حجم النص
تقرير /علي حمزة الصوفي استمرت آثار الأزمة الاقتصادية في العراق للفترة من 1929-1933م، وبحكم الهيمنة البريطانية على التجارة الخارجية للعراق، فقد تأثـرت المدن العراقية الثلاث بهذه الأزمة، ففي بغداد برزت ظاهرة الركود والكساد التجاري والإفلاس المالي، إثر توقف حركة الاستيرادت إلى العراق. أما في البصرة فكانت أسعار الحنطة عام 1930م اقل من أجـور نقلها من المناطق الشـمالية إليها، كذلك أجـور الخزن لانتظار التصدير أعلى من أجـور البضاعة نفسها،نتيجة لرخص أثمان السلع والبضـائع في الأسواق العالمية. وزادت من مضاعفات الأزمة في تجارة التصدير العراقية عوامل داخلية منها رداءة أصناف الحبوب والجلود والأصواف والتمور، فضلا عن قساوة الأحوال الجوية وصاله الغلة وهلاك المواشي، وما أصاب أشجار النخيل من وباء حشرة الغبار عام 1932م، يضاف إلى ذلك أن أسعار الشعير قد تدهورت في عام 1929م، لا بل عم هبوط الأسعار سائر الحاصلات الزراعية الأخرى فكان يتراوح في صيف 1930م، ما بين (40% ـ50%) من معدل أسعار السنة السابقة). أما في الموصل فقد هبطت أسعار الحبوب بشكل كبير أثناء الأزمة، ففي عام 1931م أصبحت وزنة الحنطة الموصلية من النوع الجيد تباع بـ (6) أنات والشعير بـ (3) أنات. أما تجارة الحيوانات فلم تسلم من تلك الأزمة،فقد كان تجار الموصل يصدرون الأبقار والجواميس إلى مصر عن طريق سوريا نحو ما يقارب (20) ألف رأساً، وتجلب هذه التجارة أرباحا كثيرة للعراق تصل إلى المليون روبية، ولكن حكومتي تركيا وسوريا ضربتا هذه التجارة في الصميم وذلك بمنعها عبور هذه الحيوانات بدعوى وجود الأمراض فيها، وأدى هذا إلى أضرار بالغة في هذه التجارة. كما لم تسلم تجارة الأغنام والحيوانات الأخرى من تداعيات تلك الأزمة والإجراءات الوقائية للدول المجاورة للعراق، فضلا عما كان يفرض في العراق على الأغنام والأبقار والجمال المصدرة إلى الخارج عن طريق الجزيرة ـ سوريا، ما يعرف بـ (الخوة) من قبل شيوخ وعشائر شمر ومنهم الشيخ عجيل الياور، مما أدى إلى رفع برقية إلى الحكومة العراقية من قبل تجار واعيان وأهالي الموصل يطلبون فيها رفع هذه الضريبة القسـرية، وقد عرضت هذه البرقية على مجلس النواب العراقي، وتـم الاتفاق على إلغائها في عام 1932م. أثرت الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد العراقي بشكل عام، وتعرضت البلاد إلى كساد تجاري وضيق اقتصادي أرهقا الناس جميعا، فضلاً عن الميزانيـة العامة للبلاد التي كانت تعاني من صعوبات دفع النفقات اليومية ورواتب الموظفين، وقد طرأ تغيير إيجابي على الوضع المالي للعراق عام 1932م، فالخطط الاقتصادية البعيدة المدى التي وأقرتها الوزارة السعدية الأولى (23 آذار 1930-19 تشرين الأول 1931م)، خففت العجز المالي نوعاً ما، فأصبحت الواردات تزيد على المصارفات فضلاً عن استحقاق ملكيات النفط في عام 1933م. أُغرق الاقتصاد العراقي مع بداية الثلاثينات بالمنتجات الرخيصة (خصوصاً المصنوعة في اليابان)، في حين كان العراق لا يملك الحرية الكاملة في اتخاذ الخطوات المناسبة للرد أو الحماية الاقتصادية،وفي الوقت الذي كانت معظم صادراته تستوعبها بريطانيا، والتي اشترت في عامي 1931/1932م نحو ما يقرب 60% من حبوبه، و70% من جلوده، و90% من قطنه الخام، و30% من تموره المجففة (فيما عدا النفط)، كما اشتكى التجار العراقيين من البضائع الروسية واليابانية التي أغرقت السوق العراقية،، بينما لم تكن تشتري منه إلا القليل جداً، فاليابان مثلاً استورد منها العراق سلعاً قطنية وحريرية بقيمة (14) مليون روبية في عامي 1931/1932م، بينما كان كل ما استوردته اليابان هو (191) صندوق من التمر المجفف، كذلك فرضت ألمانيا رسوماً كمركية عالية على الاذرة العراقية لمنع المنافسة مع الاذرة الألمانية، فيما فرضت إيران قيوداً على العملة الأجنبية في تجارتها مع العراق، وأخيرا حذفت بريطانيا اسم العراق من قائمة (البلدان ذات الأفضلية الأولى) في سنوات الأزمة الاقتصادية العالمية. ضعفت القوة الشرائية للسكان في العراق، مما أوجد فائضاً إنتاجيا لدى المزارعين، وحملهم هذا على عدم حصاد مزروعاتهم وترك حقولهم
أقرأ ايضاً
- ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية
- العراق يحدد شرطا لتزويد سوريا بالنفط والحبوب
- العراق يحوّل "نفاياته" إلى كهرباء