حجم النص
بقلم:علي عبد الزهرة كفكف الأوراق عن مكتبه، بعدما أنهى بريده مستعجلاً نحو السرير، فخلد إلى النوم ليستيقظ مبكراً، كي لا يتأخر عن لقاء زملاءه علّه يقنعهم بفكرته قبل جلوسهم تحت سقف "القبة" متناكفين.. وفي الطريق تذكر انه نسي أن يقبل زوجته وطفلته الصغيرة ويودع ابنه الأكبر، لكنه لم يكترث فهدفه أسمى، وواصل طريقه الذي كان محفوفاً بطوابير السيطرات. دخل مهرولاً، بعد تأخره رغم العناء، فوجد الأروقة مملوءة بالهدوء، فتيقن أن القاعة ستكون مكتظة بالتقاطعات بين الفرق السياسية - فكل فريق بما لديهم يشمرون – لذا استمر مسرعاً حتى بلغ الباب الذي لا يدخله إلا المحصنون.. حاول أن يتفحص المواقف قبيل النزول إلى ساحة المزايدة، فكان الرعب حليفه حالما وضع أذنيه وراء الباب. قرر التأكد من سلامة حاسة السمع لديه بعينيه، حينها امسك مقبض الباب وفتحه بلهفة مشتاق.. وجد ما لم يتوقعه يوما، فعرف سر الهدوء الذي ملئ الأروقة، والصفاء الذي ادخل الرعب إلى أذنيه، عندما أكدت له عيناه بان زملاءه قد فضوا النزاع بأقصر الطرق وأعلنوا أن الموازنة العامة للدولة ليست أهم من تفرغ النواب إلى حملاتهم الانتخابية التي طرقت الأبواب مبكراً هذه المرة، لذا تم الاتفاق على المراوغة الإعلامية فقط، من اجل تجميل "البوسترات" الإعلانية بالمطالبة بإقرار الموازنة وقانون الأحزاب وقانون النفط والغاز بالإضافة إلى قانون مجلس الخدمة الاتحادي. عاد إلى منزله والحيرة تتنافس مع تأنيب الضمير، إلا إن كلتا الحالتين أوصلتاه إلى رؤية واضحة المخالب: "إن شاركتُ بالانتخابات المقبلة ورُفِعَتْ صوري على أعمدة الكهرباء ولوحات الإعلانات الضوئية، وأنا احد المشاركين بتغييب مصلحة الشعب من اجل تمشية أموري المادية والمقاولاتية والحزبية الانتخابية.. كلا لن أكون كذلك الموت أفضل من ركوب العار".. *رغم انه ما يزال مجرد حلم بوجود نائب يمثل الشعب لا يمثل عليه، لكن بعض الأحلام قد تتحقق.. تفاءلوا فأن البرلمان يميت المتفائلين!!!