حجم النص
هادي جلو مرعي إنما سميت الركب ركبا لإستناد الجسد كله عليها، والركوب هو أن ترتقي شيئا فتعتليه كما هو الحاصل عندما يصف الله تسخير الأنعام لعباده"وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ" فصرنا نركب السفينة والسيارة، ونركب الموجة البحرية، ولهذا صار وصف الذين يدخلون على خط التظاهرات في العراق، إنهم ركبوا موجة التظاهرات بمعنى إنهم إستغلوا حدوثها ولم يساهموا في حدوثها في الأصل لكنهم رأوا ماتحقق من نتائج على الأرض فأراداو أن يعبروا عن موقف، وهذا ماوصف به المصريون دخول الإخوان المسلمين على خط الإحتجاجات والتظاهرات في ميدان التحرير ومدن مصر فقالوا،إن الإخوان ركبوا الموجة وهم منظمون ويستطيعون فعل أي شئ يساعدهم في الحصول على المزيد من المكاسب لكنهم عندما أخطأوا الهدف ولم ينجحوا في إدارة الدولة إنقلب عليهم الشعب وإستغل الجيش ذلك فإستحوذ على السلطة وأعاد إنتاج النظام القديم الذي ضمن لمصر عبر عقود طويلة الأمن والإستقرار، وكان نظاما شموليا لكنه يتمتع بقدرة على الإدارة وحسن التنظيم، مع وجود الفساد الذي كان سببا دائما للثورة والتمرد والإحتجاج. في العراق هناك ميدان تحرير في بغداد، وساحات تحرير في كل المحافظات العراقية، وهناك تظاهرات إسبوعية تخرج في تلك السوح تعلن الإحتجاج والرفض والمطالبة بإصلاح الأوضاع ومحاربة الفساد ووقف المفسدين ومحاسبتهم بعد تجاوزهم كل الحدود وعبورهم الى مساحة لايمكن القبول بها حيث تجاوزوا على الشعب وأاهانوه وإستهانوا به وأذلوه وتربعوا على عرش حكمه ومنحوا لأنفسهم صلاحيات واسعة فصارت الأموال تصرف بلاحساب ولامراقبة وتنقل الى الخارج عبر عملية غسيل أموال مخيفة تكاد تفرغ إن لم تكن قد أفرغت بالفعل العراق من ثرواته حيث يقوم سياسيون وتجار وموظفون كبار وصغار بتحويل مليارات الدولارات الى دول أخرى لتشغيلها وإستثمارها، أو لوضعها في بنوك تلك البلدان ويحققون من ورائها الأرباح، بينما تنتفع تلك المصارف الأجنبية عنا ونعاني نحن العراقيين من شظف العيش والعوز والحاجة والذل، وبمنتهى الخسة والنذالة يفعلون ذلك، ولم يتحرك لهم ضمير، ولم يكن لهم من وازع رحمة بالناس البسطاء العاديين، بل إن زعامات سياسية كبرى تشرف على أحزاب وقوى فاعلة تحتل مناطق كاملة من العاصمة بغداد والمحافظات وفي أماكن راقية وتستحوذ على الأملاك العامة فيها وتتجاهل إنها للشعب وليست لهم ولا لمن خلفوهم من آباء كانوا صايعين ضايعين في البلدان. ركوب الموجة العراقية كان متاحا لقوى سياسية بدأت تنشر عناصرها في الساحات ليشتموا الخصوم، وهم غير مضطرين لرفع صور سياسييهم المفضلين لكي لايضربهم الجمهور ويكتفون بإستخدام ذريعة الفساد ومن خلال شتم مجموعة لسياسي بعينه، أو لحزب فإنك ستعرف بسهولة إنهم يتبعون لجهة منافسة وهكذا تفعل كل قوة سياسية فتسلط أنصارها ليشتموا فاسدا منافسا. وهذا هو الركوب الفاسد المفسد. أتمنى أن لاتفهموا الركوب بطريقة سيئة وشاذة.
أقرأ ايضاً
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- انقاذ العراق من انهيار حتمي..الحلقة الأولى: (مصافي النفط – الحل من خلال الثورة التقنية)
- علاوي يكتب :العراق متجه نحو الانهيار ..مقترحات نطرحها لإنقاذ العراق من هذا الانهيار الحتمي