حجم النص
بقلم:جمال الدين الشهرستاني الملاحم و المآثر عبر التاريخ بناها البعض أو الاصح النوادر من ابناء ادم وحواء هم الذين بقيت اثارهم ودروسهم الاف السنين تتحدث بها الاجيال ويكتبها الكتاب ويحكيها الحكواتيه وترويها الرواة و تتمثل بها الحكماء و العارفين و تتغنى بها الشعوب الطالبة للحرية والعز. كل ذلك بالرغم من البعد الزمني واختلاف الانظمة وسيطرة الطغاة على منابع الحياة و تسيرها لطريقة كتابة التاريخ و تحديد العقول، الا ان اصل القضية يبقى من الحقائق و لا تشوبه شائبة، وترى كل هذه الملاحم التاريخية اساسها او بناءها الدرامي هو تعدي الباطل واعوانه على الحق واصحابه. ومنذ تعدي قابيل على هابيل ودموع ادم وحواء تنهمر لتطهير دنس هذا الاعتداء، ودموع الانبياء والاولياء و دعواتهم تتوالى للتعبير عن الشجب والاستنكار والادانة لتعديات الباطل المستمرة على الحق واهله ومحاولة لمنعه من كسب الاعوان بالمال تارة واخرى بالحديد. الثورة الحسينية واليوم يوافق على مرورها 1374 سنة ولم تفقد بريقها او أثارها و حتى أحداثها، و كل عام عند قراءة قصتها فكأنما حدثت قبل عام أو بالأحرى نعيش أحداثها اليوم والساعة.إنها الرسالة الحية المستمرة والمستديمة والمتألقة بوهج الايمان و المعتقد والراسخة في العقل الباطن لكل متذوق للحياة أوكل منتظر لساعات الاخرة، فالإمام الحسين عليه السلام اول وآخر شهيد على وجه الارض بل في هذا الكون ينعى ويبكى عليه في يوم ولادته، وهذا بالدليل المتفق عليه في روايات العامة والخاصة. فلذلك أول من اسس للجانب العاطفي في القضية الحسينية هو الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم حين بكى عليه يوم ولادته، وقبل جيده، ومرة اخرى حين بكى وسلم قبضة من تراب كربلاء المقدسة الى ام سلمة رض، فاعلن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم بداية الشعائر الحسينية بدموعه المباركة المقدسة، واستمرار هذه الشعائر وسعتها وانتشارها يجب ان يكون بها بيان رونق و زهو و قيمة و نصوع الثورة الحسينية المقدسة ومفاهيمها الحقة. وان الثورة الحسينية المباركة واستمرارها حدثا و تأثيرا يثبت بالدليل العقلي ان الدماء والدموع متلازمتان لتطهير الارض من دنس الشيطان واعوانه و رجسه، وانهما ثبتا الشارع المقدس بعيدا عن الانحراف والاهواء والاعيب طلاب الدنيا ومغرياتها و سموم ادعياء الدين، ومستحلي ما لا يحل لهم من صفة ورغبات شيطانية الغرض منها الاستفادة الدنيوية على حساب الحق و طلابه. انها صرخة الامام علي بن الحسين عليهما السلام قبل اكثر من 1300 عام وهو يقول كلام رزينا حكيما وقانونا لو استمعت له الاوباش الذين اقبلوا لقتالهم وسبي حرائرهم حين قال: ((لله فيه رضى و للناس أجر وثواب)) انها الشعائر الحسينية المتصلة والمتواصلة رغم كل ما تحاوله العقول الضيقة الافق تارة بمحاولتها طمس الشعائر واخرى بزيادة مفرطة تبعد المؤمن المخلص والمحب المتفاني عن جادة الصواب. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين.