وسيلةٍ لإيصال الصوت الجهوري. الصوتِ الذي أطلقه سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام فأرعب به الطغاة فكانت مبادرةً سباقةَ من إدارة العتبة الحسينية المقدسة. إذ للمرة الأولى في تاريخ العتبات المقدسة في العراق بل العالم ينطلق صوت إعلامي يبشر بمبادئ وقيم السماء عبر أثير إذاعة يتحدد تواجدها ويتمركز على مساحة لا بأس بها من قلب تلك العتبة المقدسة ..وبدأت انطلاقة أولِ صوت صادح يخترق القلوب قبل الآذان. ذلك الصوت هو: (صوت الحسين)عليه السلام. الذي أصبح فيما بعد: (إذاعة الروضة الحسينية المقدسة). وانطلقت إذاعة الروضة الحسينية المقدسة إذاعة الجموع العقائدية. وبدأت تزجي بنسائم العقيدة رويدا رويدا.. فتنثال فتشرح الصدور..ثم صارت هبّات شديدة من رياح لواقحَ مصدرُها المفاهيمُ الحسينية العظيمة.. لتنشر المعرفة في أوسع المساحات وتطوي الكثير من مساحات الجهل.. وعزمت على أن تومض بومضات عقائدية لتتسلل إلى كل كوة مظلمة فتنيرُها..وإلى كل فج عميق فتغرقه بالإشعاع الحسيني الزاهي.. حتى صارت نزيفا نوريا ثم سيلا ينحدر ليرويَ ظمأ الكثير من المتشوقين لهذا الإرتواء. وذاع صيت هذه الإذاعة المقدسة بجهود العاملين والمشاركين والمستمعين لها وكان الإشادات من قبل الآخرين تعلن عن بلوغ هذه الإذاعة مراتب متقدمة وأمست الإشادات التي راحت تنثال بين الفينة والأخرى على الإذاعة ومثلما أصبحت مدعاة للفخر والسرور لكنها كثيرا ما صارت تثقل كاهلنا، لا لأنها ثقيلة بل لأنها تنبع من عمق الإنتماء الحقيقي للنهج الحسيني ومن وحي الوفاء له. فتحملنا مسؤولية كبيرة إذ هي تحثنا على أن نقدم الأفضل فالأفضل. ولا نقول إننا عاجزون عن تقديم الحسن والأفضل، طالما انتمينا إلى قافلة الركب الحسيني العظيم، إنما نقول مهما قدمنا من جهد مضاعف فلا يمكن أن ترجحَ كفته يوما ما أمام ما قدمه سيد الشهداء عليه السلام لنا.. لذا نتوق وبكل اشتياق وصبر جميل لإشادة ليس كمثلها إشادة يتفق عليها معنا الجميع إشادةٌ تعلو ولا يعلى عليها كم نتمنى أن نكون أهلا لها. ألا وهي إشادة من تشرفت الإذاعة بحمل اسمه الشريف وهو سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليهما السلام ويزداد إحساسنا بذلك حين ننصف أنفسنا ونصدق ونتحدث بالجد والإنصاف والموضوعية ساعة نشرع ببث رسالة الطف الإعلامية وكان موعد إيقاد الشمعة الإولى بأيام سبقت شهر محرم الحرام لعام ألف وأربعمئة وستة وعشرين للهجرة النبوية الشريفة وبمشاركة مجموعة لا تتعدى عدد الأصابع ولكنها تعادل أرقاما في الجهد المبذول. بدأ البث بواسطة مرسلة سعة 60-W واستمر لأيام ستة وذلك قبل شهر محرم الحرام عام 1426هـ ثم توقف بعدها حتى بدأ ثانية في العام التالي واستمر إلى يومنا هذا وسيبقى إلى ما شاء الله بعد أن شجع أصحاب السماحة من المشرفين على خدمة العتبة الحسينية المقدسة على الاستمرار بهذا العمل. ولأن الإعلام هو الوسيلة المهمة والمناسبة لتعريف المجتمعات على فضائل وفيوضات وتشريعات أهل البيت عليهم السلام بشكل عام ومن أجل بيان المعاني التي تضمنتها مفاهيم النهضة الحسينية، هذا المفهوم حفز نخبة من القائمين على خدمة الروضة الحسينية المقدسة من المهتمين بالثقافة والإعلام ونشر الفكر والوعي الديني حفزهم على تحمل مسؤولية إيصال الصوت الحسيني الإنساني الحضاري الواعي إلى أبعد مدى يمكن إيصاله لتستلهم المجتمعات الدروس والعبر من هذه المفاهيم. وقد كان هذا الهدف هو المحفز الأول للسعي في تأسيس إذاعة. وولدت الإذاعة من رحم العقيدة والإتصال الصميمي بالمنهج الحسيني المتميز وبدأت ببث البرامج والأناشيد الدينية والحسينية لكنها لم تقتصر على هذا النمط بل امتدت إلى أبعد من ذلك فكانت الحوارات الفقهية المفتوحة عبر بث مباشر وراحت تنتج البرامج التاريخية والثقافية والأدبية والمنوعات واستضافات الأدباء والمثقفين وبعض المسؤولين التحقت بالإذاعة نخبة من الإعلاميين المختصين والمذيعين ومعدي البرامج ومقدميها. من الذين نذروا أنفسهم لجعلها مشاريع للتضحية من أجل إعلاء كلمة الحق.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- العراق.. أزمة تلد أخرى