حجم النص
بقلم:احمد الجنديل منذ أن وضعت موازنة 2014 على مائدة البرلمانيين والسياسيين، كوجبة شهية ساخنة، والجميع مشغول بأناقته الفكرية، ولسانه الفصيح، ونرجسيته المتصابية، التي يستطيع أن يخرج من خلالها، بمظهر الوطني الحريص على أموال الشعب وثرواته، ففريق صرحّ وفق ما يمليه دماغه المعاق بضرورة التقشف و فرض الضرائب على السلع التي يحتاجها الناس، وفريق خرج مهللاً ومكبّراً بأن المعالجة يجب ألاّ تمس رواتب الموظفين الصغار، وتجملّ الآخرون بالصمت و بذرف الدموع التي تعلن الأسف لما وصلت إليه الحالة التي نحن فيها، واكتفى ما تبّقى منهم بالوقوف متفرجا ضاحكاً على ما يحدث. ورغم أنّ الفساد المالي والإداري ما زال يسير على طريق معبّد ومريح، وان أموال الشعب ما زالت مشروعاً للنهب والسلب، ورغم أنّ ما حصل من كشف لفضائح الفساد، وما أعقبه من عقوبات، لا يخرج عن دائرة المسكنات، إلا أنّ البرلمانيين وغيرهم، لا زالوا يعتقدون بأن الانهيار الاقتصادي كان بسبب الفقراء والعاطلين والمهجرين والمتقاعدين، ولابد من استهداف هؤلاء لمعالجة الأزمة. إن الذين منّ الله عليهم بالعقل والبصيرة، يدركون جيداً أنّ العجز الحاصل، ليس بسبب تراجع أسعار النفط، ولا بظهور عصابات داعش الإجرامية وما استنزفته من أموال طائلة وأرواح بريئة، وإنما السبب الرئيس يكمن في عجز العقل الذي يدير هذا البلد المثخن بالجراح، والإدارة التي أوصلته إلى هو عليه، عجز الرؤوس التي لا تعرف القيادة، وعجز السياسيين الذين رمتهم الصدفة إلى كراسي المسؤولية، وعجز النفوس الذي أكل المال الحرام كل شعاراتها، وابتلع كل ماضيها التي كانت تتفاخر به، ووفقاً لهذه الحقيقة، فمن الغباء أن يعالج العجز صانعيه ومهندسيه، ومن السذاجة أن يجتمع السارقون والوصوليون والمنافقون والطائفيون ليناقشوا أسباب العجز على مائدة واحدة، وهم من كانوا السبب فيه. نحتاج في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق، إلى صرخة واحدة تقول الحقيقة لفقراء العراق، إلى انتفاضة جادة واحدة تطيح برؤوس الفساد والرذيلة، إلى فعل صادق يعيد قطار الحياة إلى طريقه الصحيح، فالخفافيش لا تنجب عصافير من ذهب، ومن يطالب بالحياة الحرّة الكريمة للشعب والوطن، عليه السعي لاجتثاث الرؤوس المحشوة بالقش، والتي تمادت في غيّها، ويبحث عن السبب الحقيقي، عندها ستورق أرض العراق أمناً وعدلاً وازدهاراً. إلى للقاء.
أقرأ ايضاً
- شيبةٌ تشعلُ العالم( الشيبةُ المظلمة)- الأحزمة والبطون
- يامصر قومي وشدي الحيل
- الرياضة العراقية بين التفلسف والتقشف