حجم النص
بقلم:سالم مشكور تناقل بعض رواد الفيس بوك مؤخرا شريط فيديو لعراقي يعترض النائب السابق سامي العسكري في أحد الاسواق لينهال عليه بالتهجم وكيل الاتهامات والطعن بنزاهته، علما أن أحدا لم يسجل على العسكري يوماً ما يطعن بنزاهته أبداً، بل انّ نظافة يديه معروفة للجميع. طبعا اتهامات صاحب الشريط لا تقوم على معلومات، بل تتعامل مع النائب السابق كمتهم لمجرد انه سياسي. ما جرى في هذا الفيديو القصير يشير الى ظاهرة بدأت تتفشى مؤخرا تقوم على افتراض ان كل سياسي هو فاسد وكل مسؤول لابد وان يكون فاسداً. يتبع ذلك التعميم القول بان البرلمان كله فاسد والحكومة كلها فاسدة وصولا الى فساد النظام السياسي كله. لا يبدو هذا الامر عفويا، رغم ان ممارسات كثير من المسؤولين الفاسدين تساهم في تدعيم هذه الظاهرة، الا انها في الاساس من فعل فاعل. بعض المحطات التلفزيونية التي يديرها أشخاص من خارج البلاد، تضرب منذ سنوات على هذا الوتر. كل خطابها يصب في عملية التعميم والإيحاء بان الجميع فاسدون. هكذا يتم إسقاط هيبة الدولة لتحل الفوضى، وهي أرضية مناسبة للاطلاحة بالنظام السياسي ككل. لا أفهم مغزى أن يقوم مذيع تلفزيوني خطيباً محرضاً على الفوضى داعيا الناس الى مداهمة مكتب المسؤول ورميه خارج الدائرة، سوى أنه يتعمد بث الفوضى، ولا أفهم استمراره على هذا الخطاب سوى ان صاحب المحطة التي يعمل فيها موافق على ذلك، ولا أستطيع النظر الى تبني صاحب المحطة هذا السلوك على أنه استهتار فردي، بل تنفيذ لاجندة محددة هدفها الاخير الاطاحة بالنظام السياسي القائم.النظام وليس الحكومة،وبين الاثنين فرق واضح. لا يختلف اثنان على فساد الكثير من شخوص الحكم الحالي، وهو جزء من ثقافة فساد تتفشى في المجتمع على كل المستويات.لا ينجو منها من يرفع صوته ضدها الا إذا مرّ باختبار حقيقي يتعفف فيه عن مدّ يده الى مال عام متاح أمامه. ولا يجادل أحد في وجوب محاربة الفساد بكل الطرق وبأقصى ما يمكن من الحزم والقسوة، لكن لا يمكن أن تتحول عملية محاربة الفساد الى وسيلة لمحاربة النظام وعلى يد أبناء النظام المتضررين من ارتباكه أو زواله. وإذا كان من حق النظام أن ينتفضوا ضد الفساد والترهل في الاداء الحكومي والتقصير في تقديم الخدمات، لكن الحذر واجب من دخول مغرضين على خط التظاهرات من أجل حرفها نحو التسقيط والتهديم تمهيداً لتحقيق ما عجزت عن فعله السيارات المفخخة والمؤامرات السياسية والاعاقات المتواصلة منذ أكثر من عقد من الزمان للقول ان الحكم الجديد فاشل وان السابق أفضل حالاً وأكثر قدرة على حكم البلاد. لنتذكر دائما الخراب الذي حلّ بالعراق خلال عقود من حكم الدكتاتورية، والذي من نتائجه ثقافة الفساد التي نئن منها اليوم.
أقرأ ايضاً
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- المرجعية الدينية: مكافحة الفساد بالعمل والممارسة وليس بالكلام المعسول
- انه تسونامي وليس طوفان !