حجم النص
بقلم:احمد الجنديل وسط أجواء الفرح الغامر، وعلى إيقاع المؤتمرات الصحفية المتلاحقة، احتفل البرلمانيون ومعهم حكومتنا الموقرّة بكل تشكيلاتها وأفخاذها وعشاقها بعيد إقرار الميزانية، وتمّ استعراض المنجزات الكبيرة التي سيحصدها الشعب، والمكتسبات العظيمة التي ينالها الفقراء والمساكين من خلال هذا العيد السعيد الذي أشرق من خاصرة التفاهم والانسجام، وتحقق بفضل جهود الخيّرين من قادتنا الذين واصلوا الليل بالنهار من أجل أن يخرج العيد بملابسه الزاهية وطقوسه المثيرة، وهو يحمل بالونات الفرح، و(جراقياّت) النصر، وأناشيد الغد المشرق السعيد. ولكي نشارك قادتنا الفرحة بهذا العيد المبارك، فلابدّ من الظهور أمامهم مهللين ومصفقين وراقصين، فمن الغباء أن يمارس أحد فرحته، وهو مختبئ تحت أظافره، أو نائم خلف أصابعه، وأمامه نفس الوجوه التي مارست النهب والسلب، ولعبت بمقدرات الشعب منذ بدء العملية السياسية التي قادها مجلس الحكم الموقر، وحتى ساعة إقرار الميزانية الجديدة، وراحت تبشر بها باعتبارها عيداً وطنياً كبيراً، كما أنّ من الحماقة أن يتحدث أحد عن ترتيب أوراق اللعبة الجديدة، والجميع يعرف أنّ الفشل الذي يصيب اللعبة، سببه اللاعبون، ومن يريد تغيير اللعبة الفاشلة، عليه أن يغير اللاعبين، قبل السعي بتغيير اللعبة، فمنذ بدء انطلاق العملية السياسية التي أرسى قواعدها الحاكم المدني، والوجوه التي امتهنت الفساد، لا زالت تمارس الدور نفسه، وتتبادل التهاني والتبريكات فيما بينها، وتزّف انتصاراتها على جموع الجائعين والمشردين، وفق إستراتيجية العنف التي انتهجتها تارة، أو إتباع سياسة تحشيد العواطف، وتهييج المشاعر، وترسيخ طريق الدعاية السوداء والتفنن بمفاصلها تارة أخرى، من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من الامتيازات والمنافع الشخصية. لقد امتلك العراق ميزانية فاقت الخيال، ورصيداً مالياً لم يحلم به أحد، وثروة نقدية لم يشهدها البلد عبر مراحل تاريخه، فما الذي حصل ؟ وما هي المكاسب التي تحققت في ظل هذه الميزانية الكبيرة غير المزيد من الأرامل والأيتام والعاطلين والمشردين ؟، ولقد توفرت فرص للبناء والاعمار وتقديم الخدمات للعراق لم تشهدها كل بلدان العالم قبل مجيء فلول داعش الإجرامية، وقبل حدوث حالات التهجير، فهل تعاملنا مع هذه الفرص بما يخدم الوطن والشعب ؟ وهل استطاع أحد من ساستنا أن يستثمرها لصالح أبناء الشعب من الفقراء والمحتاجين والمساكين ؟ إنّ ما نواجهه من محن وويلات، ليس بسبب الأزمات المالية، وليس بسبب أزمة إقرار الميزانية، وإنما بسبب الوجوه التي زرعت بؤر الفساد في كل مكان، وحولت أرض الرافدين إلى حاضنات للرعب والتشرد والحرمان، وجعلت مواطنيه رعايا لا خيار لهم غير خيار الخضوع والانصياع. مبارك عيدكم، أعاده الله عليكم بالمزيد من المكاسب والمنجزات، وكل عام وأنتم بخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله. إلى اللقاء.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- المرجع السيستاني.. المواقف تتكلم
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!