- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المفكر الاسلامي المجتهد الشيخ محمد جواد البلاغي
حجم النص
بقلم |مجاهد منعثر منشد قال تعالى: ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً))(1).. ونحن نترقب مهرجان النجف عاصمة الثقافة الاسلامية يغمرنا الفرح والسرور للاهتمام بهذا الصرح الخالد من قبل المخلصين الذين يبحثون عن اعطاء كل ذي حقا حقه، وبمعنى أخر وضع النقاط على الحروف. ومن اولى النقاط التي تعاني منها هذه العاصمة السابقة اللاحقة هي تهميش واقصاء المفكرين الاسلاميين. حيث يمر بعض الباحثين مرور الكرام على ترجمة سيرهم، وبعض الاحيان لايسلطون الاضواء على نقاط مهمة من سيرتهم الغراء، فيعتبرونهم مجرد علماء كان بروزهم في وقت معين وتلاشى برحيلهم. وهذه الفكرة من الافكار الجامدة التي لاتدلل على ارتقاء مستوى تفكير الباحث أو المؤرخ أو المثقف، فإننا اليوم بحاجة ماسة لتطبيق مؤلفات واصدارات العلماء الفطاحل على واقعنا المعاصر في شتى المجالات، ومنها الثقافية. وفي كتابتنا المختصرة عن المفكر الاسلامي العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي (قدس سره) سنبتعد قدر الامكان عن الكتابة الكلاسيكية او بالاحرى نبتعد عن ماذكره الكتاب سابقا. فالحديث اليوم عن هذا العالم المفكر الاسلامي المجاهد الاديب الشاعر الزاهد الورع يحتاج الى مجلدات. كونه يعد الرائد الاول في شتى المجالات.. فهو موسوعة علمية وادبية ثقافية ناهيك عن الاسلوب الابداعي الذي تحول الى منهج رائج في العصور اللاحقة. لذلك سنحاول كتابة ماتجود به اليد من سيرته النسبية مع الاشارة الى بعض مؤلفاته التي تعتبر منهج تجديدي في تاريخ الحوزة العلمية. وذكر نبذه من قصائده الرائعة بحق اهل البيت (عليهم السلام). النسب والاسرة ينحدر المفكر الاسلامي الشيخ محمد جواد البلاغي من قبيلة ربيعة، واجداه امراء القبيلة، ويتصل نسبه بجده الاكبر الشهيد بلاغ المتوفي سنة 812 هـ بن ولي الله أمير ربيعة، وفي المصادر التاريخية يذكر تسلسله النسبي بالشكل التالي: الشيخ محمد جواد (1282هـ ـ 1352 هـ) بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهيم بن حسين بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي. (2) وذكرت الترجمة في عدة مصادر (3). والده الشيخ حسن صاحب المنظومة الفقهية. وجده الثالث الشيخ طالب البلاغي بن عباس العاملي النجفي كان تلميذاً لصاحب الجواهر وكان معروفاً بالعلم والفضل والجلالة والورع والزهد والأخلاق وكان حياً سنة 1274 هـ. (4). وجده الثامن الشيخ محمد علي من علماء القرن العاشر الهجري مؤسس اسرة البلاغ في النجف الاشرف، الشيخ محمّد عليّ بن محمّد البلاغي كان فقيهاً متبحراً في القرن العاشر الهجري. قال حفيده الشيخ حسن بن الشيخ عباس في كتابه تنقيح المقال: محمّد عليّ بن محمّد البلاغي جدّي(رحمه الله) وجه من وجوه علمائنا المجتهدين المتأخرين وفضلائنا المتبحرين ثقة عين صحيح الحديث واضح الطريقة نقي الكلام جيد التصانيف وكان من تلامذة أحمد بن محمّد الأردبيلي(قدس سره). وفي عام 1000 هـ 1479 م(5).. ومن اسرتهم وأحد علماء القرن الثالث عشر الهجري الشيخ محمّد عليّ بن عباس البلاغي النجفي كان من العلماء المؤلفين المكثرين كتب نحو ثلاثين مجلداً في الفقه واُصوله وكان حياً سنة 1228 هـ(6). وعمه الشيخ حسين البلاغي صاحب القصيدة المشهورة في رثاء الميرزا الشيرازي الكبير (قدس سره). وال البلاغي بيت علم وفضل وأدب، وقد تم ذكرهم في المصادر القديمة والحديثة التي منها انساب القبائل العربية المطبوع عام 2011، وجاء فيه: من الاسر العلمية في العلم والادب والبلاغة. وهذه الاسرة من ذرية الشيخ محمد البلاغي أحد اعلام وشعراء القرن العاشر الهجري ومن عيون هذه الاسرة الاستاذ الاديب الصحفي محمد علي البلاغي وكذلك محمد علي البلاغي المتوفى سنة 1000هـ. بن الشيخ محمد، وأيضا الشيخ محمد جواد المتوفى سنة 1354هـ بن الشيخ حسن بن الشيخ طالب بن الشيخ من أبرز المجاهدين مع الميرزا محمد تقي الشيرازي (7). والشيخ محمد جواد البلاغي ولد في رجب (عام 1282هـ 1865 م)، ونشأ، وتوفي في شهر شعبان (1352ه ـ 1933 م) في النجف الاشرف. بعد أن أكمل دراسته في النجف الاشرف على يد جهابذة العلماء، انتقل الى سامراء عام 1326هـ لاكمال طلب العلم على يد الإمام الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس سره)، فمكث عشرة سنوات هناك، ثم انتقل الى مدينة الكاظمية المقدسة، فأقام بها سنتين، وبعدها عاد إلى النجف الأشرف الى أن وافاه الاجل المحتوم ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شعبان. ويقول الشيخ جعفر ال محبوبة بعد أن ذكر بعض مؤلفاته العلامة الخبير الشيخ محمد جواد البلاغي الذي هو أحد اقطاب تلك العاصمة الكبرى، وقد راجت مؤلفاته في سائر الاقطار وترجمة جملة منها الى اللغات الاجنبية. ثم يسرد في الهامش كان هذا الشيخ من اعلام النجف المشاهير حاويا لفضيلتي العلم والجهاد بالقلم وقف حياته للدفاع عن الدين، وله المواقف المشهودة قبال الماديين والطبيعيين وسائر المخالفين تخرج على المجدد الشيرازي في سامراء. وله الالمام بجميع اللغات الاجنبية. وفي وفاته كما ذكرنا تاريخ الوفاة. فخسره العالم الاسلامي أجمع وكان يوم وفاته يوما مشهودا. (8). كيفية تعلم الشيخ البلاغي للغات اخرى.. اللغة العبرية مثلا: يروي المرجع المعاصر السيد صادق الحسيني الشيرازي (مد الله في ظله) إن المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي قدّس سرّه كان من العلماء الأعلام، وكان أحد أساتذة والدي قدّس سرّه. وقد صرف هذا العالم الجليل عشرات السنوات من حياته لأجل تأليف كتابين، هما: «الرحلة المدرسية»، و«الهدى إلى الدين المصطفى صلى الله عليه وآله»، وذلك في بيان التناقض الموجود في العهدين: التوراة والإنجيل. نقل والدي رحمه الله عن هذا العالم الجليل وقال: نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلها الشيخ البلاغي رحمه الله في تأليف الكتابين المذكورين، فقد ابتلي رحمه الله بأمراض عديدة ومات إثر ذلك، حيث كان فقيراً من الناحية المادية ولم يتمكّن من علاج نفسه. وقد اطّلع أحد القساوسة في بريطانيا على واحد من هذين الكتابين، فقرأه بتمعّن، فأسلم وتشيّع، وكتب رسالة إلى الشيخ البلاغي كتب فيها: أنتم الشيعة جناة على الإنسانية! لأنكم تملكون مثل هذه العلوم الثمينة والقيّمة ولا تنشرونها في العالم ولا تعرّفونها للبشرية. وأضاف سماحته: وذكر والدي رحمه الله عنه أيضاً أنه: كان الشيخ البلاغي يريد أن يقابل العهدين بين اللغات المختلفة كالعربية والألمانية، ومنها العبرية. فصمّم على تعلّم اللغة العبرية كي يبحث في العهدين باللغة العبرية، ليعرف النقيصة والزيادة الموجودة في العهدين. فكان حينها يسكن في مدينة سامراء، ومن المعروف أن مدينة سامراء صيفها حارّ جدّاً كصيف مدينة النجف الأشرف، فكانت شوارع سامراء وأزقّتها تخلو من المارّة من الساعة الواحدة بعد الظهر تقريباً إلى الساعة الرابعة عصراً، إلاّ الأطفال حيث كانوا يلعبون في الطرقات، وكان فيهم أطفال لليهود الذين يسكنون في سامراء. فكان الشيخ البلاغي يحمل معه مقداراً من الحلوى والشوكولاتة ويخرج في ذلك الوقت الحار إلى الأزقّة وكان ينادي أطفال اليهود ويلاطفهم ويعطيهم الحلوى ويسأل منهم عن معنى كلمة من كلمات العبرية، واستمر على هذا المنوال حتى أتقن رحمه الله اللغة العبرية. (9). مؤلفات ومخطوطات (10) الشيخ البلاغي اثناء مطالعتي لمؤلفات هذا المفكر الاسلامي المجدد والمبتكر وجدتها 43 مؤلف يتفرع المفرد منها الى مجلدات، واخرى رسائل، وكتب متسلسلة من عدا المخطوط. وجميع هذه المؤلفات المتنوعة كانت ذا بحث عميق وأسلوب رصين وبيان واضح يلاح بين طياته ابتكار المنهج والاسلوب. ونتيجة اتباعه اسلوب علمي نوعي أصبحت انتاجاته منهج، فكانت اكبر رفد ثقافي في النجف الاشرف، والعالم الاسلامي وغير الاسلامي. لذلك يعد الشيخ البلاغي من الرواد الأوائل في مجال نقد الأديان في العصر الحديث. ويأتي نقده على الاشخاص الذين حرفوا الكتب السماوية للاديان غير الاسلامية. واعتمد في نقلده على الاسلوب العلمي الذي يثبت فيه كيف أن مفكري الحركات التبشيرية يعتنقون افكارا هدامة، واوضح الشيخ الابعاد الخطيرة للحركات الصهيونية والتبشيرية وانها بمعزل عن ديانتها لكنها تستخدم الديانة كغطاء لاهداف الحركة. وهذا المفكر الاسلامي صاحب مدرسة في التجديد فكان له الأيادي البيضاء والفضل العظيم على الأمة الإسلامية بما كتب وألف في الرد على اليهود والنصارى وأهل الملل وله مجاهدات كثيرة في إعلاء كلمة الإسلام (11). ولم تقتصر إسهاماته في الرد على أهل الكتاب، بل تصدى للفرق المنحرفة والهدامة كالقاديانية والبابية والوهابية والإلحادية. (12). ومايشير الى ان هذا النابغة مبتكرا في زمانه ما يذكره العلامة صاحب الذريعة عن كتاب الشيخ الموسوم بـ(البلاغ المبين) حيث يقول العلامة الطهراني: إن هذه الرسالة صنفت بصياغة حديثة تنفع ذوي العقول المبتدئة والبعيدة عن الاصطلاحات والشبهات (13). ومن مبتكراته أيضاً الرسائل التي كتبها حول بعض القواعد الفقهية ومع أن السمة المميزة لهذه الرسالة هي الإيجاز ألا أنها في الوقت نفسه جامعة لكل الجوانب وتتميز بالأبحاث والتحقيقات (14). وكتابه (الهدى إلى دين المصطفى) الذي يقع في مجلدين هو بشكل محاورة بين الشخص ونفسه وكأنها مع الخصم، حيث أن الشيخ أثبتها وهي بمعنى: ((إذا قالوا كذا... قلنا كذا...)) وهكذا، وهذه الطريقة موجودة في التراث الإسلامي وخصوصاً كتاب (إفحام اليهود) للسمؤال بن يحيى المغربي المتوفي سنة(570هـ). (15). وأما كتابه (الرحلة المدرسية) كانت اسلوب كتابته وطريقته فيه ابتكار نوعي، فعندما يقرأ الاديب مع نفسه يجد مناظرة وحوار ومحاوره، فيرى الخروج من الرواية الى المعنى الادبي ثم الى المحاورة العقائدية بشكل رائع مستخدما التوراة والانجيل والرد من القران الكريم موضحا اجابة الاستفسارات في رده على الافترائات والمغالطات. وهذا مختصر عن مؤلفاته القيمة التي راجت رواجا منقطع النظير. يقول عن هذا الكتاب الاستاذ علي الخاقاني أغنَتْنا الآثار العلميّة للشيخ البلاغي عن التنويه بعظمته وعلمه الجمّ وآرائه الجديدة المبتكرة، فلقد سدّ شاغراً كبيراً في المكتبة العربية الإسلامية بما أسداه من فضلٍ فيما قام به من معالجة كثيرٍ من المشاكل العلميّة، والمناقشات الدينية، وتوضيح التوحيد ودعمه بالآراء الحكيمة قبالَ العقائد السقيمة والمنحرفة، ولو لم يكن للشيخ البلاغي إلاّ كتابه (الرحلة المدرسية) لَكَفاه فخرا. (16). الشيخ البلاغي شعر الاديب البارع اللامع مع علمه الجليل كان الشيخ محمد جواد من اساتذة الادب واحد فحول الشعراء، وقد سخر الموهبة الشعرية في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام)، واستهدف في شعره العذب رثاء العلماء الاجلاء، والدفاع عن الراي العلمي، واوضح عن الطريق الشعر الفكرة الفلسفية وشرح العقيدة. وفي نظم الشعر تجد التناغم المصحوب بتدفق العواطف الوجدانية والمشاعر الانسانية حتى يتأمل القارئ الحالة الروحية لهذا النظم الرائع. والباقات العطرة في الحديقة الشعرية لهذا النابغة. ونقتطف باقة زهور من حدائقه أحد القصائد الخالدة التي من خلالها أثبت شأن الغيبة المباركة لمولانا بقية الله تعالى (روحي وارواح العالمين لتراب مقدمه فداء)، فيقدم فيها الادلة العقلية والنقلية. وهذه القصيدة هي إحدى القصائد التي اخترناها من مجموعة القصائد التي جاءت ردّاً على القصيدة التي وردت من بغداد سنة 1317 هـ إلى النجف من أحد المنكرين لوجود الامام المهدي (عليه السلام): أطعت الهوى فيهم وعاصاني الصبرُ*** فها أنا ما لي فيه نهيٌ ولا أمرُ أنست بهم سهل القفار ووعرها*** فما راعني منهنّ سهلٌ ولا وعرُ أخا سفر ولهان أغتنم السُّرى*** من اللّيل تغليساً إذا عرّس السفرُ وفي خبر الثقلين هاد إلى الذي*** تنازع فيه الناس والتبس الامرُ إذا قال خير الرسل لن يتفرّقا*** فكيف إذن يخلو من العترة العصرُ وما إن تمسّكتم بتينك إنّهم*** هم السادة الهادون والقادة الغرُّ ولمّـا انطوى عصر الخلافة وانتهى*** ولفّ بساط العدل وابتدأ الشرُّ إلى أن قال: وغاب بأمر الله للاجل الذي*** يراد له في علمه وله الامرُ وأوعده أن يحيي الدين سيفه*** وفيه لدين المصطفى يدرك الوترُ ويخدمه الاملاك جنداً وإنّه*** يشدّ له بالروح في ملكه أزرُ وإنّ جميع الارض ترجع ملكه*** ويملاها قسطاً ويرتفع المكرُ فأيقن أنّ الوعد حقّ وأنّه*** إلى وقت عيسى يستطيل له العمرُ فسلّم تفويضاً إلى الله صابراً*** وعن أمره منه النهوض أو الصبرُ ولم يكُ من خوف الاذاة اختفاؤه*** ولكن بأمر الله خير له السترُ وحاشاه من جبن ولكن هو الذي*** غداً يحتشيه من حوى البرّ والبحرُ أكُلّ اختفاء خلت من خيفة الاذى*** فربّ اختفاء فيه يستنزل النصرُ وكلّ فرار خلت جبناً فربما*** يفرّ أخو بأس ليمكنه الكرُّ فكم قد تمارت للنبيّين غيبة*** على موعد فيها إلى ربّهم فرّوا وإنّ بيوم الغار والشعب قبله*** غناءٌ كما يغني عن الخَبر الخُبرُ ولم أدرِ لم أنكرت كون اختفائه*** بأمر الذي يعيى بحكمته الفكرُ أتحصر أمر الله في العجز أم لدى*** إقامة ما لفّقت أقعدك الحصرُ فذلك أدهى الداهيات ولم يقل*** به أحدٌ إلاّ أخو السفه الغمرُ أيعجز ربّ الخلق عن نصر حزبه*** على غيرهم كلاّ فهذا هو الكفرُ وكم مختف بين الشعاب وهارب*** إلى الله في الاجبال يألفه النسرُ لئن غاب في السرداب يوماً فإنّما*** على الناس من اُمّ القرى يطلع البدرُ ولم يتّخذه البدر برجاً وإنّما*** غدا اُفقاً من خطّه يضرب السترُ وها هو بين الناس كالشمس ضمّها*** سحاب ومنها يشرق البرّ والبحرُ به تدفع الجلى ويستنزل الحيا*** وتستنبت الغبرا ويستكشف الضرُّ ولا عجب إن كان في كلّ حجّة*** يحجّ وفيه يسعد النحر والنفرُ ويعرفه البيت الحرام وركنه*** وزمزم والاستار والخيف والحجرُ ولكنّه عن أعين الناس غائبٌ*** كما غاب بين الناس إلياس والخضرُ تعرّفنا ابن العسكريّ وإنّه*** هو القائم المهديّ والواتر الوترُ تبعنا هدى الهادي فأبلغنا المدى*** بنور الهدى والحمد لله والشكرُ(17). الجهاد لم يتوقف تواصل الجهاد او ينحصر باطار العلم عند نابغة عصره الهمام، بل كان له دور في ثورة العشرين ايام قيادة المجدد الشيرازي (قدس الله سره). وكان يؤدي دور الرابط بين العلماء مع التوجيه، واستمر في جهاده لحين تشكيل الحكومة العراقية في سنـة (1337) هـ (1920 م) وذكر ذلك الزركلي في (الاعلام) وعدد بعض مؤلفاته وقال: وله مشاركة في حركة العراق الاستقلالية وثورة عام 1920 م، فاستمر جهاده بعد ذلك بالقلم. وبعد أن قضى سبعين عام من عمره بين ثنايا الجهاد العلمي والمسلح توفي، واعلن الحداد العام في النجف الاشرف، وتم تشيعه تشيعا مهيب، فعطلت الحوزة العلمية والاسواق لمدة ثلاثة ايام. وقد دفن بجوار المرقد الطاهر لقائد الغر المحجلين الامام علي أمير المؤمنين (عليه السلام). وفي ادب الطف شعراء الحسين (عليه السلام) ان وفاته في شهر شعبان ودفنه في المقبرة المقابلة لباب المراد. ويناسب المقام ذكر قصيدته في شعبان لتكون ختام الموضوع: شعبان كم نعمت عين الهدى فيه.. لولا المحرم يأتي في دواهيه وأشرق الدين من أنوار ثالثه... لولا تغشاه عاشور بداجيه. وارتاح بالسبط قلب المصطفى فرحاً.. لو لم يرعه بذكر الطف ناعيه رآه خير وليد يستجار به... وخير مستشهد في الدين يحميه قرت به عين خير الرسل ثم بكت... فهل نهنيه فيه أو نعزيه ان تبتهج فاطم في يوم مولده.. فليلة الطف أمست من بواكيه أو ينتعش قلبها من نور طلعته.. فقد اديل بقاني الدمع جاريه فقلبها لم تطل فيه مسرّته... حتى تنازع تبريح الجوى فيه بشرىً أبا حسن في يوم مولده.. ويوم أرعب قلب الموت ماضيه ويوم دارت على حرب دوائره.. لولا القضاء وما أوحاه داعيه ويوم أضرم جو الطف نار وغىً... لو لم يخر صريعاً في محانيه يا شمس أوج العلى ما خلت عن كثب.. تمسى وأنت عفير الجسم ثاويه فيا لجسم على صدر النبي ربي.... توزعته المواضي من أعاديه ويا لرأس جلال الله توجّه... به ينوء من المياد عاليه وصدر قدس حوى أسرار بارئه.. يكون للرجس شمرمن مراقيه ومنحر كان للهادي مقبله... أضحى يقبله شمر بماضيه يا ثائراً للهدى والدين منتصراً.. هذي أُمية نالت ثارها فيه أنى وشيخك ساقي الحوض حيدرة.. تقضي وأنت لهيف القلب ضاميه ويا إماماً له الدين الحنيف لجا... لوذاً فقمت فدتك النفس تفديه أعظم بيومك هذا في مسرته.. ويوم عاشور فيما نالكم فيه يا من به تفخر السبع العلى وله.. إمامة الحق من إحدى معاليه أعظم بمثواك في وادي الطفوف علاً.. يا حبذا ذلك المثوى وواديه له حنيني ومنه لوعتي وإلى... مغناه شوقي واعلاق الهوى فيه(18). فسلاما على الحسين (عليه السلام) والقائل فيه شيخنا المقدس محمد جواد البلاغي ورحمة الله وبركاته. ............................. الهوامش والمصادر (1). المائدة| 48. (2) كتاب (تنقيح المقال) في الأصول والرجال: [ الذريعة 4 / 466 رقم 2069. (3) راجع المصادر التالية من ذخائر الثراث الرد على الوهابية ناليف العلامة اية الله الشيخ محمد جواد البلاغي تحقيق السيد محمد علي الحكيم ص 378 هامش رقم (2) اقتبست هذه الترجمة ـ بتصرف ـ ملفقة من بين عدة مصادر، أهمها: أعيان الشيعة 3 / 255 ـ 262، شعراء الغري 2 / 436 ـ 458، نقباء البشر في القرن الرابع عشر 1 / 323 ـ 326، الكنى والألقاب 2 / 83 و 84، مقدمة الهدى إلى دين المصطفى 1 / 6 ـ 20، معارف الرجال 1 / 196 ـ 200، ريحانة الأدب 1 / 179، ماضي النجف وحاضرها 2 / 61 ـ 66، ديوان السيد رضا الهندي: 125 و 127، مجلة رسالة القرآن / العدد العاشر / 1413 ه: 71 ـ 104. (4) الاميني |أعيان الشيعة ـ 9 | 393 ط دار التعارف بيروت (5) محبوبة | ماضي النجف وحاضرها، 2| 253. (6) أعيان الشيعة ـ 9| 426 ط دار التعارف بيروت. (7) انساب القبائل العربية القسم الاول الدليل العام نساب القبائل العربية الطبعة الاولى عام 2011 المطبوع بمطبعة الاندلس. (8) ماضي النجف وحاضرها 1 | 277 وهامش 1 من نفس الصفحة موضوع سير العلم في النجف. (9) المؤسسة الثقافية شبكة النبأ المعلوماتية موضوع | المرجع الشيرازي يؤكّد على اهمية الاعلام في التغيير والاصلاح. (10) لمراجعة مؤلفاته التي ذكرها اهل التراجم الصافي، عبد الوهاب، حياة الشيخ ونسبه، مجلة (الاعتدال) العدد الأول، سنة الثانية، ربيع الأول 1353 هـ، النجف الأشرف، ص15-16. الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت لبنان، ط5، 2000 م، ج6، ص357. الخاقاني، علي، شعراء الغري، ج2، ص440-441. محبوبة، جعفر، ماضي النجف وحاضرها، ج2 ص62-64. الطهراني، آغا بزرك، طبقات أعلام الشيعة، (نقباء البشر في القرن الرابع عشر) طهران، 1414 هـ، القسم الأول من الجزء الأول، ص324- 325. وغيرها كثير. (11) كتاب (النجف الأشرف إسهامات في الحضارة الإنسانية)، 1 |429. (12) الحكيم، محمد علي، أربع رسائل للشيخ البلاغي، 10. (13) آغا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 3 |140. (14) استادي، رضا، جوانب من حياة المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي، مجلة (دراسات وبحوث)، 144. (15) المغربي، السمؤال بن يحيى، أفحام اليهود، تحقيق: محمد بن عبد الله الشرقاوي، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط3، 1990م. (16) شعراء الغري 438:2.. (17) المحدّث النوري - المتوفّى سنة 1320 هـ في كشف الاستار عن وجه الغائب عن الانظار/، طهران، مكتبة نينوى الحديثة. ملحقات كشف الاستار: 263 ـ 268.. (18) هذه قصيدة الشيخ البلاغي بمولد الامام الحسين (عليه السلام) ذكرها السيد جواد شبر في ادب الطف شعراء الحسين (عليه السلام) من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر 9 | 147ـ150.
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- ماهي الدلالة والرسالة في بث مقطع فيديوي للقاء المرجع الاعلى بالشيخ الكربلائي
- محمد الضيف سان الانفاق عرى النفاق