حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ ساهمت العولمة في سهولة ومرونة تدفق المعلومات التي تتعلق بالتشيع والشيعة وآثار أهل بيت العصمة (عليهم السلام) مايمكن ان نُطلق على عصرنا هذا بعصر عولمة التشيع او التشيع المعولَم فلم يعد بإمكان احد (لاسيما أعداء اهل البيت او النواصب) ان يحظر او يَحجر او يُخفي او يُضلل اية معلومة تخص التشيع، وحتى المعلومات والحقائق المضللة او المنحرفة التي تُمرر على المسلمين وتستغفلهم وتجد لها سوقا رائجة او آذانا صاغية فلها ما يقابلها او يناظرها من معلومات تشي بالصحيح عبر جميع وسائل الميديا التي تشهد انفجارا غير مسبوق لاسيما الفضائيات الشيعية المنتشرة عبر الأثير العالمي والإسلامي، فلم تعد المعلومة حِكرا او ملكا لجهة ضد اخرى كما في السابق، والمقصود بالأثير الإسلامي جمهور المسلمين في أصقاع الارض كافة وبكافة مذاهبهم ونِحلهم ومشاربهم الفقهية والاصولية وجميع المستويات الادراكية والعلمية والعقلية وهي اغلبها تتبع مذاهب اخرى غير مذهب اهل بيت النبوة، ومن الطبيعي بمكان ان تتواشج بحكم خلفياتها المذهبية والطائفية وتتأثر تأثرا مطردا مع ما يُطرح في أثيرها وفي بقية الوسائل الإعلامية وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي من أفكار وعقائد وفلسفات ورؤى وتنظيرات وتحليلات وتأويلات وتفسيرات واخيرا "فتاوى" تصب كلها في الاتجاه المناوئ والمعادي لنهج أهل البيت ونجد بعض ذلك الأثر واضحا في تنامي الهجمات الإرهابية الشرسة سواء على مستوى القتل والتخريب او على مستوى الفكر والتفكير وكلا الاتجاهين ينحوان منحى التكفير ومعاداة الشيعة وتشويه معالم التشيع وتصنيفه للرأي العام العالمي على كونه دينا آخر لايمت للإسلام بأية صلة رابطين التشيع بالغنوصية والمزدكية والمجوسية واخيرا الصفوية فتكون صورة الشيعة أمام الرأي العام العالمي وأمام جمهور المسلمين ضمن هذا السياق الانحرافي التسقيطي الالغائي . وهنا تبرز أهمية العولمة في إيضاح الحقائق التي مافتئ وعاظ السلاطين وأرباب الضلالة والتكفير عاكفين على تطميسها إمام جمهورهم المضلَّل والمخدوع طيلة القرون الماضية.. القرون التي أرشفت تاريخها ودوَّنت أفكارها الماكينة الإعلامية الهائلة لبني امية وبني العباس وبني عثمان واصطبغت فيما بعد بالصراع السياسي / الطائفي بين العثمانيين والدولة الصفوية،ناهيك عن انتشار عشرات الفرق والنِحل والحركات الشاذة التي حُسبت على حظيرة الاسلام وساعد على ذلك الانتشار،الحكومات التي تربعت على سدة الخلافة التي سرقوها من اهل البيت الذين نصبهم الله خلفاء،يضاف الى ذلك محاولات سلطات الخلفاء الجائرة خرقَ التشيع إبان حياة المعصومين (عليهم السلام) وفي عصر الغيبتين للإمام الحجة (عج)والى هذا اليوم باجتزاء واختراع فرق محسوبة على حظيرة التشيع نفسه فالتبست الحقائق وتشابكت المعلومات،واذا اضفنا الى كل ذلك محاولات الطمس والتكفير وصولا الى القتل والذبح على هوية التشيع وموالاة أئمة الحق (عليهم السلام)،فالعولمة حاولت ان ترفع اللبس وتزيل الغموض وتفك الاشتباك وتضع الامور في نصابها وهذا مانجده واضحا في الكثير من الفضائيات الشيعية بكل اتجاهاتها المرجعية رغم سطحية الطرح العقائدي والأيدلوجي للبعض منها وقلة مهنية البعض الاخر وسذاجة طرح البعض الاخر بالاعتماد على بث الجزئيات ومسائل الخلاف التاريخي اكثر من طرحها للكليات وأساسيات التشيع وأصول الدين وفروعه على المذهب الجعفري فان تلكم الفضائيات ساهمت مساهمة فعالة في تقريب وتوضيح الصورة الى ذهن المتلقي في كل مكان فلم يعد التشيع "رجزا" من عمل الشيطان كما صوره فقهاء السوء وعلماء الضلالة بل هو فكر كان محجورا ومظلوما في الوقت نفسه ما أثمر عن انتشار التشيع بشكل غير متوقع، فضلا عن تزايد أعداد المستبصرين والمتنورين الذين هداهم الله الى حقيقة آل محمد (صلى الله عليه وآله) ولايقتصر الأمر على الفضائيات بل ويمتد الى وسائل الاتصال الاجتماعي كالانترنت والفيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها وبإمكان أي مستخدم ان يجد على محرك البحث "غوغل" كل ما يتعلق بالشيعة والتشيع بسهولة فائقة. كما ساهمت العولمة في نقل الصورة المشرقة لتاريخ التشيع (حياة وسير الائمة المعصومين) وحاضر الشيعة(سير ومواقف مراجعهم المجتهدين) والفكر الشيعي، انه بحق عصر سقوط الحواجز والسُتر والقيود والحدود التي تحجز وتمنع المعلومة الشيعية من ان تتدفق بسهولة للمتلقي رغم شراسة الموانع والقيود التي تضعها الكثير من الحكومات التي تعتبر انتشار التشيع في بلدانها خرقا عقائديا وبنيويا وقيميا خطيرا بل وتعتبره "تبشيرا" بدين أخر كما كان يصرح د. علي الطيب إمام الازهر بان الازهر لايسمح للتشيع بالتبشير في مصر لان مصر بلد سني مغلق وهو ما سمح للغوغاء السلفيين بقتل الشهيد العلامة حسن شحاته (رض) وكان الازهر اول المتفرجين لان المقتول رجل شيعي وقس على هذا المنوال في بقية البلدان التي فيها مسلمون. إعلامي وكاتب مستقل [email protected]