- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المحور العقائدي في خُطب الجُمعة في الصحن الحسيني المقدس
حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ تبدو من الوهلة الاولى خطب الجمعة العبادية التي يلقيها كل من سماحتي العلامتين السيد احمد الصافي والشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثلي المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة الامام السيستاني دام ظله الشريف في الصحن الحسيني المقدس من كل يوم جمعة ان تلك الخطب هي خطب عقائدية في الجانب الاول وعامة في الجانب الثاني فتكون خطبة الجمعة بشقين (محورين) رئيسيين الاول عقائدي اخلاقي تعبدي معاملاتي والثاني عام ويتضمن اهم القضايا التي تكتنف المشهد العراقي من كافة جوانبه السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من مستحدثات الامور والقضايا والمشاكل والاحداث وايصال صوت ومظلومية الفقراء والمحرومين والملتجئين الى حصن المرجعية الحصين الى اولي الامر وذوي الشان ومخاطبة اصحاب المسؤولية في الدولة وصانعي القرار فيها من على منبر الجمعة لتصحيح الكثير من مسارات الامور التي تتعرض بوصلتها الى الانحراف او التحريف فضلا عن ان المرجعية وبحسب نظرتها الواسعة والشاملة دائما ما تعرج على اهم القضايا الإقليمية والعالمية والتي لها تماس وترابط مع الشأن العراقي او التي تتعلق بالدين والمذهب وانسانية الانسان. اما المحور العقائدي ـ بلحاظ ان خطبة الجمعة تحتوي على جملة من المحاور المهمة منها المحور العقائدي ـ فهو لايقل في الاهمية عن بقية المحاور ان لم يكن اهمها جميعا ولهذا تم افراد المحور العقائدي في الشق الاول من الخطبة لأهميته وحساسيته والتصاقه بحياة الفرد والمجتمع والاسرة ككل في الدنيا والاخرة من حيث الطرح العقلاني المتزن والتربوي الهادف والتوجيهي التوعوي والارشادي الابوي لاهم الجوانب العقلية والسلوكية والعباداتية والمعاملاتية التي تعتور الانسان المسلم وتنظم وتقنن علاقة الانسان المسلم بنفسه ودواخلها وسلوكها اولا وبأخيه الانسان سواء داخل الاسرة او مع أرحامه او جيرانه او مجتمعه ثانيا وقبل كل شيء يتناول المحور العقائدي ما يخص علاقة الفرد المسلم بخالقه وما يترتب على هذه العلاقة من حقوق وواجبات والتزامات وعهود ومواثيق كالحث على إدامة العلاقة مابين العبد وربه من خلال اداء الواجبات العباداتية المفروضة عليه وعدم التهاون او التقصير فيها والحض على التوادِّ والتراحم وصلة الرحم والعلاقة الطيبة مع الجيران وبقية افراد المجتمع وطلب الرزق الحلال واجتناب الكبائر و الفواحش والرذائل وسفاسف الامور والتزام الصدق في الحديث والحفاظ على الامانة فضلا عن الحث على حب الوطن والدفاع عن الحرمات والمقدسات وتحبيب الشهادة في سبيل الله والتزهيد في حطام الدنيا الفانية واجمالا يدعو المحور العقائدي الى تفعيل مكارم الاخلاق ومستحبات وواجبات العبادة والسير على هدى النبي صلى الله عليه واله والائمة المعصومين عليهم السلام. ويتصف الطرح العقادي بالأسلوب المباشر البسيط ودون تكلف او مبالغة او تنطع واستطراد ممل او ايجاز مبهم وانما بلغة سلسة ومفهومة للجميع ومن باب التكلم مع الناس على قدر عقولهم ومستوياتهم المعرفية والعلمية فالمرجعية تخاطب جميع المستويات بلغة واحدة ونسق معرفي واحد فالمرجعية الشريفة تراعي جميع المستويات العقلية والمعرفية والأكاديمية بالابتعاد عن الوعظية والفوقية الآمرة الاستعلائية المنفِّرة للنفوس مع الاستشهاد والاقتباس المنتقى بعلمية احترافية لخطب ومواعظ المعصومين عليهم السلام ورواياتهم واحاديثهم المروية عنهم وسيرهم واحياء مناسباتهم استشهادا عقلانيا وموضوعيا متزنا بالابتعاد عن مواطن الخلاف والاختلاف التي تثير الحساسيات الطائفية والدينية لدى الاخرين كون هذه الحساسيات تقوِّض من تلاحم ابناء الوطن الواحد في وقت هم احوج ما يكونون فيه الى التكاتف وكما عُرف عن توجه المرجعية انها مرجعية جميع العراقيين بكافة الوان طيفهم وهو ما أثبته التلاحم الوطني لجميع العراقيين خلف راية المرجعية العليا الرشيدة بعد إطلاقها لفتوى الجهاد الكفائي كدلالة على ان المرجعية العليا تقف على مسافة واحدة من الجميع. الطرح العقائدي في خطب الجمعة ليس إسقاط فرض بل هو من صميم المسؤولية الملقاة على كاهل المرجعية في إرشاد الناس وتوعيتهم وتبصيرهم وانتشالهم من مهاوي الضلال وسقطات الشيطان وعثرات النفس الأمارة بالسوء وخلق انسان سوي ومستقيم واسرة مؤمنة ومتماسكة ومجتمع فاضل والسير الحثيث على نهج الاسلام المحمدي ـ العلوي الاصيل والاخلاق الاسلامية التي ارسى قواعدها ائمة الهدى المعصومون عليهم السلام ولأهمية الجانب العقائدي الاخلاقية والعبادية على بقية الجوانب والمحاور التي تتوخاها المرجعية الرشيدة يتم تقديم هذا المحور على بقية المحاور رغم أهميتها هي الاخرى فيكون المحور العقائدي هو الاساس الاول الذي تبنى عليه خطبة الجمعة.
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- الإعلام الحسيني.. الأهداف والخصائص