- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تشرق بهجة زينب عليها السلام في سماء طيبة
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال الشمس في خجل غدت تتأهب نثرت أزاهير الرياض أريجها إن الملائكة الكرام تبشرت البدر يسال والشموس تجيبه قالت وهللت النجوم لقولها لرحيلها لما دعاها المغرب كي من شذاها كلنا نتطيب نزلت بمقدم من أنار ترحب لما رآها غفلة تتحجب حلت بدار أبي تراب زينب لم تكن الكتابة عن كل الشخصيات مستعصية على الكاتب لكنها تستعصي عليه حين ينوي أن يخوض غمار الحديث السردي عن شخصية السيدة زينب عليها السلام كون أن قراءة شخصيتها والكتابة عن بعض ملامحها لم يكن بالعمل اليسير في تكويناتها وتوهجات تركيباتها فما أن ينوي المرء أن يخوض هذا الغمار حتى تتجلى له العظمة وتتراءى له المشاهد التاريخية التي اختصت بتجسيدها هذه السيدة العظيمة التي يمكن أن تكون انموذجا للمرأة العصرية ولم تختص أو تتحد بعصرها إنما تلائم كل العصور وتواكب مجريات انبهارها وتضاهي توهجها الحضاري لم ترتسم في شخصيتها مكونات ومقومات الذات الزكية النقية فحسب إنما انغمست واختلطت جوهرية الخصائص الملائكية والتصقت مع عظمة روحها القدسية ونمت فيها الفضائل والمناقب لتصلح في تقويم معالم التأريخ حين يود التأريخ أن يحسن وجهه من خلال مجرياته لقد قرأت السيدة زينب عليها السلام التاريخ بدقة متناهية وأخبرت كل كوامنه واطلعت على عواهنه ولكي يسلم من وصمات تكاد تشين على جلالته ساهمت في صنعه مساهمة بما يحرز منه الفخر والمجد والظفر واستطاعت أن تكتب بجهادها فصولا شخصت فيها مواطن الخنوع والذل ومحتها عنه بمواقفها الجليلة المباركة وسردت جزئيات أحداث لم تقع بعد وأخبرت بوقوعها قبل أوانها وقلبت موازين كثيرة. جادت بنفسها.. قدمت ما قل أن تضحي به أية أم أو أخت أو زوجة أو بنت. لم تكن تحتفظ بل تعتز اعتزازا لا مثيل له بالقيم والمبادئ التي تفخر بذكرها الأمهات الكريمات وتتمنى أن تتضمخ بزهوه وبهائه وجلالته وتنتسب إلى أصالته انتسابا حقيقيا لا مجازيا أو انتماء صادقا يميزها عن سواها. إذا قيل أن دورها الحقيقي بدأ بعد مأساة الطف فذلك ما يحتاج للتدقيق والتحقيق والتصحيح والتنقيح إذ هو ليس كما يقال فإن لم تكن بكامل استعدادها وقابليتها مؤهلة ومهيأة لهذا الدور الكبير لما استطاعت أن تتقلد وسامه فقد نمت فيها صفات وخصال ورثتها من جدها وأمها وأبيها ومنها ملكات القيادة لذا استطاعت أن تقود ركبا انفرد في تكوينه وفي قيادته. ولما ورثت علما غزيرا وقال فيها إمام معصوم وهو لا يقول إلا الحق: أنت عالمة غير معلمة) وقفت تؤازر رجلا كأنها تعلم أنه يوما سيرحل محمولا على أكف ملائكة السماء لتزفه إلى الجنان في درجة الوسيلة التي هي موطن جده الأعظم صلى الله عليه وآله.فكانت نعم المؤازِرة لنعم المُؤازَر لم تكن مولاتنا السيدة زينب عليها السلام امرأة نخبت أسوار عاطفتها النوائب وأصابتها سهام المصائب والنكبات فأردتها صريعة على ضفاف اليأس بل هي التي كسرت كل سهام الدواهي وعرجت بإسراء التحدي إلى أعالي سموات المجد فظل أهل السموات والأرض يزينون بها زهو عصور الإعتصام بحبل الله. هي فارسة امتطت صهوة الجلد واجتازت بيداء الصبر التي لم ولن يجتازها أحد بمثل ذلك الإقتحام تبا لمدبر عن ولائها ومتحرف لعصبة ظلمت آل محمد صلى الله عليه وآله.. وبنور جلالتها وقدسها وبذكرها فليعتصم المعتصمون وبنهجها فليتمسك المتمسكون وطوبى لهم إن صنعوا ذلك الصنيع. طوبى لتأريخ يدون في صفحاته اسم زينب ابنة أمير المؤمنين وإمام المتقيين وسيد الموحدين علي عليهما السلام. فهي الصديقة الصغرى..وهي الإيمان وهي العفة..وهي المرشدة إلى الصراط المستقيم مثلما ترشد إلى القيم والمبادئ وهي المجد والفخر والعز..وهي الفكر النير.. وهي الثورة.. وهي النور الذي يخترق القلوب السليمة الخالية من زيغ أو مرض أو درن فيزيدها إيمانا فوق إيمانها ويكشف عنها الكرب والهم والغم. تهاني وتبريكات بعدد دقات القلوب ورمشات العيون لكل موال يهوي فؤاده ليسجد في محراب الإيمان ويسبح شكرا لله على نعمة المولاة ويتهجد بمناجات يبدأها بالآية الكريمة (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) ـ الشورى /23 كل ذلك بحلول مناسبة ولادة السيدة زينب عليها السلام