حجم النص
فالح حسون الدراجي حين يذهب رئيس جمهورية العراق الى الرياض في يوم بيعة ملك السعودية الجديد سلمان بن عبد العزيز، وليس في يوم تشييع الملك عبد الله بن عبد العزيز-كما أذيع رسمياً عن الزيارة في العراق- وحين يكون فخامة الرئيس فؤاد معصوم (بشحمه ولحمه) على رأس الوفد الرسمي الكبير الذي ضم أسماء كبيرة ومهمة في الهرم الرئاسي والحكومي والنيابي العراقي، تتمثل بالنائب الثاني لرئيس الجمهورية أسامة النجيفي والنائب الأول لرئيس الحكومة العراقية بهاء الأعرجي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ونائبه آرام شيخ محمد، ثم يلحق بالوفد بعد ذلك أياد علاوي النائب الثالث لرئيس جمهورية العراق، (اللهم زيد وبارك، ماكو بعد نائب رابع...!). وحين يمضي هذا الوفد الكبير الذي يمثل العراق بكل هيئاته الرئاسية والحكومية والنيابية الى الرياض، فإن الأمر المؤكد الذي يحضر ذهن أي مستمع للخبر، لن يكون سوى أن هناك كارثة خطيرة قد حصلت للعراق، وحلها الوحيد يكمن في الرياض لا غير، وعلى هذا الأساس فقد مضى الوفد بمسؤوليه الكبار لتدارك الكارثة قبل وقوعها.. أو قد يعتقد المستمع، بإن ملك السعودية المتوفى رجلٌ طيب ومحترم، يحب شعب العراق بكل طوائفه ومناطقه، له مواقف مؤيدة ومساندة للعراق. لم يتآمر يوماً على حكومة بغداد، ولم يدعم مشروعاً واحداً ضد أشقائه العراقيين. لايفرق بين سني وشيعي، ولا بين علاوي والمالكي، أو بين هادي العامري، وطارق الهاشمي.. ليصل الخيال بهذا المستمع الطيب، الى الظن بأن (أبا متعب) ليس ملكاً أو زعيماً سياسياً، ولاخادماً للحرمين الشريفين، إنما هو عبارة عن حمامة حب وسلام بين العشاق، ينقل رسائل الشوق بين المغرمين في قارة الغرام، وليس كما يصوره (الروافض الصفويون الحاقدون) بأنه وهابي قذر، وواحد من أكبر رعاة الإرهاب الدموي في العالم، دفع من أموال السعوديين أمولاً خيالية لا تصدّق، من أجل تدمير العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكل المناطق التي لا تتمذهب بمذهب الوهابية الغريب والعجيب جداً.. نعم هكذا سيتخيل المستمع العربي، أو الأجنبي البسيط الذي لا يعرف شيئاً عن الوهابية والسعودية وما فعلته في العراق، وهو يسمع في الأخبار، أن وفداً عراقياً كبيراً يضم أعلى وأفخم الأسماء الحكومية والنيابية، يزور الرياض لتقديم العزاء في رحيل زعيم مملكة الوهابية. وهذا يعني لديه، إن الملك المتوفى شخصٌ عزيزعلى قلب الشعب العراقي، وإن رحيله يمثل فاجعة للعراقيين، وبما إن الثلاثين مليون عراقي لايستطيعون الذهاب جميعاً الى الرياض لتقديم العزاء، فقد ذهب هذا الوفد الكبير نيابة عنهم، خاصة وإن التمثيل محسوب بدقة، وذكاء عال جداً، فالوفد يمثل طوائف السنة والشيعة والكرد، ويمثل زعامات الهيئات والكتل السياسية الرئيسية في العراق أيضاً. فماذا يريد الملك السعودي الميت أكثر من هذا التقدير، وهذا الإعتزاز؟! وأجزم لو إن الملك عبد الله بن عبد العزيز قد علم بالموضوع لضحك في قبره كثيراً، وقال: لك ذوله العراگيين اشگد زواج، وگلوب سمچ؟ شو أذبح وأقتل بيهم، ومن أموت يجون كلهم يبچون بفاتحتي ههههه)؟ لكن يقيناً إن المستمع الطيب سيتفاجأ كثيراً، بل وسيلطم على راسه، حين يعلم إن الوفد العراقي المفجوع والحزين، والمسافر الى العاصمة الرياض لتقديم العزاء- كما يقول البيان الرسمي العراقي- لم يجد ثمة من يستقبله سوى مساعد محافظ الرياض، يعني بمستوى هو أدنى من الأدنى في سلم الهرم الحكومي في المملكة السعودية!! زين هسه غير كون يستحون ويسكتون.. لا، النوب أسامة النجيفي، يطلع بالإعلام ويگول (الوفد العراقي ناقش مع الأشقاء المسؤولين في المملكة، العلاقات العراقية السعودية، وسبل تطويرها نحو الأرقى)..! يعني العلاقات مع السعودية كانت راقية كلش، وهسه الأخ جاي حتى يخليها تصير أرقى!! والله عجيب، وغريب هذوله الناس.. آني ما أعرف النجيفي ويامن ناقش العلاقات العراقية السعودية وبحث سبل تطويرها، ويه الموظف اللي إستقبلهم بالمطار مثلاً، لو ويه حميدة أم اللبن، لو حسنة ملص؟! هذا كله بكوم.. والكوم الثاني أن وفدنا المهيوب لم يمض للسعودية، ليقدم العزاء في وفاة مشعول اللشة عبد الله، ولا لكي يناقش (سبل) تطوير العلاقات بين البلدين، إنما ذهب ليبايع ملك السعودية الأثول سلمان بن عبد العزيز لا غير. إذ يقول المطلعون: أن الجماعة ذهبوا في يوم البيعة للمبايعة، وليس في يوم التشييع، ليشيعوا، أو يقدموا العزاء، وإلاَّ لماذا ذهبوا في هذا اليوم تحديداً، وبهذا العدد المنوع؟ ألم يكن بالإمكان أن يذهب رئيس الجمهورية وحده، أو نائب عنه؟ فهل في الأمر سِّر مخفي لا يريدون أن نعرفه.. أم إنهم ذهبوا ليبايعوا الملك السعودي بإسمنا جميعا؟ً أموت، وأعرف ليش راحوا بيوم البيعة..!!
أقرأ ايضاً
- متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية
- هل يدير العراقيون ظهورهم لمجالس المحافظات؟