حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي تعد مدينة الفلوجة ثاني مدن الانبار بعد الرمادي، ومن المدن المهمة اذ تعد حلقة الوصل بين محافظة الانبار وبين مدينة بغداد شرقاً وصلاح الدين شمالاً، وتعد الفلوجة ذات الغالبية السنية المتشددة والتي دخلها الأميركان على اثر سقوطها بيد المتشددين السنة وحلفائهم البعثية وازلام النظام البائد، بعد تحولها الى مدينة اشباح لشراسة المعارك التي دارت هناك، ورغم العمليات العسكرية التي حدثت هناك الا انها ظلت خارجة عن سلطة الحكومة المركزية منذ ٢٠٠٣، ويبدو انه أُريد لها ان تنفصل عن الجسد العراقي، من خلال زرع الخلايا الإرهابية ومن مختلف الجنسيات العربية والغربية، كما ان وجود آلة القمع الصدامي البعثي ساعد كثيرا في تعشعش الارهابيين من مختلف الجنسيات، وأتيح لها ان تكون مدينة الارهاب والذبح والتصفية الطائفية، اذ انها امست مرتعاً لأزلام النظام البعثي من قوى أمنية ورؤوس البعث والذين يمثلون الخبرة القتالية والعسكرية. تمتلك هذه المدينة ميزة مهمة وتتمتع بموقع جغرافي ستراتيجي يتوسط العراق،اذ انها تربط مدن الجنوب والغرب والشمال والشرق، مما اكسبها أهمية ستراتيجية لدى الارهابيين، الامر الذي جعلها تمثل تهديداً مباشراً لبغداد وجنوبها، كما ان الحواضن الإرهابية استطاعت من خلق جو وشبكة ارهابية غاية في التعقيد خصوصاً مع وجود الخبرة العسكرية التي يمتلكها ازلام صدام وتدريبهم للمتطوعين من داعش، الامر الذي اكسبها قوة وتماسك الارهابيين فيها. الاستعدادات اليوم المهمة التي تقوم بها القوات الامنية وبمساندة مباشرة من الحشد الشعبي في الفلوجة وعموم مدن الانبار، من خلال اجراء عمليات قضم وتمشيط وضرب للجيوب الإرهابية في محيط الفلوجة تنذر وتطلق صفارة الانذار في البدء بعملية تحرير المدينة من سطوة داعش البعثي، وبحسب التقارير العسكرية التي تشير الى محاصرتها من اربع محاور تمهيدا لاقتحامها وتطهيرها من زمر الجماعات التكفيرية والمسلحة. ان سبب تاخر عمليات التطهير والتمشيط للمدينة هو تحصن الارهابيين بين المدنيين العزل، ومنع اَهلها من مغادرتها، كما ان اغلب مفاصل المدينة قد فُخِخت حتى أعمدة الانارة ومحولات الكهرباء والشوارع والمنازل والدوائر الحكومية، الامر الذي يجعل عمليات تحريرها تكون بطيئة، ولكن الخطوات المهمة التي تقوم بها قيادة الحشد الشعبي والقوى الامنية والحيطة والحذر في عملياتها العسكرية تجنباً لاي ضرر يلحق بالمدنيين. ان مستقبل وجودة داعش في البلاد يعتمد كثيرا على نجاح هذه العملية والتي ستنطلق قريباً وستكون القاصمة لظهر الارهابيين الدواعش وحواضنهم البعثية، وبالتالي فهي ستكون كسر لشوكة الارهابين في عموم العراق وسوريا، لما تمثله هذه المدينة من حلقة وصل بين الدولتين، ومحطة مهمة في تزويد الدواعش بالسلاح وتجنيد الارهابيين القادمين من سوريا. ربما جاءت العملية متاخرة الا ان ظروف انطلاقها توفرت اليوم خصوصاً بالتزامن مع تشكيل التحال الدولي، وقطع الإمدادات والدعم الإقليمي والدولي لداعش، وتلقى هذا التنظيم ضربات موجعة في سوريا، وحصول الجيش العراقي على أسلحة متطورة مكنته من القتال بكفاءة في المناطق الصحراوية. الارهابيين في الانبار وبعد تدمير اغلب معسكراتهم وملاحقتهم في الصحراء عمدوا الى التسلل الى مدينة الفلوجة وجعل اَهلها رهائن بشرية، ولكن بعد شعورهم بنهايتهم عمدوا الى الاختفاء بين المدنيين، والا ختباء في المنازل بحثاً عن فرصة للهرب خارج المدينة، وهذا ما يجعل الامر اكثر صعوبة في حفظ أمن حدود المدن المحادية للأنبار كمدينة كربلاء المقدسة، وصحراء النجف الأشرف، والتهديد المباشر لبغداد، لهذا ستكون العمليات العسكرية على محورين (أمن العاصمة، والامر الاخر ضرب جيوب الارهاب في الفلوجة)، والتي ربما سيعمد الارهابيون الى التسلل والقيام بعمليات ارهابية من احل فتح جبهات جديدة وتشتيت الجهد العسكري في الانبار. اعتقد ان العمليات العسكرية تسير بنجاح، وستحقق النصر اذا ما أخذت بنشر الحسبان ضرورة قطع اي إمدادات لداعش في تلك المنطقة، والدقة في تمشيط المنطقة والتدقيق في السكان والبحث عن المطلوبين وتطهيرها نهائيا ً تمهيداً لعودة اَهلها والاستقرار فيها.