التربية والتعليم في العراق شهدت حالة المد والجزر طيلة عقد من الزمن كادت فيه مؤسساتها ان تنهار نهائيا بفعل سياسة الحروب وانشغال البلاد بأزمات اقتصادية متعددة وفي ظل التحولات التي تمر بها العملية السياسية الجديدة كان لابد من إعادة رسم السياسة التعليمية وإحياء منابرها وفق أسس صحيحة تواكب مرحلة التغير ولابد لهذه النهضة ان يكون خلفها رجالات يعيدون إلى قطاع التربية والتعليم في العراق ولقادة التعليم الاعتبار ولجنة التربية والتعليم في مجلس النواب أخذت على عاتقها إعادة ترميم وبناء الأسس العلمية التربوية،

احد أعضاء هذه اللجنة البارزين هو الأستاذ هاشم رضا الخطيب هذا الرجل التربوي الذي عمل بصمت الشيء الكثير من اجل ازدهار التعليم ورد الاعتبار للمعلم والأستاذ والمدرس وصنع الكثير من القرارات في مجلس النواب بصمت وبلا ضجيج إعلامي.. هو تربوي رائد يعرف جديا خبايا الواقع التعليمي مذ كان معلما واستاذا ومديرعاما للتربية حيث استطاع تغيير الكثير من المفاهيم وإعادة ترتيب الأوراق ..ولمعرفة تفاصيل أكثر عن عمل لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب العراقي كان هذا الحوار المفتوح مع النائب الأستاذ هاشم رضا الخطيب وسألناه :

ما هي أهداف لجنة التربية والتعليم وما هي المؤسسات التي تنطوي تحت مسؤوليتكم مباشرة؟

في البداية هذه اللجنة هي رقيبة ومشرفة على وزارات التربية و التعليم العالي والبحث العلمي والعلوم والتكنولوجيا بالإضافة إلى بيت الحكمة وهذا جانب منه والجانب الآخر ان هذه اللجنة فيها تربويون متمكنون وكل جهدهم وإمكانيتهم منذورة لخدمة الوطن حيث بدأت اللجنة منذ اليوم الأول من اجتماعها في 26/6/2006 تعمل بجد ونشاط تحت شعار تحسين الحالة المادية للمعلم وإحياء البنى الأساسية للمؤسسة التربوية هذا الشعار كان هدفا رئيسيا للجنة ومن ثم تطورت الأمور بالاجتماع الثاني حيث طرحت مقترحات بكيفية تحسين الحالة المعاشية للمعلم، وللأمانة والعرفان فقد شاركني في هذه المقترحات مدير حسابات تربية محافظة كربلاء الأستاذ راجح كاظم مجيد الذي بذل جهدا مخلصا في هذا الجانب ورفعت المقترحات بعد إنضاجها الى اللجنة التي أيدتها وتم إرسالها الى وزارة التربية التي تجاوبت معها بشكل فاعل .

وعلى اثر ذلك تحقق التعديل وصار مشروع قانون جديد لسلم الرواتب وبعد مرور سنة من العمل المتواصل التقينا بالسيد رئيس الوزراء وكنت انا المتحدث لطرح قانون سلم الرواتب وكان هذا اللقاء يوم 8 تشرين الأول 2007 وقد أيد السيد رئيس الوزراء الموضوع بالكامل وتم تشكيل لجنه كنت احد أعضائها مع وزير التخطيط ووزير المالية وبعد ان حدث تأخير في تنفيذ القانون اضطررنا الى جمع تواقيع من الإخوة اعضاء مجلس النواب مباشرة للتعجيل في اقراره وجعله حيز التنفيذ فحصلنا على 140 توقيعا من اصل142 كانوا حاضرين والحقيقة ان ما تم التوصل اليه في هذا القانون يلبي طموحنا حيث كان المدرس يتعين براتب( 157الف) والمعلم كان يتعين ب(125 ألف) صار المدرس يصل راتبه الى 450الف في بداية تعينه مع المخصصات.

والحقيقة كان اسعد يوم في حياتي يوم ان اقر هذا القانون ولا توجد كلمات تصف هذا الشعور في تلك اللحظة لأنني شخصيا ساهمت بانجاز هذا القانون وقد تم تكريمي على ذلك، إذن الإنسان قادر بمفردة ان يعمل وان يبدع وان ينتج رغم ان اللجنة كانت السند الأساسي على الإبداع والانجاز وكان على غرار هذا القانون اشتركت اللجنه برمتها لانجاز قانون الخدمة الجامعية الذي أوصل تخصيصات او مخصصات الاستاذ الجامعي الى200% وهذا القانون استقطب الكثير من الكفاءات من خارج العراق لكي يعودون لخدمة وطنهم في الداخل.

خلاصة القول ان لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب العراقي كان هدفها الأول والأخير هو الوطن وكانت لإدارة الدكتور علاء مكي ورئاسته لهذه اللجنة بصمات واضحة في هذه الانجازات وقدم الدعم الكلي لهذا الموضوع وساند بقوة قراراتها ومقترحات اعظائها.

