حجم النص
بقلم:عباس الصباغ لم يجافِ الحقيقة المرة الرئيس اوباما في تعليله لأسباب استشراء ظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط عندما طرح وجهة نظره ـ التي لم ترق لزعماء دول مجلس التعاون ومنها السعوديةـ بان عزا اسباب ذلك الى الواقع المعيشي والسياسي والاجتماعي لدول مجلس التعاون وهو الواقع الذي يفضي الى سلوك الشباب مسلك الإرهاب، ولكن هنالك حقيقة اخرى غفل عنها اوباما تكمن وراء تفشي الإرهاب الذي تحوّل من ظاهرة مقلقة الى داء عضال، وهذه الحقيقة هي الطائفية المقيتة التي تلعب على أوتارها المملكة السعودية بمنهج سلفي تكفيري مستند على الجذور الفكرية والعقائدية لمؤسس المذهب الوهابي الرسمي محمد بن عبد الوهاب (ت 1791) وبذات النهج تمضي الحكومة السعودية اليوم ضد مواطنيها الشيعة تحت غطاء وجود الإرهاب على أبوابها الشمالية وتغلغله في داخل المجتمع السعودي والأعمال الإرهابية التي طالت المواطنين الشيعة في المنطقة الشرقية من السعودية تمثل باكورة هذا المنهج الذي بدأته السعودية في العراق منذ 2003 ومن ثم في سوريا ولحد الان. والسعودية ساهمت في تجذير ظاهرتين خطيرتين في الشرق الأوسط الكبير ومنه انطلقتا الى العالم وهاتان الظاهرتان تمثلان جوهر السياسة الخارجية للسعودية والفلسفة السياسية التي تسير على ضوئها الحكومة السعودية وتوضحان الأسباب والدواعي وراء المد الطائفي / الوهابي / التكفيري في جميع دول العالم وتفسران ظاهرة التجنيد المستمر للعناصر التي تغذي تنظيم داعش المنبثق من رحم تنظيم القاعدة الارهابي الذي أنشأته السعودية مع المخابرات الباكستانية غداة الغزو السوفييتي لأفغانستان (79 19) وتشكيل مايسمى بالمجاهدين العرب الذين شكلوا فيما بعد تنظيم القاعدة، الظاهرة الاولى هي سياسة التأليب الطائفي الجمعي ضد الشيعة عموما (عدد الشيعة في العالم حوالي200 مليون نسمة، وهم بنسبة 10% إلى 13% من عدد المسلمين في العالم ويتواجدون في 23 دولة بنسب متفاوتة ـ اهمها دول الشرق الأوسط كالعراق وايران ولبنان وسوريا والبحرين واليمن ـ فضلا عن جاليات منتشرة في دول اخرى كـ(الكويت وقطر ومصر والإمارات وتنزانيا وبعض الدول الاوربية) والظاهرة الثانية تمثلت في قيادة هيستريا مايسمى بفوبيا ايران كونها دولة شيعية كبرى وانطلاقا من هذه (الفوبيا) حاربت السعودية تجربة العراق الديمقراطية بعد إسقاط النظام الديكتاتوري الشمولي ولأسباب سيا/ طائفية وقادت تحالفا إقليميا اغلبه من دول مجلس التعاون لهذا الغرض وتعتبر السعودية نفسها انها محاطة بمحور شيعي "معاد" لها وساهمت بكل ما أوتيت من قوة وإمكانات مالية واستخباراتية بزعزعة امن واستقرار وايضا وبالتدخل المكشوف في الشؤون الداخلية للبلدان ذات التواجد الشيعي الكثيف ولهذا قامت باستقدام درع الجزيرة لضرب ثورة الشيعة في البحرين (غالبية السكان من الشيعة) وقادت تحالفا من عشر دول في عملية عاصفة الحزم لضرب الحوثيين الشيعة في اليمن (حوالي 10 ملايين) وفي لبنان (1 مليون) لها اكثر من موقف معاد ضد حركة حزب الله وعمدت الى زرع الفكر الوهابي التكفيري في الباكستان لضرب المواطنين الشيعة هناك(حوالي 28 مليونا)، وقبل اكثر من ثلاثين عاما وبحجة " الجهاد" ضد الروس "الكفار" في أفغانستان (حوالي 6 ملايين) جندت السعودية الآلاف من شذاذ الآفاق من دول الخليج وشمال افريقيا والشيشان لضرب الشيعة هناك وماتزال المعركة قائمة بواسطة قبائل البشتون المتشددة.وتحاول ان تنشر فكرها الوهابي المتشدد في كل بقاع الدنيا من خلال ضخ الأموال وشراء الذمم وفتح المراكز والنوادي والجوامع ولأسباب تبدو ظاهرا إنسانية ودينية الا انها عبارة عن بؤر تعبوية للفكر الوهابي وأوكار لتجنيد المتشددين وتسويقهم الى الأماكن الساخنة كالعراق وسوريا. ولم تتورع عن مساندة او تمويل الجهات التي تخدم أجندتها كما فعلت مع نظام صدام حسين في حربه ضد إيران، وجبهة النصرة في حربها ضد نظام بشار الاسد وغيرها. وعلى جميع الأصعدة تستخدم السعودية بكل ماتيسر لها من إمكانات مادية ومخابراتية واعلامية وفتوائية وحتى بشرية لترجمة فلسفتها السياسية القائمة على اكثر من عقدة طائفية فهي في واقع الحال تشن حربا ضروسا ضد الطائفة الشيعية في العالم وتحاول ان تسوّق نفسها على انها تمثل مركز ثقل الرأسمال العقائدي السني فضلا عن احتضانها اهم المراكز المقدسة عند جميع المسلمين. وضمن هذا السيناريو التدميري والتخريبي المتعمد شنت السعودية حرب استنزاف ضروسا لاهوادة فيها ومنذ 2003 ضد التجربة الديمقراطية العراقية وعلى خلفيات طائفية فضلا عن السياسية خوفا من انتقال عدوى الديمقراطية الى تخوم أراضيها وسخرت أموالا طائلة لذلك وتمثلت حربها في عدة أوجه كالإعلامية والفتوائية وإرسال مقاتلين ينفذون عمليات إرهابية كما لم تقم باي نشاط دبلوماسي مع العراق بحجة وجود حكومة (رافضية) فيه، وقد ثبت بالدليل القاطع ان اكثر من 7000 الاف مقاتل سعودي تحت إمرة ابي بكر البغدادي وتبلغ نسبة السعوديين اكثر من ستين في المائة من مجموع الإرهابيين في سوريا مابين مسلح وانتحاري والمفارقة الأكثر غرائبية ان الحكومة السعودية ـ التي تعد في مقدمة دول العالم في مجال التمييز العنصري والطائفي ـ تمارس السياسة الإرهابية عينها ضد مواطنيها من الطائفة الشيعية التي تتمركز في المنطقة الشرقية (اكثر من 6 ملايين شيعي) والتي لم تنجُ من هذه العقدة المستحكمة في السلوك السياسي لقادة السعودية منذ تأسيسها على يد الاستخبارات البريطانية بعد الحرب العالمية الاولى على يد عبد العزيز آل سعود لجعلها بؤرة محور يناوئ الدولة العثمانية انذاك، تحولت سياسة التمحور فيما بعد الى مناوأة ايران. الا ان قادة السعودية بدؤوا بنقل سياستهم الإرهابية الى الضد النوعي وعلى أراضيهم، كشفت عن ذلك عدة حوادث ارهابية ابتدئت من حادثة الدالوة في محرم الماضي وليس انتهاء بحادثتي القديح والعنود الاخيرتين واللتين أثبتتا ان السعودية ماضية على هذا النهج وتحت غطاء وجود خلايا إرهابية تغلغلت في النسيج المجتمعي السعودي وهم اغلبهم من المراهقين والشباب السعوديين الذين غسل المنهج التكفيري أدمغتهم والذي دأبت عليه المؤسستان السياسية والفقهية في السعودية ناهيك عن ماتبثه وسائل الإعلام وما تنفثه المناهج الدراسية من أفكار فاسدة وتحرض ابناء الوطن ضد إخوانهم بسبب الانتماء الطائفي. ان الدعم السعودي للإرهاب بكافة أشكاله يشمل العالم كله مما يعرض الأمن القومي للكثير من الدول الى الخطر والمطلوب من الدول التي تعاني من المد الإرهابي ذي الخلفيات الاصولية / التكفيرية ان توحد كلمتها وتقدم الوثائق التي تدين السعودية الى مجلس الامن الدولي ليتم معالجتها وفق البند السابع بعد ان صار الارهاب (ماركة) مسجلة باسم السعودية. اعلامي وكاتب