حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ خطوة جريئة ورائدة "ضربة معلم " أقدمت عليها السلطة القضائية العراقية المستقلة الرديفة للسلطتين المستقلتين الأخريين والمكملة لهما: التنفيذية والتشريعية وذلك بعدِّها حالات السب والشتم (القذف) جرائم لها توصيف قانوني ولها عقوبات مشددة يطالها القانون، قاطعة الطريق على كل من يفسِّر بنود الدستور العراقي التي كفلت حرية التعبير [المادة (36):- تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:اولاً:ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر] تفسيرا مزاجويا خاطئا وعن المتصيدين في الماء العكر ومحدثي البلبلة او الذين يبحثون عن المشاكل بشتى الطرق بالتجاوز على حرية الآخرين وكرامتهم او الذين يظنون انهم يستطيعون توجيه سهامهم الى صدور الآخرين والإفلات بدون عقاب كجزء من الممارسات اللامسؤولة في ظل مناخ الفوضى الإعلامية الخلاقة التي اعترت المشهد الثقافي العراقي بعد التغيير النيساني، وقد استقرأت السلطة القضائية العراقية بقرارها هذا طبيعة المجتمع العراقي العشائري المحافظ والبعيد عن هذا المناخ الملغوم بالمهاترات وتنقية وسائل الإعلام ـ اي وسيلة إعلامية بضمنها الفيسبوك بعد عدِّه وسيلة إعلامية ـ من الأجواء التي تعكرها ممارسات طائشة وعابثة قد تودي بحياة أصحابها وتعرضهم للخطر وعوائلهم بسبب المطالبات العشائرية والتبعات المجتمعية المترتبة على ذلك او مخاطر الشخصيات المتنفذة التي لها سلطان ونفوذ واسع. كما قطعت السلطة القضائية الجدل الواسع والمحتدم حول ماهية وكينونة الفيسبوك والتوصيف القانوني والمهني له وهل هو وسيلة إعلامية لها شخصيتها المعنوية ام هو مجرد وسيلة "نت" افتراضية تتلاشى مع كل "تحديث "لها اي انها ليس لها كينونة شخصية اعتبارية او توصيف إعلامي محدد كبقية وسائل الإعلام التي لها محددات مهنية شبه ثابتة لكن السلطة القضائية بتَّت في هذا الجدل وحسمته وأعلنت ان الفيسبوك هو ليس وسيلة "نت" افتراضية تتبخر بسهولة وتضيع معالمها وشواخصها بل ان الفيسبوك هو وسيلة إعلامية لها شخصيتها القانونية والاعتبارية وتنطبق عليها بنود قانون العقوبات العراقي، وهو من وسائل الإعلام المشار اليها في هذا القانون، ورد تعريف القذف في نص المادة 433 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 المعدل والنافذ كما يأتي إسناد واقعة معينة الى الغير باحدى الطرق التي من شانها لو صحت ان توجب عقاب من أسندت اليه او احتقاره عند أهل وطنه.اما عقوبة القاذف فهي الحبس والغرامة او باحدى هاتين العقوبتين،اما اذا وقع القذف بطريق النشر في الصحف و المطبوعات او بإحدى طرق الإعلام فيعد ذلك ظرفا مشددا واذا توافر الظرف المشدد في جريمة عقوبتها الحبس جاز للمحكمة الحكم عليه بالسجن عشر سنوات بدلاً من الحبس عملاً بحكم المادة 136/2 من قانون العقوبات اما اذا كانت العقوبة الغرامة فيجوز الحبس مدة لاتزيد على أربع سنوات وبهذا يكون القاذف في صفحات الفيسبوك جانحا في حق الآخرين ويستحق العقوبة القانونية حاله حال القاذف في اي مجال اجتماعي او إعلامي اخر آخر . اعلامي وكاتب مستقل