اين وصلت الاستعدادات لتغيير المناهج الدراسية ومتى يتم بذلك؟

اختارت وزارة التربية الدكتور علاء مكي ليكون الممثل في اللجنة العليا فتغيير المناهج وقد تم اختياري ضمن اللجنة وسوف نبدأ بأول كتاب بالأسبوع القادم وستوضع مناهج توافق العصر تجمعنا كأبناء بلد واحد ونبتعد فيها عن ما يفرقنا حيث إننا سنبرز نقاط الاتحاد ونبتعد عن نقاط الخلاف

أين وصل مشروع الزمالات؟

تم التصويت على قانون الزمالات الدراسية الذي من خلاله يحصل الموظف على الزمالة وبراتب كامل مع المخصصات الممنوحه له وسيباشر في تنفيذه قريبا . وسيشجع هذا القانون على فرص تطوير قابلية الموظف وتحسين كفاءاته العلمية مما ينعكس على تطوير مجال عمله .

حصلت كربلاء على المركز الأول في نتائج الامتحانات للمرحلة المتوسطة ..كيف تنظرون لهذه النتيجة؟

هذه القضية ليست وليدة اليوم وسوف اذكر الجانب التاريخي للمعدلات التي حصلت عليها محافظة كربلاء ، في السنة 1986 كنت قد نقلت من محافظة بغداد إلى كربلاء واستلمت إدارة إعدادية كربلاء التي كانت نسبتها متدنية، وكنت مصمما على ان تكون الأولى في المحافظة وفعلا حصلت على المرتبة الأولى بنسبة 55 بالمائة في السنة الأولى لاستلامي اياها وجاءت اعدادية المحمرة الكائنة في الهندية في المركز الثاني بنسبة 53 بالمائة وفي السنة الثانية حصلت اعدادية كربلاء على نسبة 65 بالمائة وكانت الاولى ايضا، وثم طرحت فيما بعد فكرة انشاء اعدادية للمتميزين في المحافظة وتمت موافقة مديرية التربية على ذلك آنذاك وقد أنشئت وسميت بإعدادية الرشيد حيث كانت بداية انشائها في متوسطة (عمار بن ياسر ) سابقا اعدادية كربلاء للبنات حاليا واشتركت في الامتحانات العامة وبلغت نسبة نجاحها 96.5% وجاءت بالمرتبة الثانية على مستوى العراق.

ومن ثم حصلت إعدادية الرشيد ولأول مرة في المحافظة على المركز الاول بنسبة 100 بالمائة ومن نتائج ذلك المنجز أن أكثر من نصف مقاعد كلية الطب التابعة لجامعة بغداد كانت من طلبة هذه الإعدادية فقط، فهكذا كان المستوى في كربلاء مرتفعا وبقى مرتفعا من ذلك الوقت الى يومنا الحالي. مما يؤكد ان لمحافظة كربلاء رصانة تربوية متجذرة في أجواء وحاضنة مجتمعها المحب للعلم والعلماء، إضافة إلى وجود كوكبة من المعلمين والأساتذة التربويين الذين يسمون بمهنة التدريس إلى منزلة العبادة ووجوب إتقانها بمهنية وشرف.

ما الذي قدمته اللجنة فيما يخص سلم الرواتب وقانون الخدمة الجامعية؟

أنجزنا سلم الرواتب وقانون الخدمة الجامعية وأمور كثيرة، وانصرفت اللجنة مره أخرى لتحسين الحالة المتقاعد المعاشية ،وقد خولتني اللجنة لدراسة هذا الموضوع ، وقد فعلت ذلك، برفع توصية الى رئيس الوزراء تشرح الكيفية لتحقق متطلبات المتقاعدين انطلاقا من المادة رقم 30 من قانون التقاعد الموحد المعدل حول زيادة تخصيصات المتقاعدين بنسبة 50 بالمائة وقد وعد السيد رئيس الوزراء مشكورا خيرا في هذا الخصوص وتمت متابعة الموضوع من خلال اللجنة، وقام وزير المالية بتكليف لجنة مختصة شكلت قبل شهر لدراسة زيادة التخصيصات التي ستعرض على البرلمان.

كما كلفت شخصيا من قبل لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب بإنهاء موضوع تسكين الرواتب الذي سيصبح بموجبة بإمكان المدرس الوصول الى الدرجة الأولى وهي درجة المدير العام ، في الوقت الذي كان يقف فيها عند الدرجة الثالثة في السلم السابق . كما قدمت مقترحا يقضي بتقليص نصاب حصص المدرس والمعلم .

ماذا تعني بمصطلح تقليل النصاب؟

ثمة سؤال مفاده من يمكن ان ينتج أكثر؟ الذي يعمل ثلاث ساعات؟ أم من يعمل خمس ساعات في اليوم ، من المؤكد أن التدريسي الذي يعمل ثلاث ساعات فقط يوميا سيقدم جهدا أكثر نفعا للطالب، وهذا ما نبغيه وهو ذاته ما تقوم بالعمل عليه الدول المتطورة تعليميا،علما أن ذلك سيوفر فرص لتعيين الخريجين الجدد وقد تمت الموافقة على هذا المقترح من قبل وزير التربية، ونحن ماضون بمتابعة انجازه في لجنة التربية والتعليم .

نسبة الأمية في المجتمع ما زالت مرتفعة ، فما الذي قدمتموه في هذا الشأن؟

نحن نعمل الآن على سن قانون محو الأمية علما إن الأمية في العراق تتراوح بين سبعة الى ثمانية مليون أمي، وهو عدد كبير ولا يمكن لأي شعب أن يواصل التطور والأعمار من دون معرفة القراءة والكتابة، وهذه النسبة موجودة ضمن إحصائيات اليونسكو.وحالما نخلص من وضع القانون سيكون هناك في كل محافظة جهة مختصة تأخذ على عاتقها مسؤولية النهوض بمهمة القضاء على نسب الأمية المرتفعة فيها بعد وضع البرامج والمناهج والأسس العلمية الصحيحة لان حالة البناء والأعمار ستكون ناقصة إذا لم نلتفت إلى بناء وأعمار الفرد أولا.

ما هي حدود العلاقة بين لجنة التربية والتعليم والوزارات والجهات المعنية بالشأن التربوي والتعليمي؟

نعم هناك تعاون مستمر مع الجهات الوزارية التي لها ارتباطات مع لجنة التربية والتعليم فانا المنسق بين اللجنة ووزارة التربية ،الحقيقة وجدنا تجاوب كبير من قبل السيد وزير التربية الذي زار لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب فكان أكثر الوزراء زيارة للجنة وان معظم الأمور كنا نحلها من خلال الاتفاق كذلك الحال بالنسبة للتعليم العالي وان هذا التنسيق الحاصل في لجنة التربية والتعليم ان استمر يصبح مثالا يقتدى به خلال الدورات القادمة.

ماذا عن الجانب الصحي في المدارس ؟

سنضع أليه جديدة للعمل بموجبها بالتعاون مع وزارة الصحة لإنقاذ المدارس التي تشكو من الوضع الصحي المتردي فيها وسيكون للجنة التربية دور كبير في تأسيس البناء الصحي السليم لمدارسنا علما. واللجنة على استعداد لتلقي أي إشارة من أي مدرسة في العراق لا يتم فيها تحسين الوضع الصحي وسنتخذ الإجراء السريع لمعالجته لان هناك أموال كثيرة تم صرفها في هذا المجال .

ماذا عن الكفاءات العلمية التي في الخارج هل تم وضع آلية مناسبة لعودتها؟

البلد بحاجة الى كفاءات والكثير من الذين عادوا الى بلدهم يمتلكون كفاءات في مختلف التخصصات وان لجنة التربية في مجلس النواب تسعى الى سن قانون يكون فيه الأستاذ ومساعد الأستاذ في الجامعة يمتد عمره الوظيفي الى 80 عاما ولكن وفق الضوابط ومنها حاجة الكلية أليه و تأييد اللجنة الطبية عن مدى استطاعته بالاستمرار في العمل. وسيضمن ذلك الاستفادة من احتواء الأعداد واستمرار عطاء الكفاءات العلمية .

كيف يمكن استيعاب إعداد الخريجين المتزايدة؟

يتم ذلك بوضع إستراتيجية في التخطيط لحاجة البلد الى الموارد والطاقات البشرية وهذا للأسف لم يتحقق حتى ألان لمعرفة مدى حاجتنا الى مهندسين او اطباء او مهنيين وغيرهم حسب حاجة النمو والتطور الذي يشهده البلد ، رغم ذلك فان تعيينات الخرجيين مستمرة ، لذلك نلاحظ ان منتسبي وزارة التربية في كربلاء على سبيل المثال أصبح أكثر من 35الف منتسب حاليا بعد ان كان في عام 2004 يصل الى ( 16 الف) منتسبا حيث ان هذا العدد تضاعف خلال خمسة أعوام وهذا لا يكفي لان البنى التحتية في البلد كانت قد تعرضت الى تدمير شامل وان بنائه يحتاج إلى وقت طويل لاستيعاب الموارد والطاقات .

كيف تقرءا مستقبل التربية والتعليم في العراق؟

بحكم تجربتي الطويلة في مجال التعليم والإدارة استطيع القول ان العراق يمتلك من مقومات النهوض والتطور الشيء الكثير فهو يمتلك شعبا لا يستكين على حال رغم مروره بأزمات متعددة فهو يقهرها ويواصل مسيرته والعراق يمتلك من الطاقات العلمية والتربوية ما يجعله في مقدمة الدول المتقدمة في هذا المضار وسيحقق أبناءه نتائج مؤثرة وفاعلة في عملية النمو والتطور إذا ما أحسنا التخطيط لها ووضع البرامج العلمية وتوجيهها الوجهة الصحيحة .

حاوره /سلام محمد، تيسير سعيد